العراق – سوريا
وآفاق العلاقة في المستقبل
كتبت مارغريتا اريدونداس مقالاً لموقع "المرصد" الأوربي تطرقت فيه للقلق الذي عّم العراق من ظهور تنظيمات إرهابية في أراضيه مجدداً بعد الأحداث الأخيرة في سوريا، رغم مضي سبع سنوات على القضاء على تنظيم "داعش"، واستعادة محافظة نينوى من تحت سيطرته. وأضافت الكاتبة بأن احتفال العراقيين بيوم 10 كانون الأول، كعيد للنصر العسكري على الإرهاب، اكتسب هذا العام طابعًا سياسيًا طاغياً، بسبب تزامنه مع سقوط نظام بشار الأسد، وهو الأمر الذي قد يكون له تأثير كبير ومباشر على أمن العراق.
طمأنينة مشوبة بالحذر
وأعربت الكاتبة عن اعتقادها بأن مساعي بغداد لطمأنة السكان بعدم وجود مخاطر كبيرة تهدد أمنهم جراء التغيير في سوريا، في ظل تعزيز قدرات القوات العراقية على مراقبة الحدود بشكل صارم وعلى التعامل السريع والحاسم مع أي توغل تتعرض له البلاد، يتطلب الكثير من المصداقية وتمتين الجبهة الداخلية وحصر هذه المهمة بالدولة فقط، وإثبات المزاعم التي تتهم التحالف الدولي بالتعاون مع الإرهابيين واستخدامهم كمبرر لتواجد قواته على الأراضي العراقية وعرقلة اتفاق سحبها بشكل نهائي.
مستقبل مجهول
ولموقع المعهد الفرنسي لأبحاث العراق، كتب محمد سلامي مقالاً، أشار فيه إلى أن بقاء بغداد غير متأكدة من تعاملها مع جارتها الغربية، بسبب مخاوفها الأمنية مما حدث هناك والذي تأخر الاعتراف الدولي به، سيخلق العديد من التحديات المعقدة في علاقات البلدين الدبلوماسية في المستقبل، لاسيما وقد كان العراق ممراً للدعم اللوجستي للمقاومة في لبنان من جهة ولوجود حساسية كبيرة لدى أغلبية سكانه تجاه المس بالمزارات الدينية في سوريا من جهة اخرى. وأضاف الكاتب إلى أن ما يقلق العراقيين يتعدى هذه القضايا إلى الخشية من تفكك سوريا، التي تتنازع في السيطرة عليها أطراف عديدة كالكرد في الشرق والعلويين في الغرب والجيش الحّر في الشمال والدروز في الجنوب وبقايا الجيش الرسمي في الجنوب الغربي، فيما تواصل أطراف خارجية فاعلة كروسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، التدخل بالأمر. وتوقع أن يكون هذا التفكك قريباً وتاماً على اغلب الاحتمالات، مما سيجعل تعامل بغداد معه صعباً وربما مستحيلاً، وهو ما دفعها لاعتبار تقسيم سوريا خطاً أحمر.
ذكريات مرّة
وأشار الكاتب إلى أن ما يجري في سوريا من تباينات طائفية يستدعي ذكريات غير سارة لدى العراقيين عن توترات كبيرة في بلادهم، كان قد أذكاها تدفق الآلاف من المتطرفين من سوريا بعد 2003، خاصة حين سيطر تنظيم (داعش) على أجزاء من البلاد وارتكب جرائمَ بشعة فيها. ولهذا كان رد الحكومة العراقية منذ البداية واضحاً حين أبلغت الجميع بأن العراق لن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة التداعيات الخطيرة التي تتكشف في سوريا، وخاصة أعمال التطهير العرقي.
الكرد في سوريا
وتوقع الكاتب أن تلعب القضية الكردية دوراً مهماً في تشكل علاقات بغداد مع كردستان وإيران وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل، لاسيما وإن الكرد مسيطرون على منطقة روجافا التي تقع في شمال شرق البلاد وتشكل ثلث مساحتها، وهي منطقة متاخمة للحدود العراقية وتضم أكبر حقول النفط في سوريا وأطول السدود فيها. وتساءل الكاتب عما إذا كان ممكنا توسيع المنطقة وضمها مع شمال العراق في كيان واحد، أو استغلالها في مواجهة مع إيران خاصة إذا ما دُعمت مالياً من الخليج وعسكريا من واشنطن. وبيّن بأن لبغداد الحق في القلق من كل هذه الاحتمالات، التي يمكن أن تمتد لتضم الأردن أو أن تتحرك نحوه تل أبيب مما يعرض أمن العراق للخطر.
فراغ أمني
وأكد المقال على أن سقوط دمشق قد خلق فراغًا أمنيًا في المنطقة، فضاعف القلق من عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود، أو الاعتداء على الأماكن المقدسة الشيعية، أو حدوث تطهير عرقي ضد الأقليات، وأخيرا احتمال إنشاء كيان شبيه بتنظيم داعش، يعيد إحياء ذكريات التطرف والإرهاب.