تراجعات خطيرة في حقوق المرأة والطفل
كتب روني رييس مقالاً لصحيفة نيويورك بوست، أشار فيه إلى قرب تشريع قانون جديد للأحوال الشخصية في العراق، يُخفض فيه سن زواج الفتيات إلى 9 سنوات فقط ويسمح للرجال بالزواج من الفتيات الصغيرات، مما يمكن اعتباره رخصة لاغتصاب الأطفال، حسب تعبير الكاتب.
تراجع مريع
ووصف المقال التعديلات على قانون رقم 188 للأحوال الشخصية، والتي يكاد مجلس النواب أن يصادق عليها، بالتراجع الخطير عما يضمنه الدستور العراقي والاتفاقيات الدولية من حقوق للمرأة في الطلاق وحضانة الأطفال والميراث وغيرها، وبشكل يذّكر المرء بما يحدث في أفغانستان.
نظام محاصصة مأزوم
وأعادت الجريدة الإشارة إلى أن النظام المحاصصاتي القائم الآن، والذي جاء ثمرة لغزو عسكري أمريكي، أطاح بدكتاتورية صدام حسين الوحشية، وكلّف واشنطن ثلاثة تريلونات دولار، فشل في إعادة بناء المؤسسات الحكومية ونظم التعليم والخدمات، خاصة بعد سنوات من القتال الطائفي والاعتماد على التقاسم الإثني والديني.
وفي الوقت الذي أثنى فيه الكاتب على شجاعة المقاومين للتعديلات وتمسكهم بحقوق المرأة والطفل، المضمونة في القانون النافذ حالياً، أكد على أن هناك ثقافة ذكورية متطرفة تهيمن على المجتمع وحتى على النواب، الذين يتساءل بعضهم بضيق أفق شديد، عن الخطأ في الزواج من قاصر!
قانون عادل
ولجريدة التلغرام اللندنية كتبت ليليا سيبوي تقريراً حول الموضوع أشادت فيه بالقانون 188، باعتباره أحد أكثر التشريعات تقدمية في الشرق الأوسط، والتي توفر مجموعة شاملة من القواعد التي تحكم شؤون الأسر العراقية، بغض النظر عن طائفتهم الدينية.
تعديل جائر
وذكر التقرير بأن أصحاب التعديلات المزمع إقرارها، والتي سيُخفض بموجبها سن الزواج القانوني وتقلص على ضوئها حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال والميراث، يدّعون بأن الهدف منها حماية الفتيات الصغيرات من "العلاقات غير الأخلاقية".
وذكرت الصحيفة بأن القوى المتنفذة في البرلمان تريد من التأكيد على الجانب الديني، استعادة بعض الشرعية الإيديولوجية التي راحت تتضاءل على مدى السنوات القليلة الماضية، مستشهدة برأي العديد من الخبراء الذين أكدوا على أن التعديلات من شأنها أن تمحو فعليًا أهم حقوق المرأة في البلاد.
كما نقلت الكاتبة عن منظمة هيومن رايتس ووتش، قولها بأن هذه التعديلات ستضفي الشرعية على الزيجات الدينية، مما يعرض الفتيات الصغيرات لخطر متزايد من العنف الجنسي والجسدي، فضلاً عن حرمانهن من الوصول إلى التعليم والتوظيف.
وأبدت ناشطات عراقيات، تحدثن مع الصحيفة، عن مخاوفهن الشديدة من أن تؤدي التعديلات إلى تعميق الانقسامات الطائفية بالفعل، وهو ما يجب أن يسعى الجميع لتجنبه ومنع تفكك النسيج الاجتماعي، وعدم السماح بالتمييز بين النساء، عبر منح بعضهن ممن ينتمين إلى طوائف معينة امتيازات أكبر واستقلال اقتصادي، وبقاء أخريات محاصرات في الفقر أو الزيجات المسيئة.
ورغم أن التعديلات المقترحة تمنح نظرياً المواطنين الحق في اختيار قانون الأحوال الشخصية الحالي المدني إلى حد كبير، أو القانون الديني - حسب طائفتهم - كأساس لحكم شؤونهم الشخصية، أشار التقرير إلى أنه وفي نهاية المطاف، سيقع هذا القرار بيد الرجال فقط، الذين سيقررون كيف يتم حل أي نزاع بين زوجين من مذهبين مختلفين، وهو ما يقوض مبدأ المساواة أمام القانون.
قانون مجحف
ولموقع فوكس نيوز كتب سكوت ماكدونالد تقريراً حول التعديلات المزمع تشريعها على القانون 188 للأحوال الشخصية، أشار فيه إلى أن إقرار القانون سيسمح للوالد ترتيب زواج ابنته الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها التسع سنوات، شاءت ذلك أم أبت. كما سيسمح للسلطات الدينية بإجراء الزيجات، بعيداً عن سلطة القضاء.
وذكر الكاتب بأن العراق يخلو حتى الآن من نظام وصاية الذكور الذي يشترط على الأنثى الحصول على إذن الأخ أو الأب أو أي وصي ذكر آخر، لاتخاذ قرارات حاسمة في الحياة، كالزواج مثلاً، وهو ما تريد التعديلات استحداثه.
مقاومة متواصلة
وجاء في التقرير قيام العديد من أعضاء البرلمان من النساء والرجال ونشطاء الجماعات المدافعة عن حقوق الانسان والحريات والدولة المدنية ببذل الكثير من الجهود والقيام بالكثير من الفعاليات لمنع تمرير هذه التعديلات، مما أدى إلى تعرض الرافضين لحملات تشويه وتخوين وتهديدات بالقتل والسجن والإختطاف وحتى التكفير، على يد المتنفذين الذين يخيفهم نشاط المنظمات الشبابية والنساء وكل نشاطات المجتمع المدني.