طريق التنمية
مكاسب وتحديات
نشر موقع مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية دراسة للباحث رانج علاء الدين حول طريق التنمية، اعتبر فيها المشروع مبادرة جريئة وضرورية للغاية، لبلد عانى من الحرب الأهلية والصراع العرقي والديني والتوترات الجيوسياسية، حيث يمكن أن يحول المشروع ُالعراقَ إلى مركز للنقل ومحركاً رئيسياً للإزدهار الاقتصادي في المنطقة بشكل عام، وجزءًا من اتجاه أوسع لمبادرات التكامل الاقتصادي الإقليمي التي تلعب دورًا مهمًا في تهدئة التوترات الإقليمية.
نقاط قوة
وأعطت الدراسة نقاط قوة لطريق التنمية، باعتباره حجر أساس في الأجندة المحلية والجيوسياسية لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ودمجًا وتوحيدًا للعديد من مشاريع البنية التحتية التي هي قيد التنفيذ بالفعل، ومنها مراكز للخدمات اللوجستية والمجمعات الصناعية.
وعلى عكس مبادرة الحزام والطريق والممر الهندي، كمبادرتين عالميتين متنافستين، يركز طريق التنمية على مشاريع البنية التحتية القائمة في العراق ويهدف إلى تحويله لدولة عبور رئيسية ومركز للبنية التحتية تعزز من مكانته الاستراتيجية والاقتصادية، وبالتالي فإن تحقيق أهدافه وطموحاته أكثر واقعية من المشروعين الآخرين.
ورأت الدراسة بأن هناك عدة عوامل تعمل لصالح بغداد. فعلى المستوى الإقليمي، فتح الاتجاه نحو التعاون وخفض التصعيد، شهية دول الخليج للتسابق على التعاون مع بغداد، حيث أكدت أبو ظبي تواجدها من خلال دانة غاز وكريسنت بتروليوم وعقود لتطوير حقول الغاز في الجنوب، وأحرزت السعودية تقدماً من خلال الإستثمار في الأنبار وربط الكهرباء مع العراق كجزء من هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، وتمتلك قطر حصة 25 في المائة في مشروع نمو الغاز المتكامل (GGIP) بقيمة 27 مليار دولار فيما تعهدت شركة الاستثمار القابضة بتخصيص 7 مليارات دولار لتطوير العقارات والسياحة في بغداد. ولتركيا مصالح استراتيجية في العراق، تتثمل بإجمالي تجارة ثنائية تقارب 20 مليار دولار إلى جانب اتفاقية أمنية مثيرة للجدل. وأشارت الدراسة إلى دعم مناسب من واشنطن لحكومة بغداد وسعيها لتحسين الاستثمار إلى جانب دعم وإسهام واضح من قبل الصين، التي بلغت استثماراتها في العراق 34 مليار دولار حتى الآن.
تحديات كبيرة
ولم تبق الدراسةُ الصورةَ وردية حيث راحت تشخص العديد من المخاوف التي تثير القلق على مصير المشروع، من أبرزها أن يُّجر العراق للدخول في إتون الصراع والتوترات الإقليمية، أو أن تتأثر احتياطياته من النقد الأجنبي إذا ما تدهورت أسعار النفط، وهو خطر قد يدفع قطر وأبي ظبي أيضاُ لتقليص استثماراتهما في المشروع. وأشارت الدراسة إلى مخاطر إضعاف الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، في وقت يمكن أن يلعب فيه وجود سلاح قوي وكبير خارج نطاق الدولة دوراً ليس في التنافس السياسي فحسب بل وفي اختيار وابتزاز المستثمرين، كما حدث مع الشركات الكورية والصينية في البصرة.
وحذرت الدراسة من بقاء التوترات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان، التي تسيطر على معبر فيش خابور، خاصة بعد أن دفع استبعاد الإقليم بحكومته إلى إحياء جهودها لبناء خط سكة حديد يربط إيران وتركيا عبر أراضيها، معتبرة التفاهم في هذا المجال فرصة مهمة للطرفين، تتحقق فيها لكل البلاد منافع كبيرة.
مخاوف مشروعة
وأشارت الدراسة إلى أن المشروع يواجه العديد من التحديات الإقليمية، أهمها وجود نزاع مسلح بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في منطقة حيوية للمشروع، ورفض العراقيين لتواجد قواعد عسكرية تركية على أراضيهم، وقدرة طهران، التي لم يحسب المشروع حساب مصالحها، على تقويضه.
وأضافت بأن حماس الدول الخليجية الموقعة على المشروع، فضلاً عن تركيا، سيعتمد على مدى نجاح العراق في ترتيب بيته الداخلي، بما في ذلك العلاقات مع أربيل وبغداد، وفي تنظيم العلاقة مع طهران، التي ستقوم هي الأخرى بتقييم ما إذا كانت المبادرة تهدد بتغيير ميزان القوى في العراق بدرجة من شأنها أن تقوض نفوذها في البلاد، أو تؤثر سلباً على مكانتها الاقتصادية وما تتمتع به من دور تجاري في الخليج. وينطبق ذات الأمر وإن بدرجة أضعف على الكويت.