اخر الاخبار

تعود قضية الموازنة في العراق إلى الواجهة مجددا، في ظل تأخر الحكومة في ارسال جداول موازنة عام 2025 الى مجلس النواب، وارسالها تعديلا مقتضبا الى مجلس النواب يهدف الى معالجة مستحقات شركات النفط العاملة في الإقليم، في وقت تحاول فيه الكتل المتنفذة طي صفحة تزوير جداول موازنة 2024.

تزوير الجداول 2024

ولم تدخل جداول الموازنة للعام الحالي حيز التنفيذ، إثر الأحاديث والتصريحات النيابية عن تزوير جداولها، التي أضيف إليها 15 ترليون دينار دون معرفة من قام بذلك، الامر الذي انعكس على آلية الصرف حيث لم يتجاوز 100 تريليون دينار حتى نهاية الشهر العاشر من السنة الحالية، برغم ان الموازنة المخططة لعام 2024 تبلغ 211 تريليون دينار كمصروفات، وفقا لعضو المالية النيابية معين الكاظمي.

وعلى الرغم من أن البرلمان صوت على موازنة ثلاثية الأعوام (2023-2024-2025)، لم يكن مطلوباً من الحكومة سوى تقديم جداول الموازنة السنوية، إلا أنها تعثرت في تقديم هذه الجداول ضمن المواعيد المحددة، ما يعكس اضطراباً واضحاً وعدم استقرار في إدارة السياسة المالية للبلاد.

جداول موازنة 2025

وتنص المادة 77/ ثانياً من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، التي تنظم إعداد الموازنة الثلاثية، تنص على أن "تقوم الحكومة بإرسال جداول الموازنة للسنتين 2024 و2025 إلى مجلس النواب للموافقة عليها قبل نهاية العام المالي السابق".

وفي ما يخص موعد وصول جداول موازنة العام المقبل، أكد عضو مجلس النواب علي الموسوي أن من الصعب وصولها قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي.

وأوضح الموسوي: انه "من المتوقع أن تصل الجداول إلى مجلس النواب بعد نهاية الفصل التشريعي الحالي، الذي شارف على الانتهاء".

البرلمان يقترح تعيينات جديدة

أما نائب رئيس لجنة النفط والغاز النيابية عدنان الجابري، فقد أكد أن مشروع تعديل قانون الموازنة المرسل من الحكومة يقتصر على تعديل الفقرة (ج) من المادة 12، المتعلقة بملف النفط في إقليم كردستان.

وأشار الجابري إلى، أن "لجنة النفط والغاز اقترحت توسيع التعديلات لتشمل المادة 14 من قانون الموازنة، بما يخص تعيين خريجي كليات المهن الطبية والصحية وتثبيت أصحاب العقود، وخريجي معاهد النفط ومعهد الموانئ، بالإضافة إلى خريجي الهندسة، خصوصاً هندسة النفط، إضافة الى تعيين ذوي شهداء الحشد الشعبي وعودة المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية.

وأضاف الجابري، أن هذه المقترحات لا تزال قيد التداول من قبل لجنتي النفط والغاز والمالية النيابيتين، اللتين تعتزمان عقد اجتماع مرتقب لمناقشة التعديلات بشكل تفصيلي.

الجداول قد تتأخر

من جانبه، أفاد مصدر حكومي مطلع بأن الحكومة بدأت فعلياً في إعداد جداول الموازنة، لكنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت لاستكمالها بشكل نهائي قبل إرسالها إلى البرلمان للتصويت عليها.

وأضاف المصدر، انه "من المحتمل أن يتم إرسال جداول الموازنة إلى مجلس النواب في شهر شباط من العام المقبل، أو ربما في شهر آذار في حال طرأت أية مستجدات غير متوقعة".

ويعكس الجدل مع اقتراب مناقشة كل ملف هام، بوضوح، غياب الإدارة الرشيدة واستمرار هيمنة المصالح السياسية والحزبية الضيقة على صناعة القرار.

ويشير مختصون الى أن مناقشة الموازنة تحولت إلى سلوك منهجي يُستغل لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية على حساب الاستقرار الاقتصادي والتنمية، ما يعكس فوضى ونهجاً مزمناً في توظيف مقدرات الدولة في خدمة المصالح الحزبية الضيقة.

وفي وقت يحتاج فيه المواطن إلى سياسات واضحة وفعّالة لمواجهة التحديات، تُستغل الموازنة كمنصة لتوزيع المكاسب على حساب المصلحة العامة، ما يهدد بتعميق الأزمات وتوسيع فجوة الثقة بين الشعب ومؤسساته.  وبينما تنتظر البلاد خططاً جادة لمعالجة أزماتها الخانقة، يُدار الملف المالي بعقلية المساومات والمحاصصة، ما يهدد بإثقال كاهل المواطن بمزيد من الأعباء.

صراع المتنفذين على المصالح

وفي هذا الشأن، أوضح الخبير القانوني أمير الدعمي، أن التأخير في إعداد موازنة 2025 يرتبط بالصراع السياسي القائم، حيث تسعى القوى السياسية المتنفذة لتحقيق أقصى استفادة منها لصالحها.

وأضاف الدعمي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن الموازنة هي من اختصاص الحكومة، ولا يمكن للبرلمان التدخل فيها إلا من خلال المناقلات وبحدود معينة، بما لا يؤثر على التوازن الذي أقرته الحكومة.

وأشار الدعمي إلى، أن موازنة 2025 قد تتحول لموازنة انتخابية، كونها تسبق الانتخابات، ومن المرجح أن يتم توظيفها لتحقيق أغراض انتخابية لصالح القوى المستفيدة.

وتطرق الدعمي إلى الأموال المخصصة للعمل والشؤون الاجتماعية التي تم رفعها في موازنة 2024، قائلا: إنها ستُستخدم في موازنة 2025 في استغلال حاجة الناس لتحقيق مكاسب انتخابية، ما يعد نوعًا من استغلال موارد الدولة لصالح الانتخابات.

وأشار إلى أن هذا الاستغلال يتم بالتوافق بين كافة الأطراف السياسية المتنفذة، منتقدا غياب الرقابة الفاعلة من البرلمان، الذي وصفه بالـ "خامل"، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل بمعزل عن البرلمان، ما يضعف العملية الرقابية على الأداء الحكومي.

تأثيرات المحاصصة

من جهته، قال المراقب السياسي داوود سلمان، إن موازنة الدولة العراقية لم تكن بعيدة عن تأثير المحاصصة، حيث تُعد فرصة للقوى المتنفذة لتحقيق مصالحها الضيقة.

وأوضح في حديثه لـ "طريق الشعب"، أن القوى السياسية المؤثرة في الحكومة والبرلمان تستفيد من توزيع الحصص على حساب المصالح العامة، ما يسبب تأخيراً دائماً في إقرار الموازنة ويضر بمصالح المواطنين.

وأشار سلمان إلى أن موازنة العراق لا تُبنى على أساس مشاريع تنموية أو استثمارية تخدم المواطن بشكل مباشر، بل على أساس إرضاء الأطراف المتنفذة في النظام السياسي.

وأكد سلمان أن الوضع السياسي القائم، الذي يعتمد على الصراع بين القوى الحاكمة، يجعل من الصعب تنفيذ أي مشروع يخدم المصلحة العامة ويعزز حياة العراقيين.

عرض مقالات: