العراق والتطورات في المنطقة
نشرت صحيفة “ذي ناشيونال” الناطقة بالإنكليزية تقريراً أعده الكاتبان توماس هيلم وسنان محمود، حول التطورات الأخيرة في سوريا وتأثيرها على الأوضاع في العراق، أشارا فيه إلى أن دول الشرق الأوسط سارعت لاحتواء تداعيات الهجوم المفاجئ الذي شنته “قوات المعارضة” في سوريا واحتلت فيه أجزاءً من حلب وحماة، خاصة مع ورود تقارير تفيد بأنهيار قوات الدولة وانسحاب الجيش السوري من تلك المناطق.
تغير مفاجيء
وأشار المقال إلى أن التقدم السريع للمتمردين يبدو مفاجئاً، بعد أن اطمأن الجميع أو كادوا من قدرة النظام على فرض الاستقرار، بمساعدة عدد من الحلفاء من داخل المنطقة ومن خارجها. واستعرض الكاتبان مواقف إيران ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وروسيا والكيان الإسرائيلي من الأحداث الدراماتيكية، مشيرين إلى أن رئيس الحكومة العراقية قد أجرى اتصالاً مع الرئيس السوري، أبلغه فيه بأن أمن واستقرار سوريا مرتبطان بشكل مباشر بالأمن الوطني العراقي، في وقت قال فيه مسؤولون أمنيون وعسكريون عراقيون إن قوات الأمن في حالة تأهب قصوى على الحدود مع سوريا، مؤكدين على أن التحصينات كافية لوقف أي محاولات للهجوم أو العبور إلى العراق، وأن تأمين الحدود مع سوريا هو أحد أولويات القوات الأمنية العراقية. وأوضح التقرير بأن العراق قد أقام جداراً وحفر خندقاً وتم تحصينه بنظام مراقبة متكامل وبكاميرات مراقبة حرارية تعمل على مدار الساعة، على طول حدوده مع سوريا، أي لأكثر من 600 كيلومتر.
حقل الألغام
ولموقع مجلس العلاقات الخارجية الأوربي، كتب حمزة حداد مقالاً ذكر فيه بأن التهدئة غير المتفق عليها، التي يتسم بها الصراع بين إيران والكيان الإسرائيلي حالياً، وتوقف إطلاق النار غير المستقر في لبنان، لا يبدو كافياً لشعور بغداد بالطمأنينة من مخاطر جرها لحرب شاملة في المنطقة، خاصة مع انتشار تقارير تزعم بأن الهجوم القادم على إسرائيل قد يأتي من فصائل مسلحة عراقية متحالفة مع إيران، وهو ما ستستغله تل أبيب في شن عدوان وضربات انتقامية على العراق.
التوازن الصعب
وذكر الكاتب بأن تحقيق العراق للتوازن في علاقاته مع طهران، أكبر جارة له، يشترك معها في روابط دينية وثقافية، ومع الولايات المتحدة، الحليف الذي ساعده في هزيمة الإرهاب، لا يبدو صعباً، رغم التوتر الكبير بين هذين الصديقين، على حد تعبيره.
غير أن ما يضفي تعقيداً على الأمر، إصرار حلفاء طهران من العراقيين على اعتبار جلاء القوات الأمريكية البالغ عددها 2500 عسكري أولوية قصوى، لاسيما بعد الدعم اللامحدود الذي قدمته واشنطن للكيان الإسرائيلي في حربه ضد غزة ولبنان، في وقت ترى فيه أطراف عراقية أخرى بأن الوجود الأميركي يمثل شكلاً من أشكال الردع ضد الهجمات الإسرائيلية على الأراضي العراقية.
وعلى الرغم من التعاطف الشعبي والرسمي الكبير في العراق مع الفلسطينيين واللبنانيين، فإن اصحاب الرأي الأول قد تعرضوا لضغوط محلية مكثفة للتصرف بمسؤولية وتجنب العمل المتهور الذي يؤدي إلى المزيد من الصراع، خاصة مع استياء الرأي العام من التدخل الإيراني المتزايد في الشؤون العراقية.
الدور الأوربي
ورأى الكاتب بأن على قادة الاتحاد الأوربي التركيز على منع انتشار الصراع، وخاصة إلى العراق، الذي أنفقت الحكومات الأوروبية الكثير من أجل تحقيق استقراره بعد موجات العنف على مدى العقدين الماضيين، مقترحاً دعم القيادة العراقية والشخصيات الدينية في حماية البلاد من الصراع المتجدد.
وخلص الكاتب إلى القول بأن على الدبلوماسيين الأوربيين، الذين لا يواجهون جفاءً بذات مستوى الجفاء الذي يواجهه المسؤولون الأمريكيون، أن يمارسوا ضغوطا عبر مراكز القوى الدينية والحكومية لمنع استخدام العراق كنقطة انطلاق لصراع جديد. كما نصح الكاتب زعماء الإتحاد الأوربي بأن يبلغوا إسرائيل وإدارة ترامب القادمة بأن علاقة العراق بإيران ليست مجرد علاقة بالوكالة وأن عليهم دعم العراق في اكتساب قدر أعظم من الاستقلال السياسي، ومساعدته في تجنب الاستسلام لصراع من شأنه أن يحطم هذه الاستقلالية.