مزارعو العراق.. جفاف
في الجنوب وحرائق في الشمال
لموقع (أنكستيك) الأمريكي، كتب عمر حميد بياتو مقالاً بعنوان (المزارعون العراقيون يخسرون معركتهم من أجل البقاء) جاء فيه بأن الواحات الخصبة التي كانت تطل في الجنوب على نهر الفرات، تحولت تدريجياً الآن إلى أرض قاحلة، بسبب تغير المناخ وسوء الإدارة الحكومية.
خسائر كبيرة
ونقلاً عن منظمة هيومن رايتس ووتش، ذكر المقال بإن العراق، يفقد حوالي 250 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الصالحة للزراعة كل عام، جراء قيام جارتيه، تركيا وإيران، ببناء السدود على نهريه الكبيرين، دجلة والفرات، واللذين ينبعان من أراضيهما. كما لعب ارتفاع معدلات التبخر بسبب تغير المناخ دوراً إضافياً في خفض تدفقات المياه في النهرين بنسبة 75 في المائة خلال نصف قرن، الأمر الذي سمح بتسرب المياه المالحة من بحر العرب إلى الأنهار، وحول الأراضي الخصبة سابقًا إلى أراضٍ قاحلة.
أساليب ري متقادمة
وأشار المقال إلى أن معظم المزارعين العراقيين، يسقون أراضيهم ومنذ أجيال، بطريقة الري بالغمر، وهي الطريقة التي انتقدتها الحكومة ودعت إلى استخدام الري بالتنقيط كحل أكثر استدامة وسط نقص المياه المستمر، رغم أن الطريقة لا تصلح، وفق خبرة المزارعين، لحقول الخضروات، ناهيك عن حرمان السكان من تربية الأسماك، التي تعّد مصدر رزقهم وأمنهم الغذائي. كما أن استخدام المزارعين للري بالتنقيط، لا يجنب الحقول المستويات العالية من الملوحة جراء فقدان المبازل التي يتم تصريف المياة الزائدة بواسطتها بشكل صحيح.
تهالك البنى التحتية
وأضاف الكاتب بأنه وعلى الرغم من إصرار الحكومة على إن الحل يكمن في تغيير أنظمة الري، فإن المشكلة الحقيقية أعمق من ذلك بكثير، وتتعلق بفوضى البنية التحتية وخرابها، لاسيما خلال سنوات الحرب ومكافحة تنظيم داعش الإرهابي والتركيز على أرباح النفط قصيرة الأجل وإهمال الأنتاج الزراعي الذي تراجع كثيراً في أجندة الحكومة.
وأشار المقال إلى أن معظم مزارعي المناطق هم من صغار ملاك الأراضي الذين يعتمدون فقط على مزارعهم في معيشتهم، ولا يمكنهم تحمل تكاليف شراء المعدات المطلوبة دون مساعدة حكومية. ومع ذلك، فإن الفساد المتفشي في مفاصل الدولة يلتهم معظم الإعانات الخاصة بتعميم أنظمة الري بالتنقيط التي تتعامل معها الحكومة، فيما يتسرب ما ينجو منها من سطوة اللصوص، إلى ملاك الأراضي الأقوياء المرتبطين بالأحزاب السياسية والقوى النافذة.
الهجرة نحو المدينة
ووصف الكاتب المشهد في جنوب العراق بالقاتم.، حيث تجف المجاري المائية لنهر الفرات بشكل شبه كامل خلال أشهر الصيف، تاركةً بعض البرك العرضية من الماء والملح وجثث الجاموس التي لا تستطيع أجسادها تحّمل كمية الملح الموجودة في الماء، ومزارع نخيل مهجورة وسط حقول غاز مشتعلة. وزعم المقال وفقًا لتقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش، وجود صلة بين حرق الغاز، الذي تنبعث منه غازات سامة في الهواء، وزيادة حالات الإصابة بالسرطان في جميع أنحاء الجنوب، وهو ما دفع بأكثر من 55000 فرد بين عامي 2016 و2022 إلى الفرار للمناطق الحضرية، بحثاً عن العمل فيها كعمال مؤقتين على الأغلب.
حرائق الشمال
موقع (باكس) من جانبه نشر تقريراً عن حرائق الغابات المشتعلة في أنحاء كردستان العراق، والتي يكشفها دخان كثيف وألسنة لهب وسط جبال زاغروس الحرجية نتيجة للغارات الجوية والقصف المدفعي الذي تشنه القوات التركية في سياق صراعها ضد حزب العمال الكردستاني.
وأضاف التقرير إلى أن الآلاف من المدنيين قد أجبروا على الفرار من منازلهم، وفقدوا سبل عيشهم مع اشتعال الحرب التي تتواصل منذ عقود مسببة أزمة إنسانية حادة وتدهوراً بيئياً يهدد التنوع البيولوجي وسبل العيش في المنطقة، وخاصة في جبال زاغروس، ملاذ الحياة البرية والنباتات الفريدة.
وإنتقد التقرير قيام الحكومات في مؤتمرات دولية عديدة بمناقشة تأثير عوامل مختلفة على تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتلوث، في وقت تتجاهل فيه الصراع المسلح كعامل مساهم في هذه الأزمة، مؤكداً بأن دراسات منظمة باكس قد وجدت علاقة قوية بين العمليات العسكرية وحرائق الغابات، وإن 7 في المائة على الأقل من الأراضي المحروقة ناجمة عن الغارات الجوية أو القصف الذي تشنه تركيا على مواقع مشتبه بها لمسلحي حزب العمال الكردستاني.