اخر الاخبار

يعد قطاع السياحة في العراق من أبرز القطاعات التي تمتلك إمكانيات هائلة، يمكن لها أن تعزز الاقتصاد الوطني وتسهم في تنوع مصادر الدخل، خاصةً في ظل الاعتماد شبه الكلي على النفط. وبرغم ما يزخر به العراق من مواقع أثرية وتاريخية، ومقومات سياحية دينية وطبيعية، إلا أن هذا القطاع لا يزال يواجه تحديات كبيرة تعيق تطويره واستغلاله الأمثل.

واكد معنيون ان تشخيص هذه الإخفاقات لا يكفي للنهوض بقطاع السياحة في العراق ما لم يُقترن بوضع خطط استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى معالجة هذه التحديات بشكل جذري. يتطلب ذلك تطوير البنية التحتية، وتحسين الأوضاع الأمنية، وتفعيل حملات الترويج والتسويق، وتحديث التشريعات لتشجيع الاستثمار. فقط من خلال هذه الإجراءات المتكاملة يمكن تحقيق الاستفادة القصوى من هذا القطاع الحيوي، والمساهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.

ارتفاع في عدد السياح

وأفادت تقارير مختلفة بأن عدد السياح في العراق لعام 2024، ‏كان كالآتي حيث جاءت إيران بالصدارة بـ3.8 مليون إيراني ‏و400 الف سائح من أوروبا تتصدرها بريطانيا، و63 الف خليجي تتصدرها الكويت والسعودية تليها البحرين وعمّان. فيما كانت ‏أكثر المدن زيارة هي ‏كربلاء اولاً ثم بغداد وأربيل والبصرة و ذي قار. وفي العام 2023 بلغ عدد السائحين الأجانب الى العراق، اكثر من 400 الف سائح اجنبي، وهو رقم لم يكن يسجل في السنوات الماضية، حيث كان عدد السائحين في العراق يتراوح كحد اعلى عند 150 الف، هذه في الفترات الطبيعية أي استثناء فترات الزيارة التي يبلغ بها عدد الزائرين 5 ملايين، ومعظمهم من الإيرانيين.

 غياب الاستقرار

عضو لجنة الثقافة والسياحة والآثار، محمد عنوز قال: ان "لقطاع السياحة أهمية كبيرة في اقتصاد الكثير من البلدان، ويعد ركيزة أساسية في تحقيق تنمية فعلية، ويوفر إيرادات كبيرة".

وأضاف قائلاً لـ"طريق الشعب"، ان "من يتحدث عن الإخفاق في النهوض بقطاع السياحة، يجب ان يُدرك أن مؤسسات السياحة لم تشهد استقراراً من الناحية التنظيمية، وبالتالي فإن قوانينها والتشريعات التي تحكمها هي قوانين قديمة، ولا تواكب التطورات في قطاع السياحة على الصعيد المحلي أو الإقليمي والدولي".

وزاد عنوز بالقول: ان "عدم الاستقرار في مؤسسات السياحة من مصلحة المصايف وصولاً الى هيئة السياحة ووزارة الدولة لشؤون السياحة وحتى اقرار قانون خاص بوزارة السياحة والاثار في اذار 2012، ودمجها بعد ذلك بوزارة الثقافة". واوضح ان "حالة عدم الاستقرار متواصلة، حيث كانت في فترة من الفترات جزءا من وزارة الداخلية ولاحقاً صارت جزءا من الامانة العامة لمجلس الوزراء، وفيما بعد جزء من امانة بغداد، ما اثر ذلك بشكل كبير في عملية عدم تحقيق تطور في كادر هيئة السياحة وامكانياتهم من الناحية الفنية والعملية". ونوه الى ان "هذه القضية المهمة، لم تلتفت لها الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 والى يومنا هذا، وما زاد الطين بلة هو ابعاد معاهد السياحة عن الهيئة ونقلها الى وزارة التربية، الامر الذي ساهم بانخفاض أعداد الكوادر السياحية". وأردف بالقول: ان "تشخيص الاخفاق غير كافٍ، اذا لم يقترن بمعرفة اسبابه ومعالجتها"، مبينا ان "ملف السياحة يحال لأشخاص ليس لديهم المعرفة الكافية في معالجة قضايا هذا الملف، وانا شخصياً عملت في هيئة السياحة ووزارة السياحة لمدة اكثر من عشر سنوات، واعرف جيداً انه دون استقرار تنظيمي لا يمكن الحديث عن وجود قطاع سياحي نشط". وشدد على ضرورة "تطوير كفاءات العاملين في السياحة والمرافق السياحية التابعة للدولة لتكون نموذجا اساسيا في عملية تنفيذ التعليمات والقوانين في العمل السياحي".

سيحل مشاكل كثيرة

من جهته، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي: ان القطاع السياحي مهم جدا، ويختلف عن القطاعات الأخرى، ويتأثر كذلك بعوامل سياسية وعوامل أمنية اجتماعية ويعاني غياب الرؤى والتخطيط الاستراتيجي.  وأضاف قائلاً لـ"طريق الشعب"، ان "المشاكل السياسية ووجود مجاميع مسلحة وغيرها من المظاهر، تُبعد شركات السياحة عن الاستثمار في العراق، ومن ناحية أخرى فإن القطاع السياحي، يحتاج لبنى تحتية كبيرة والى كم هائل من المتنزهات السياحية، وتعزيز المراكز الترفيهية والفنادق، فضلاً عن ان المناطق السياحية وتحديداً المناطق الأثرية، لا تزال غير مخدومة بشكل مناسب". ونوه إلى أن "أهم مشكلتين يعاني منهما قطاع السياحة هما التوترات السياسية التي تتأثر بالتوترات الإقليمية، والبنى التحتية وملف الخدمات التي تعد غير متطورة على مختلف الصعد". وذكر الهماشي في سياق حديثه، أن "الفيزا العراقية، تعد واحدة من أصعب الفيز في العالم وتكلفتها مرتفعة أيضاً. ونحن إذا ما أردنا جذب السياح، فنحتاج إلى معالجة قضية الفيزا، وتسهيل دخول السياح الى العراق". وأكد أن "صانع القرار لا يملك خطة. فحكومة السوداني والحكومة التي ستليها، لأن النهوض بهذا القطاع، يتطلب وضع خطة لـ 10 أو 15 عاما، وكل حكومة تنجز منها بين 10 إلى 20 في المائة. وحينها سيكون هناك نهوض بهذا القطاع"، مبيناً ان "البقاء على تشخيص الإخفاق فقط دون تخطيط وآليات عمل لا اعتقد أنها كافية لتنشيط قطاع السياحة".وخلص الى القول: إن "تنشيط قطاع السياحة بشكل صحيح سيحل مشاكل كثيرة، ويسهم بما تصل نسبته الى 20 في المائة من تمويل ميزانية الدولة، ويسهم أيضا بحل مشكلة البطالة وخلق فرص العمل وتنشيط السوق والتبادل التجاري، وتنشيط الصناعات الحرفية والداخلية المحلية".