يواجه العراق تحديات أمنية كبيرة منذ سقوط النظام المبادرة في العام 2003، إذ يضعه موقعه الجغرافي دائما في قلب أي صراع تشهده المنطقة.
ووسط هذه التحديات لا يزال العراق يعاني من ضعف واضح في منظومة الدفاع الوطنية، حيث تفتقر البلاد الى نظام دفاع متكامل، يمتد ليشمل كافة مكونات القوة العسكرية واللوجستية والتكنولوجية، افضى الى تزايد الخروقات الأمنية، بدءاً من تسلل الجماعات الإرهابية كداعش، مثلاً، إلى الأراضي العراقية او الهجمات من خلف الحدود وغياب السيادة على المجال الجوي، ما يجعل العراق في موقف ضعف نسبي يُهدد أمنه الوطني، ويضعه في دائرة خطر دائم.
نظام دفاع متكامل
وبحسب مختصين فإن استمرار تلك التهديدات مرتبط بعدم وجود منظومة دفاع متكاملة، ضعف التنسيق بين مختلف القوات الأمنية والعسكرية، ضعف قدرات الدفاع الجوي والمراقبة الاستراتيجية، إضافة إلى غياب بنية تحتية تكنولوجية متطورة لمواجهة التهديدات السيبرانية والهجمات الإلكترونية، مع وجود سعي دولي لابقاء العراق منقوص السيادة والقوة، بما يبرر اي تواجد اجنبي على الأراضي العراقية.
وأكد خبراء الأمن، ان تطوير منظومة دفاع متكاملة للعراق يتلخص في تعزيز قدراته العسكرية، وتحسين قدراته الرادعة ضد التهديدات المختلفة، وضمان حماية موارده الوطنية ومصالحه الحيوية.
تفي بالغرض، ولكن..!
الخبير الامني فاضل ابو رغيف قال ان منظومة الدفاع المتكامل لا تقتصر فقط على الجانب العسكري التقليدي، بل تتطلب تحديثاً في البنى التحتية التكنولوجية وإصلاحات شاملة في العقيدة الأمنية للدولة بما يتناسب مع تطورات البيئة الأمنية الحديثة.
وقال أبو رغيف لـ"طريق الشعب"، إن "سيادة الدول دائماً ما تبدأ من الدفاع الجوي، فالسيادة المحفوظة تبدأ من هذا الدفاع، فاذا كان ضعيفاً يعني ان السيادة ممكن انتهاكها"، منبهاً إلى ان "امتلاك العراق لمنظومة دفاع جوي متكاملة ومتطورة اضحى امراً ضرورياً جداً، خصوصاً بعد التحديات والتهديدات التي اطلقها الكيان الصهيوني".
وبين، ان "العراق تعاقد مع كوريا الجنوبية لاستيراد منظومة دفاع جوية ورادارات متطورة، واعتقد انها تفي بالغرض من ناحية الدفاع الجوي"، لافتا الى ان "الدفاع الجوي وحده غير كاف، بل نحن بحاجة الى تطوير العقيدة الدفاعية بشكل متكامل بما يضمن حفظ سيادة البلد من اي هجمات او خروقات محتملة".
دفاع جوي متطور
وتعاقد العراق اخيراً مع شركة كورية جنوبية لشراء نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي.
وقالت شركة "إل آي جي نكس ون" الكورية الجنوبية، إنها فازت بصفقة من المقرر بموجبها تصدير نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي كوري الصنع إلى العراق.
و"تشيونغونغ-2" هو نظام دفاعي ( أرض – جو) متوسط المدى، طُوِّر استناداً إلى تكنولوجيا صاروخ "9M96" المستخدم في أنظمة الصواريخ الروسية.
وأوضحت الشركة المتخصصة في صناعة أنظمة الأسلحة المتطورة، إنها وقعت مع وزارة الدفاع العراقية صفقة بقيمة 2.78 مليار دولار لتصدير نظام "تشيونغونغ-2"، المعروف أيضاً باسم نظام الدفاع الجوي الكوري الجنوبي "إم - سام2". وبهذا سيصبح العراق ثالث دولة في الشرق الأوسط تشتري نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي بعد الإمارات والسعودية.
تجدر الاشارة الى ان هذا النظام يشكل محور استراتيجية الدفاع الصاروخي لكوريا الجنوبية المصممة لاعتراض الصواريخ والطائرات المقبلة في المقام الأول للحماية من التهديدات الكورية الشمالية. ويجري تصنيع الصواريخ والنظام المتكامل لنظام "إم - سام2" بواسطة شركة "إل آي جي نكس ون"، وتوفر شركة "هانهوا سيستمز" الرادار، وتصنع شركة "هانهوا إيروسبيس" قاذفات الصواريخ والمركبات.
منظومة منقوصة
في هذا الصدد، قال الخبير الأمني عدنان الكناني ان المنظومة الدفاعية هي "منظومة متكاملة ولا تشمل فقط الدفاع الجوي. اليوم اذا اردنا ان نؤسس للمنظومة الدفاعية فالدفاع الجوي هو جزء من هذه المنظومة، إضافة للقوى البحرية والقوة الجوية وكذلك المشاة والمشاة الراجل والآلي والقوات الخاصة".
وبين الكناني في حديثه لـ"طريق الشعب"، أن "هذه الصنوف يكمل بعضها الاخر، لتشكل المنظومة الدفاعية ولكل منها دور، فالدفاع الجوي وظيفته حماية السماء من اية خروقات". وعن مهمة الدفاع الجوي قال الكناني انه "في ظل التطورات المستمرة، يجب على العراق ان يتعامل مع العديد من التهديدات الموجودة مثل المسيرات التي يمكن ان تأتي بالعشرات واعداد هائلة قد تفوق قدرة الدفاع الجوي في التصدي لها، اضافة للصواريخ البالستية والطيران المقاتل الشبحي، وكذلك الطيران ذو الارتفاعات العالية المتميز بالقدرة على المناورة القوية و السرعة التي تفوق سرعة الصوت بأضعاف، والتي قد لا تستطيع بعض الصواريخ الاعتراضية من اعتراضها". واكد انه "يجب ان نضع حلولا لكل شيء، ولكي نؤمن الدفاع الجوي يجب ان نؤمن القطاعات البرية، وهذا يفرض بالضرورة تأمين القطاعات البحرية لتجنب ان يكون هناك اي خرق، وكل هذا ايضا يتطلب تأسيس منظومة للقوة الجوية العراقية، لتكون قادرة على رد أي اعتداء".
ستراتيجية لمنظومة الدفاع
ورأى الكناني أن "الحكومية العراقية لا تستطيع الان ان تؤسس لمنظومة دفاع متكاملة تحمي سماء وارض وبحر العراق ولعدة اسباب"، مفصلا الحديث عن ذلك بأن "الوجود الامريكي يلعب دوراً، فبقاؤه وسيطرته مرهونان بجعل العراق منقوص القوة والقدرة القتالية، فهو يستغل هذه الثغرات لإدامة وتأسيس موطئ قدم له بواسطة هذه الثغرات".
وخلص الى ان "المنظومة الدفاعية من الضروري ان تكون متكاملة، وعلى الحكومة تقع مسؤولية توزيع الادوار حسب الاختصاصات، لان تغييب القيادة العامة للقوات المسلحة، والاعتماد على العمليات المشتركة افشل منظومة الدفاع العراقية. ويفترض ان يكون هناك مخططون استراتيجيون عراقيون يرسمون السياسة الاستراتيجية لمنظومة الدفاع العراقية، وبخلاف ذلك لن تكون لدينا القدرة على تأسيس منظومة دفاع متكاملة".