اخر الاخبار

كل عام وأهلنا المسيحيون بخير

نشر موقع (المنطقة الجديدة) تقريراً حول أوضاع المسيحيين في البلاد، والذين يعّدون من أقدم الطوائف الدينية فيها، ذكر فيه بأن عقوداً من العنف والنزوح والتهميش قد أدت إلى تقليص عددهم من 1.5 مليون مواطن قبل عام 2003 إلى ما يقرب من 250 ألفاً اليوم، مشيراً إلى أن من بين أبرز أسباب ذلك، الهجمات الإرهابية التي تعرضوا لها مثل حصار كنيسة في بغداد عام 2010 وجرائم تنظيم داعش الإرهابي في الفترة 2014-2017، والنزاعات على الممتلكات، والافتقار إلى جهود إعادة البناء في المناطق التي مزقتها الحرب مثل الموصل وسهل نينوى.

تاريخ عريق

وأكد التقرير على أن المسيحية هي واحدة من أقدم الديانات في العراق، والتي أدخلها القديس توما وأتباعه في القرن الأول، حيث ازدهرت في مدن مثل الحيرة وأربيل، حتى أصبحت كنيسة المشرق مركزًا لنشر المسيحية إلى بلاد فارس والهند والصين. ورغم تعرض المسيحيين للاضطهاد في ظل الإمبراطورية الساسانية، والدمار أثناء الغزوات المغولية، والخسائر الفادحة في القرن العشرين، فقد بقوا مكّوناً مهماً من الشعب، حيث اعترف دستور البلاد بأربع عشرة طائفة منهم، تعيش بشكل رئيسي في بغداد ونينوى ومنطقة كردستان، ويعّد الأكثر انتشارا فيهم الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن.

تراجع كبير

وأضاف التقرير بأن الكاردينال لويس ساكو قد كشف في العام الماضي عن أن المسيحيين في العراق يشكلون الآن واحدًا في المائة فقط من السكان، بعد أن كانوا يمثلون 4 في المائة، وهو ما أكدته مفوضية حقوق الإنسان العراقية حين أعلنت في 2021 عن بقاء ربع مليون مسيحي في البلاد، وإن 1315 منهم قد قتل و130 ألف مواطن قد أُجبر على النزوح من دياره و161 شخصاً قد تم اختطافه بين عامي 2003 و2017، بما في ذلك أثناء احتلال داعش للموصل.

أهداف سهلة

وأشار التقرير إلى أن المسيحيين العراقيين قد عانوا كثيراً من قصة النزوح والغياب القسري، وأصبحوا عند تصاعد العنف الطائفي والهجمات الإرهابية، أهدافًا للتهديدات والاضطهاد متعدد الأشكال. ونسب التقرير لعدد من المراقبين قولهم بأن تفجيرات الكنائس وعمليات الاختطاف والاستيلاء على الممتلكات، لم تكن مجرد حوادث عشوائية بل أحداثاً تركت تأثيرًا عميقًا في النفوس، مما دفع الآلاف من العائلات إلى التخلي عن منازلهم ومجتمعاتهم التي شهدت وجودهم لقرون، والانتقال للمهجر. وأضاف بأنه وفي خضم التحديات الأمنية والاجتماعية التي تعيق عودتهم، يشعر المسيحيون العراقيون بأنهم يخسرون ليس فقط وطنهم ولكن أيضًا جزءًا كبيرًا من هويتهم التاريخية.

حنين وخيبة أمل

ونقل التقرير عن عدد من هؤلاء المهاجرين تصورهم بأن أحد التحديات الرئيسية التي واجهوها كمسيحيين في العراق كانت الهجرة الجماعية، والتي أدت إلى استنزاف عدد سكانهم بشكل كبير على مدى العقود الأخيرة، ففي كل أزمة أمنية أو سياسية، غادرت آلاف العائلات المسيحية البلاد بحثًا عن حياة أكثر استقرارًا، حيث لم يقلل هذا الاستنزاف المستمر من أعدادهم في البلاد فحسب، بل وأضعف أيضًا تأثيرهم على المشهد الاجتماعي والسياسي فيها.

وبسبب ما تعرضوا له من تهديد مباشر من قبل الجماعات الإرهابية مثل داعش، وبسبب فقدانهم للعديد من ممتلكاتهم واضطرارهم للفرار من مناطقهم التاريخية، خاصة في محافظة نينوى، تبدو عودتهم غاية في التعقيد، على الرغم من التحسن النسبي في الوضع الأمني، وذلك لأن الماضي لا يزال يلقي بظلاله الكئيبة على ذاكرتهم.

وفي سلسلة مقابلات للموقع، أكد المهجرون على أن العديد منهم لم يتمكن من العودة بسبب تدمير البنية التحتية والمنازل، والصدمة النفسية التي تعرضوا لها، والتحديات الكبرى في استعادة الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني خلال تلك الفترة الماضية، رغم أن دستور العراق يضمن حقوق الأقليات بشكل واضح.