مع استمرار الكيان الصهيوني في حربه الهمجية ضد فلسطين ولبنان وتهديده الدائم بتوسيع نطاق الحرب لتشمل كل من يعترض على عدوانه الغاشم ضد الأبرياء واحتمالية تصعيد الصراع إلى حرب شاملة فقد تفضي ذلك إلى إغلاق مضيق هرمز الذي يعتبر من الطرق الرئيسية لنقل النفط من منطقة الشرق الأوسط إلى بقية دول العالم.
وفي هذه الظروف استشرف خبراء في الاقتصاد والطاقة، الاثار المترتبة على قطاع النفط العراقي في حال تحقق الإغلاق، داعين إلى توسيع منافذ التصدير عبر دول عدة، تجنبًا لأي طارئ قد ينتج عنه اضطراب وتأثر الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط.
اسوأ الاحتمالات
وقال نبيل المرسومي، الاكاديمي والخبير الاقتصادي، أن العراق لم يتعلم من التجارب السابقة، ولم يفكر بأسوأ الاحتمالات، مثل إغلاق مضيق هرمز، منوهاً إلى أن "العراق كان عليه بناء خطوط تصدير نفط بديلة عبر سوريا، السعودية، وتركيا"، مشيرا الى أن "بعض القضايا الاقتصادية في العراق تُقيّم سياسياً بدلاً من أن تخضع لدراسات الجدوى الاقتصادية، مثل ملف خط أنبوب العقبة".
وأضاف المرسومي، أن "السياسة تهيمن على ملف خط العقبة، ويجب إعادة النظر فيه في ظل الظروف الراهنة وإجراء دراسة جدوى حقيقية، بعيداً عن التجاذبات السياسية"، مبينا أنه "حتى إيران التي تلوح وتهدد بإغلاق مضيق هرمز، اتجهت إلى بناء خط نقل نفطي بطول 1000 كم وبتكلفة ملياري دولار أمريكي لتجاوز إشكالية إغلاق هرمز إذا حدثت".
ووصف المرسومي العراق بأنه "الطرف الأضعف بين دول أوبك، حيث يفتقر إلى صندوق سيادي عراقي، ما يجعله عرضة للتقلبات الكثيرة في الأسواق النفطية"، مبيناً أن "توقف الصادرات النفطية سيتسبب بفجوة شهرية بحدود 4 تريليونات دينار".
الآثار المترتبة على الإغلاق
من جانبه، حذّر الخبير والباحث في مجال الطاقة دريد عبد الله، من أن إغلاق مضيق هرمز في ظل الأوضاع الحالية في المنطقة، سيؤدي إلى توقف صادرات النفط العراقية بشكل كامل.
وأكد عبد الله في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "مضيق هرمز هو المنفذ الوحيد لدخول السفن وناقلات النفط وخروجها من الخليج، وأي إغلاق له ـ سواء بسبب أعمال عسكرية أو غيرها ـ سيكون له آثار كبيرة وتداعيات سلبية على العراق".
وتحدث عبد الله عن معدلات تصدير النفط لشهري نيسان وأيار من العام الحالي، موضحاً أن الصادرات المتوقعة في حال إغلاق المضيق ستكون كما يأتي: ستتمكن السعودية من تصدير حوالي 85 في المائة من صادراتها قبل الإغلاق، في حين ستصدر إيران حوالي 68 في المائة، والإمارات 60 في المائة. أما العراق، فسوف يتمكن من تصدير نحو 17 في المائة فقط من صادراته السابقة، أما الكويت والبحرين فسيتوقفان عن التصدير تماماً.
وأشار عبد الله إلى أهمية الضغط على تركيا لفتح الأنبوب الأول القديم (أنبوب كركوك - جيهان)، لتمكين العراق من تصدير النفط من كركوك، وجزء من إقليم كردستان، لافتا الى أن العراق لا يمتلك أي منفذ آخر غير المنفذ التركي.
وأكد، أن تشغيل الأنبوبين المتوفرين هناك قد يسهم في تصدير حوالي 45 في المائة من الصادرات الحالية، موضحا أن الأنبوب الممتد من كركوك إلى الحدود العراقية التركية متوقف منذ عام 2014.
وواصل حديثه، أن العراق ينقل حالياً النفط عبر الأنبوب الاستراتيجي من البصرة إلى بيجي، لكن المشكلة تكمن في الجزء من بيجي إلى الحدود التركية الذي لم يُفتح منذ ذلك الحين.
الوصول إلى المنافذ الأخرى
وبيّن عبد الله أن العراق ـ بفضل جغرافيته المتميزة ـ يمكنه مد أنابيب متعددة لتصدير النفط عبر عدة دول، إلا أنه انتقد وزارة النفط لعدم وجود استراتيجية حقيقية لتطوير وتنويع منافذ التصدير، ما يجعله يعتمد بشكل كبير على التصدير من الجنوب فقط.
وشدد عبد الله على ضرورة أن يسعى العراق للوصول إلى أسواق جديدة في البحرين المتوسط والأحمر، نظرًا لأن الاعتماد المفرط على تصدير النفط إلى آسيا، يعرض البلاد لمخاطر الابتزاز السعري والمنافسة غير العادلة.
وأوضح، أن المستوردين في أوروبا وأمريكا يعانون نقصا في النفط الشرق أوسطي، بينما الأسواق الآسيوية أصبحت مشبعة بالنفط الأورالي والإيراني وحتى السعودي، ما أدى إلى معارك سعرية خلال السنتين الماضيتين، وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
وأضاف عبد الله، أن استمرار تصدير 70 في المائة من النفط العراقي إلى الأسواق الآسيوية يضع العراق تحت ضغط مستمر، مشددا على أن الحل الاستراتيجي يكمن في مد أنابيب نفط إلى مناطق جديدة، ما سيمكن العراق من زيادة صادراته إلى أوروبا وأمريكا.
خطوط النقل القديمة
من جانبه، أكد المتخصص في مجال الطاقة والاقتصاد، د. بلال الخليفة، أن منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الخليج، تنتج أكثر من 12 مليون برميل نفط يومياً، ما يجعل أية تأثيرات سياسية، خاصة القريبة من مصادر الطاقة، لها تأثير كبير على أسعار النفط.
وقال الخليفة، إن أسعار النفط شهدت ارتفاعاً ملحوظاً من 72 إلى 76 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أن أي تصعيد سياسي قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار حتى 100 دولار للبرميل.
وفي حديثه مع "طريق الشعب"، حذّر الخليفة من أن اشتداد التوتر في منطقة الخليج سيؤثر سلباً على مسير ناقلات النفط، ما سيضر بالعراق الذي يعتمد بشكل كامل على تصدير نفطه عبر الخليج.
وأضاف أن هذا التوتر قد يعطل تصدير النفط، وهذا ستكون له آثار كارثية وخطرة على الاقتصاد العراقي.
وأشار الخليفة إلى وجود منفذ آخر للتصدير عبر الأنبوب التركي إلى ميناء جيهان، مردفا أن هناك ضرورة لردم الخلافات بين العراق وتركيا لحل هذه الإشكالية، وتفعيل هذا الخط التصديري.