اخر الاخبار

أصدر الداعية السوداني عبد الحي يوسف تصريحات من مقر إقامته في تركيا يصف فيها عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ومحمد حمدان حميدتي قائد الدعم بأن كلاهما خائن لله ورسوله. لأن الأول التقى رئيس الكيان الصهيوني في عنتبي والثاني التقى جهاز الموساد.

وفور صدور تلك التصريحات سارعت الحركة الإسلامية بإصدار بيان أعلنت فيه أن هذا الرجل لا ينتمي إليها وليس له وجود ضمن هياكلها القاعدية والقيادية. وجددت مساندتها للقوات المسلحة وقيادتها. ذلك رغم الأدوار المهمة التي لعبها الشيخ في مساندة حكومة الحركة الإسلامية بقيادة عمر البشير. وقالت إنه ينتمي للتيار الإسلامي العريض الذي يقاتل إلى جانب الجيش.

لكن خطورة مثل هذه التصريحات التي تصدر عن هؤلاء الشيوخ أنه يعتبرها أتباعهم فتاوى واجبة النفاذ. مما يعيد إلى الأذهان حادث المنصة الشهير في ثمانينيات القرن الماضي، حين التقى قادة التنظيم الجهادي داخل أحد السجون المصرية وأفتوا بكفر الرئيس المصري محمد أنور السادات لأنه التقى رئيس الكيان الصهيوني وقتها مناحم بيغن ووقع معه اتفاقية كامب ديفيد. ووجدت تلك الفتوة طريقها إلى الجماعات الجهادية فقام الملازم خالد الإسلامبولي الضابط في سلاح المدفعية بتنفيذ الحكم على السادات في طابور عرض عسكري وأمام جيشه الذي كان يعتقد أنه موال له بعد معركة العبور.

فالشيخ عبد الحي له وزنه وسط السلفيين وأتباعه يقاتلون إلى جانب الجيش، وقد يكون له ضباط داخل الفرق المختلفة خاصة وأنه قد ذكر بأن البرهان لا يستطيع القضاء على الحركة الإسلامية لأنها موجودة حتى داخل مكتبه.

وفي أحسن الفروض أن الحركة الإسلامية تريد أن توصل رسالة إلى قيادة الجيش والمجتمع الدولي والإقليمي بأن أي ضغوط تمارس على القيادة السودانية للوصول إلى تسوية للحرب فإن للحركة الإسلامية خيارات مفتوحة. وفي مقدورها أن تنقل الحرب إلى حرب جهادية لتلج الساحة تنظيمات منفلتة من أي عقال وليس عليها رقيب دولي أو إقليمي، مثل القاعدة وداعش وبوكو حرام. فالمعروف أن التنظيمات الجهادية منتشرة في السودان وقد نفذت عمليات انتحارية في بدايات عهد الإنقاذ راح ضحيتها عدد من المصلين في مسجد الثورة الحارة الرابعة وفي منطقة الجرافة شمالي أم درمان. كما داهم الأمن السوداني وقتها مقرات لمجموعات منها في منطقة سوبا كانت تقوم بإعداد العبوات الناسفة. وقد شارك بعضها في حرب الصومال من ضمنها ابن الداعية عبد الحي يوسف هذا. كما قام آخرون باغتيال الدبلوماسي الأمريكي غرانفيل وسائقه في شوارع الخرطوم. وأصدر بعضها بيانات أهدر فيها دماء بعض الصحفيين والكتاب.

ولكن الأمن السوداني وقتها كان مسيطرا عليها ويقوم بتحريكها لتحقيق بعض الأجندة، مثل توصيل رسائل لبعض المعارضين الذين يتجاوزون الحد في انتقاد السلطة. وقد وجدوا في هذه الحرب ضالتهم ولن يوافقوا على نهايتها وإلا أشعلوا الأرض تحت أقدام القيادة العسكرية والسياسية في البلاد. فالفتوى أصلا قد صدرت وعلى الفريق البرهان أن يختار بين مواصلة الحرب وتعريض البلاد أو ما تبقى منها للمزيد من الدمار أو أن يفتح صدره لرصاص المتطرفين، والذي ربما ينهمر عليه في طابور عرض عسكري في أي معسكر من معسكرات جيشه ما لم يظهر الحزم في التعامل مع التيار الإسلامي.

ورغم أن الفريق البرهان قد اكتفى بالرد على تصريحات الشيخ عبد الحي وهو يخاطب جنوده ولم يتخذ أي إجراءات في مواجهة رجل يتهمه بالكفر ويحرض على قتله لأن من يخون الله ورسوله حكمه في الإسلام أن يقتل حدا، في الوقت الذي حركت فيه وزارة العدل السودانية بلاغات ضد قيادات (تقدم) مع أنها فقط طالبت بوقف الحرب ولم تتعرض لقيادة الجيش. إلا أن هذا الموقف لم يعجب الجماعات السلفية. حيث طالب شيخ آخر هو الشيخ مهران البرهان بأن يرد على شيخ عبد الحي بأدب. إذا الحكاية واضحة رغم تنصل الحركة الإسلامية عن الرجل.

عرض مقالات: