انصرف مجلس النواب إلى عطلته التشريعية بعد فشل ذريع في أداء مهامه، وعجزه عن تعديل جداول قانون الموازنة العامة، برغم تمديد الفصل التشريعي المنقضي لشهر كامل.
وفي ظل صراع سياسي مستمر وغياب الثقة بين الكتل السياسية، تركزت الجهود على تمرير قوانين تعزز الطائفية والانقسام في المجتمع العراقي، أثارت الكثير من الجدل، ما دفع الكتل المتنفذة إلى تبني أسلوب "السلة الواحدة" في محاولة تمريرها.
وقد وجّه نواب ومراقبون انتقادات لاذعة لأداء المجلس، محملين رؤساء الكتل السياسية، المسؤولية عن تعثر البرلمان في أداء مهامه. هذا الفشل يعكس تدهورًا في القدرة على تشريع القوانين الضرورية لمصلحة الوطن والمواطن، ويزيد من تعقيد الوضع السياسي الذي يعاني من التفكك والانقسام.
نتاج سيطرة القوى الطائفية
ووصف حسين النجار، عضو تحالف 188، عجز مجلس النواب عن أداء مهامه بـ"الطبيعي"، كون القوى المتنفذة الطائفية التي تسطير على السلطة التشريعية لا "تمثل سوى مصالحها الخاصة والجمهور المحيط بها"، مشدداً على ان "الاوليغارشية السياسية التي تسيطر على البرلمان تحاول تعطيل أداء المجلس من اجل البقاء في السلطة".
وأضاف النجار في حديث لـ"طريق الشعب"، ان "القوى المتنفذة حاولت تمرير ثلاثة قوانين مختلف عليها من خلال مهزلة ما سمي السلة الواحدة"، مردفا "لكن عدم ثقة هذه القوى ببضعها قادها الى الفشل في ذلك".
واكد، ان "الاعتراضات الواسعة على تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ لم تجد آذانا صاغية"، وهذا ما يدل على محاولة الانفراد والهيمنة على الدولة، مشددا على ضرورة إرسال مقترحات هذه القوانين الى الحكومة من اجل إشباعها دراسة ونقاشا، خصوصاً تعديل قانون الأحوال الشخصية.
وتابع بالقول: ان القوى السياسية المتنفذة والفاسدة، لا تريد ان ينافسها أحد على السلطة، لذلك تستخدم مختلف الأساليب لتعطيل عمل المؤسسة التشريعية، وبذلك تضمن عدم المشاركة الواسعة في الانتخابات، وحينها يمكن ان تحرك جمهورها بأساليب مجربة، وشراء الذمم لتتمكن من السيطرة من جديد على مقاعد مجلس النواب، وتديم حكمها الفاشل.
حل البرلمان
وكشف عضو مجلس النواب، محمد الزيادي، عن استمرار تعثر البرلمان في تحقيق النصاب اللازم لجلساته السابعة والثامنة، ما حال دون تمرير قوانين مهمة، مؤكداً أن إدارة رؤساء الكتل النيابية السيئة وغياب التوافق السياسي تسببا في تعثر جلسات المجلس.
وأوضح الزيادي، أن استمرار هذا التعثر يهدد بمزيد من الإخفاقات داخل مجلس النواب، مشدداً على أنه في حال بقاء الوضع على ما هو عليه بعد العطلة التشريعية، فإنه سيكون من أوائل المطالبين بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وأضاف النائب، أن مجلس النواب لم يناقش القضايا الأمنية الحرجة أو يضع استراتيجيات لمعالجة الأوضاع غير المستقرة في البلاد، ما يعكس عجزا عن تقديم أية حلول تخدم البلد والمواطن على حد سواء.
انتقادات للسلة الواحدة
بدورها، انتقدت النائبة زهرة البجاري أسلوب ربط القوانين مع بعضها في سلة واحدة، معتبرةً أن هذا النهج خطأ كبير.
وقالت البجاري، إن تمرير مجموعة من القوانين في وقت واحد، بعيد عن مبدأ الديمقراطية، انما يجب أن تكون القوانين ناضجة وجاهزة للمصادقة عليها بشكل منفصل، منوهة إلى أن هذا الربط يعطل العملية التشريعية، ويؤدي إلى عدم توافق النواب حول تلك القوانين.
وأكدت البجاري، أن الجدل الدائر حول القوانين المرتبطة ببعضها، يجعل من المستحيل تمريرها بالشكل الحالي، موضحة أن هذه الطريقة تؤدي إلى إخفاق الجلسات وعدم إقرار القوانين في الوقت المناسب.
ضعف في الأداء
من جهته، أكد الأكاديمي مهند الجنابي أن البرلمان العراقي يعاني من ضعف في أدائه التشريعي والرقابي بسبب عدم تنفيذ العديد من محاور ورقة الاتفاق السياسي التي تم التوصل إليها عند تشكيل حكومة السوداني.
وقال الجنابي في حديث لـ"طريق الشعب"، إن الورقة، التي تضمنت محاور تشريعية وتنفيذية، لم يتم الالتزام بها، ما أثر سلبا على سلوك البرلمان وصلاحياته الرقابية في مسألة السلطة التنفيذية.
وأضاف الجنابي، أن مسألة ربط القوانين مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون العفو العام في "سلة واحدة" للتصويت عليها في جلسة واحدة، تعكس حالة انعدام الثقة بين الأطراف السياسية في البرلمان.
وتساءل الجنابي عن قدرة البرلمان على إنجاز التشريعات المطلوبة في ظل التحديات السياسية الحالية؟