اخر الاخبار

شهد مطارا بغداد والبصرة خلال الأسبوع الماضي، احتجاجات واسعة رفضا للقرار الحكومي بفصل إدارة المطارات عن الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية، وبلغت الاحتجاجات ذروتها يومي الأربعاء والخميس الماضيين، حيث نزل موظفو مطار البصرة الى مدرج الطائرات معلنين إضرابا عن العمل. فيما حاول موظفو مطار بغداد تنفيذ إضراب عن العمل لكن القوات الأمنية منعتهم من ذلك.

الاحتجاج في المطارات

واكد أحد الموظفين في شركة إدارة المطارات والملاحة الجوية، توقف عملية الخدمات الأرضية في المطار، على أثر محاولة الموظفين تدشين إضراب عام، احتجاجا على القرار.

وقال الموظف في حديث لـ"طريق الشعب"، إنّ "قوات الامن تدخلت لمنع الموظفين من تنفيذ الإضراب في أقسام التحكم وتدفق الحركة"، مشيراً إلى أن "الأجهزة الأمنية وحمايات المطار تدخلت لمنع الموظفين من إيقاف العمليات في الأقسام الحيوية، ما أدى الى إنهاء الإضراب".

وأضاف القول، إن "القوات الأمنية قامت باحتجاز عدد من الموظفين لفترة وجيزة يوم الخميس الماضي بهدف تخويف المحتجين وانهاء محاولات تنفيذ الإضراب".

الموظفون المعترضون أكدوا خبرتهم الطويلة في مجال الطيران المدني، فيما أعربوا عن قلقهم من تداعيات القرار على إدارة المطارات.

مطالب الموظفين

وطرح الموظفون عددا من المطالب من بينها إلغاء قرار فصل المطارات، باعتباره مخالفًا للقوانين التنظيمية الخاصة بالشركات العامة والإدارة المالية، وضمان حقوق الموظفين، بما يشمل الرواتب والحوافز، مع التأكيد على المساواة بين العاملين وفقًا للدستور.

وفي هذا الشأن، أكدت رئيسة لجنة النقل والاتصالات النيابية، زهرة البجاري، أن قرار فصل إدارة المطارات عن الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية "غير مدروس"، داعية الحكومة إلى التريث في تطبيقه.

وأوضحت البجاري، أن "قانون الموازنة لعام 2023 - 2024 نص على فصل المطارات عن سلطة الطيران المدني، بناءً على طلب من المنظمة الدولية للطيران المدني (الإيكاو)، بهدف رفع الحظر الأوروبي عن مطارات العراق".

وأضافت، أن "المطارات تقدم خدمات، بينما سلطة الطيران المدني هي جهة رقابية تقدم لوائح وتنظم العمل".

مقترحات متعلقة بالإدارة المشتركة

وأشارت البجاري إلى "توصيات هيئة المستشارين التي تضمنت ضرورة ربط المطارات بشركة الملاحة الجوية لتحقيق تكامل في العمل"، موضحة أن "أبراج المراقبة تابعة لشركة الملاحة الجوية، بينما يكون المدرج وإدارة المطار من اختصاص إدارة المطارات".

ولفتت إلى، أن "هذه الرؤية أسفرت عن تشكيل مجلس إدارة يدير العلاقة بين الجهتين"، فيما اعتبرت قرار مجلس الوزراء بفصل إدارة المطارات عن الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية "مستغربا وغير مبرر".

ودعت النائبة رئيس الوزراء إلى "الكشف عن فوائد وأهداف القرار أمام الرأي العام، وتوضيح الخطة البديلة لتطبيقه"، مضيفة أن "هناك أكثر من 1000 موظف يعملون ضمن إدارة المطارات، بالإضافة إلى الممتلكات الثابتة والمتحركة، وكلها ترتبط بالشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية. وبالتالي، فإن عملية الفصل ستؤثر سلبًا على مصالح الموظفين، خاصةً أن التمويل الذاتي يختلف عن التمويل الحكومي".

وشددت البجاري على أن "لجنة النقل والاتصالات النيابية تعارض قرار الفصل، خاصة في ظل وجود مشاريع كبيرة تم إسنادها إلى شركة الملاحة الجوية، مثل مشاريع القمة العربية وغيرها".

وأكدت أن القرار سيؤدي إلى "تخبط في العمل"، داعية الحكومة إلى إعادة النظر فيه.

الهدف الحقيقي للقرار

مصدر في الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية قال ان "خطة الوزارة هي التخلص من القيود التي تعيق عملية إبرام الاتفاق مع شركة (IFC) حيث واجهت موجة اعتراضات إعلاميا وفي مواقع التواصل الاجتماعي ولدى خبراء ومختصين".

وأضاف المصدر في حديث مع «طريق الشعب»، انه «بشهادة وزارة النقل فإن عملية الفصل التي جرت وفق قانون الموازنة الذي نص على فصل إدارة المطارات عن سلطة الطيران المدني وربطها بشركة الملاحة الجوية، قد حققت نجاحا في إعادة تأهيل المطارات وكذلك زيادة في إيرادات الشركة التي بلغت 14 مليار دينار عراقي شهريا، بعد ان كانت 4 مليارات دينار».

وعن محنة العاملين في إدارة المطارات، ذكر المصدر أن «الهيكل الإداري الجديد سيُخلى من أية مسؤولية مباشرة في ما يخص المتابعة، في حال خصخصة المطارات، بل قد تعرض ممتلكات المطارات الى الضياع سواء على مستوى التعاقد مع الشركات، التي قد تكون غير رصينة ولا تمتلك الخبرة الكافية، وبالتالي وقوعها في شراك آفة الفساد».

وأبدى المصدر استغرابه من «إصرار الحكومة على مسألة إعفاء بعض شركاتها من شروط التعاقدات الحكومية، الأمر الذي يمنح تلك الشركات حصانة من ملاحقة الجهات الرقابية».

وجهة نظر أخرى

وأثناء محاولات الحصول على تعليق رسمي من الحكومة، توصلت محاولات شبكة مراسلي «طريق الشعب»، إلى مصدر مسؤول في وزارة النقل، رهن حديثه للجريدة بشرط عدم كشف هويته، إذ قال إنّ «الحكومة تدرس إمكانية تطوير رواتب الموظفين بما يتماشى مع القوانين العراقية».

وأضاف المصدر، أنّ الموظفين في المطارات يتقاضون رواتب ومخصصات مشابهة لتلك التي كانوا يحصلون عليها في سلطة الطيران المدني، مشيراً إلى أنّ طبيعة عملهم ومهامهم لم تتغير بشكل جوهري.

وبخصوص التعاقد مع مؤسسة التمويل الدولي (IFC)، أكد المصدر أن التعاقد يعود إلى عام 2023 حيث تم توقيع العقد من قبل سلطة الطيران المدني، مشيرا إلى أن وزارة النقل، عند تسلمها المطارات، عملت على تطوير واقع الإيرادات التي كانت لا تتجاوز 4 مليار دينار في السابق، بينما اليوم تجاوزت حاجز الـ 14 مليار دينار، وتم استرجاع الكثير من الأموال وتسوية العديد من القضايا مع الشركات العاملة في المطارات.

وأشار إلى وجود جهات تسعى لإثارة الفوضى في مطار بغداد الدولي، قائلاً: ان «بعض الشركات والأيدي الخفية تعمل على إدخال الموظفين في جو فوضوي، بغية استثمار ذلك في تحقيق أقصى استفادة من المشاريع الترقيعية وغيرها».

وكشف المصدر عن مساعٍ لعرقلة مشاريع تطوير المطار، موضحاً أن السعة الاستيعابية للمطار هي حالياً 3 ملايين مسافر. ومن المتوقع أن تصل بعد تنفيذ خطط التطوير، الى 10 ملايين مسافر، ما يسهم في تعظيم الإيرادات.

ونبه المصدر الى أن الشائعات التي تدعي أن الجزء الأكبر من تلك الإيرادات سيذهب للقطاع الخاص غير صحيحة، كون القطاع الخاص لا يمكن أن يحصل على أكثر من نسبة الحكومة في هذه المشاريع.

وفي ما يتعلق بالعلاقة مع مؤسسة التمويل الدولية، أوضح المصدر أن «العقد مع IFC هو عقد استشاري وغير ملزم»، مشيراً إلى أن المؤسسة ستقدم دراسة استشارية وتساعد في اختيار الشركات المناسبة لتنفيذ مشاريع تطوير المطار. كما أكد أن الـIFC هي إحدى مؤسسات البنك الدولي، وان العراق عضو فيها منذ العام 1956.

المدير العام يهدد

وطبقا لتعميم طالعته «طريق الشعب»، فان المدير العام لإدارة المطارات والملاحة الجوية عباس البيضاني، أصدر توجيهات صارمة بمنع أية احتجاجات داخل او في مقتربات مطار البصرة الدولي.

وذكر التعميم، أن لجنة أمن المطارات، التي يرأسها البيضاني قررت،  منع الترويج لأي تظاهرات داخل المطار أو في محيطه دون الحصول على موافقات رسمية مسبقة، مهددا بـ»تحميل المخالفين كافة التبعات القانونية وفق قانون انضباط موظفي الدولة والعقوبات النافذة».

وشدد التعميم على ضرورة التزام جميع موظفي مطاري بغداد والبصرة دون استثناء بأماكن عملهم والتقيد بالقوانين والتعليمات.