اخر الاخبار

تشكّل ظاهرة تفشي السلاح خارج سيطرة الدولة أحد أبرز التحديات التي تواجه الحكومة، التي لم يبقَ من عمرها سوى عشرة أشهر، بينما تتعاظم ترسانة الأجنحة المسلحة للأحزاب، وسلاح الفصائل، الأمر الذي يسمح بتحويل منطقة ما ـ في أي لحظة ـ إلى ساحة حرب، وهذا ما خبره مواطنو مناطق مختلفة من البلاد.

ولا يقف السلاح المنفلت عند التهديد الداخلي، بل أصبح ذريعة لتدخل أطراف خارجية في شؤون العراق، ما يجعل التعامل مع هذا الملف ضرورة ملحة.

ومع امتلاك العراق قوات أمنية مدربة وجيش مقتدر، يبقى التحدي الحقيقي متمثلاً في إيجاد حلول سلمية عبر الحوار السياسي والتفاوض مع الأطراف المسلحة، دون الانزلاق نحو صدامات قد تعمق الأزمة. فهل ستنجح الحكومة في كسب هذا الرهان والوصول إلى حصر السلاح بيد الدولة  وتحقيق احدى الفقرات  البرنامجية للحكومة ، أم أن تعقيدات المشهد ستبقي هذا السلاح حجر عثرة أمام بناء الدولة القوية ؟

ضرورة لا بدّ منها

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر وتوت قال انه "لا بد من أن يكون السلاح بيد الدولة فقط. وبغير هذا لا يمكن لنا السيطرة وان نكون دولة قوية في ظل تعدد مصادر القرار، بدل ان يكون القرار واحدا بيد القائد العام للقوات المسلحة، وان يكون السلاح تحت سلطة الاجهزة الأمنية الحكومية".

وأضاف وتوت في حديث مع "طريق الشعب"، ان "امكانية قبول الفصائل بتكييف سلاحها، مرهون بالاتفاق السياسي مع القوى السياسية صاحبة القرار".

واكد وتوت، أن "موقف لجنة الأمن والدفاع النيابية واضح من هذه القضية: طالما اكدنا على ضرورة ان يكون القرار بيد القائد العام للقوات المسلحة، وان لا يكون هناك سلاح خارج اطار الدولة".

وواصل حديثه بالقول" ان "مسألة حصر السلاح بيد الدولة، اضحت ضرورة لا بد منها، والا كيف يمكن لنا أن نسيطر ونحقق تقدما في القطاع الأمني وغيره اسوة بدول الجوار، ومختلف دول العالم".

مفاوضات تحت الطاولة

الخبير الامني سرمد البياتي قال: ان "موضوع حصر السلاح بيد الدولة، هو في الاساس مندرج ضمن البرنامج الحكومي. كما انه في ظل الاحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة، هناك محاولات لجعل هذا النوع من السلاح، ذريعة لاستهداف العراق. وبالتالي بات من الضروري اليوم العمل على عدم منح الحجة والمبرر لأي جهة لديها نية في ذلك".

ونوّه البياتي بأنّ "المرجعية الدينية العليا دائما ما تركز في بياناتها على حصر السلاح بيد الدولة".

وأكد البياتي، أن خطوط تواصل ومفاوضات فتحت بين قادة الفصائل ومكتب رئيس الحكومة، بوساطة من زعماء الإطار التنسيقي، مشيراً الى أن هناك تطورا إيجابيا في تلك المفاوضات.

ولفت إلى أنّه "في الظرف الحالي وفي ظل محاولة بعض الأطراف الخارجية، اتخاذ وجود هذا السلاح مسوغا ومبررا لضرب العراق، اصبح لزاماً ان نجد طريقا ومسارا مناسبا لحسم هذا الملف".

وأردف ان "العراق اليوم دولة قوية ولديها جيش مقتدر وطائرات حديثة وقوات امنية مختلفة الصنوف، وعلى مستوى عال من التدريب والقدرات للدفاع عن ارض وسماء العراق من اي خطر".

لا خيارَ أمامنا

وقال جعفر الكعبي، مراقب للشأن السياسي: "بشكل عام، أن وجود السلاح المنفلت بكافة اشكاله، يقوض من سلطة الدولة والقانون؛ فمع كل ازمة او انسداد سياسي يترقب الجميع بقلق ما ستفرزه الأحداث وردات فعل الأجنصصحة المسلحة لدى بعض الأحزاب السياسية"، مستشهدا على ذلك بأحداث المنطقة الخضراء في العام 2022، وما خلفته من ضحايا وتداعيات.

وأضاف الكعبي في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "اغلب الفصائل المسلحة اصبح لديها ممثلون في الحكومة والبرلمان، بالتالي يجب عليها دعم دولة المؤسسات، وحصر السلاح بيد الدولة، اذا ما كانت لديها رغبة وجدية في بناء دولة قوية".

وذكر أنّ "بعض الفصائل العراقية قامت باستغلال بيان المرجعية الدينية، في محاولة لعسكرة ذلك البيان، واستثماره في نشاطها ومشاريعها الأمنية والسياسية"، مؤكدا ان "المرجعية في بياناتها الأخيرة رفعت الغطاء عن كل من يحمل السلاح، ويحاول أن يجد عنواناً لذلك خارج نطاق الدولة". ومع زوال تهديد داعش واستتباب الوضع الامني، يجد الكعبي أن هناك ضرورة لـ"دمج هذه الفصائل في الاجهزة الامنية"، مؤكداً ان "القوات الامنية ـ بمختلف تصنيفاتها وعناوينها ـ تملك اليوم قدرات كبرى ومستعدة في اي وقت لردء اي اعتداء محتمل على البلاد".

وخلص المتحدث الى انه "لا خيار أمامنا الا حصر السلاح بيد الدولة، ودمج هذه العناصر مع القوات الأمنية التي تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة"، مشددا على ضرورة ان يتم التعامل مع هذا الملف بمسؤولية عالية من قبل جميع الأطراف المعنية.