اخر الاخبار

تكتظ المستشفيات الحكومية بعشرات المراجعين، الذين يشكون نقص الأدوية والإهمال الصحي، مقابل ذلك يضطر الاطباء الى اجراء فحوصات لمئات المرضى، ضمن مشهد يتكرر بشكل يومي في تلك المستشفيات. وتقع المستشفيات المتلكئة في مناطق متفرقة من البلاد، بعدما بدأ العمل في غالبيتها منذ عام 2008، وبقيت معطلة بسبب خطوات بسيطة رغم معاناة المواطنين واضطرار الكثير منهم الى العلاج في المستشفيات الأهلية التي تكلفهم مبالغ طائلة، أو السفر خارج البلد من أجل الحصول على الخدمات الطبية، حيث صار السفر للمعالجة في بلدان أخرى أمراً شائعاً.

المستفيد الوحيد

يقول مصطفى علي، مواطن التقاه مراسل “طريق الشعب” في مستشفى الشيخ زايد،  ان واقع الخدمات الصحية في المستشفى “سيئة”، بدءا من الادوية الشحيحة والاهتمام التمريضي الى النظافة وغير ذلك.

ويضيف علي، ومن خلفه تكتظ الاسرّة بالمرضى، “أغلب المراجعين هنا من ذوي الدخل المحدود. وصيدلية المستشفى لا تحتوي سوى على الأدوية والعقاقير المهدئة”، مضيفا ان المرضى يضطرون الى شراء “راجيته” الطبيب من الصيدلية الخارجية. فهي المستفيد الوحيد من تلك الازمة.

ويشير علي الى انه واجه معاناة كبيرة اثناء نقل والدته من أقصى أطراف بغداد في قضاء المدائن الى مستشفى الشيخ زايد، وسط العاصمة “كدت أفقد والدتي بسبب الاختناقات المرورية والطرق غير المناسبة”، داعيا الى ايجاد مراكز صحية مناسبة في مناطقهم التي تفتقر لأبسط الخدمات.

بورصة الفقراء

وخارج بناية المستشفى تحدث حيدر خلف لـ”طريق الشعب”، عن معاناة المراجعين مع المستشفيات التي تحيط بساحة الاندلس، وسط العاصمة.

يقول خلف، وهو صاحب محل في ساحة الاندلس، انه كان شاهدا على الكثير من القصص المأساوية التي عاشها المرضى ومرافقوهم في تلك المستشفيات الحكومية: الشيخ زايد، ابن النفيس، ابن الهيثم، ابن رشد، الواسطي، والعلوية. والأهلية: الجراح، بغداد، والرافدين وغيرها.

ويضيف أن أغلب المراجعين يتذمرون من شح الادوية في المستشفيات، وارتفاع اسعاره في الصيدليات، منتقدا “منظومة المحاصصة الطائفية، التي تعتاش على صفقات فساد القطاع الصحي، على حساب حياة الفقراء”.

ويكمل خلف، أن الاحزاب المتغلغلة في هذا القطاع لا يخدمها النهوض بالخدمات الصحية “لأنها ستفقد امتيازاتها”. 

ويشير الى أن المواطنين لم يلمسوا أي تغيير سوى الوعود الكاذبة، ملوحا بأن القوى المتهمة بمحاربة المنتفضين في تشرين، هي ذاتها من تعرقل الخدمات العامة، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها، في بناء منظومة صحية.

معاينة لـ150 مراجعا

ويعلل نصير الخطيب، وهو معاون طبي في احد المستشفيات، شح الادوية واكتظاظ المراجعين بقلة الأبنية الحكومية المتخصصة، مشيرا الى ان “الكثير من مشاريع المستشفيات وصلت نسب الانجاز فيها الى اكثر من 90 بالمئة، لكن العمل فيها متوقف”.

ويقول الخطيب، ان الاطباء في المستشفيات الحكومية، يضطرون يوميا الى اجراء فحوصات لأكثر من 150 مراجعا.

ويدعو الخطيب الى تأهيل المراكز الصحية الشعبية، وتوفير كافة الخدمات الصحية فيها، لتقليل الزخم على المستشفيات، ورهن مراجعتها بوجود إحالة طبية.

ويواصل الخطيب حديثه، ان “المواطن كان يذهب أولا الى المراكز الصحية في منطقته السكنية لتلقي الرعاية، ومن هناك يحال للمستشفى، إذا ما وجد الطبيب حاجة لذلك”.

ويبين المتحدث، ان المستشفيات كانت قبل اربع سنوات تعتمد نظام الاحالة التخصيصية في استقبال المراجعين، لكن مع التغيير المستمر في المناصب الادارية، أهمل هذا النظام، وصارت المستوصفات خالية من المراجعين.

تلكؤ واضح

وفي تقرير لهيئة النزاهة صدر مؤخرا بشأن تقصي الحقائق عن أسباب عدم إنجاز هذه المستشفيات، أكد أن “بقاءها على حالها من دون إتمامها يسبّب بزيادة نسب اندثارها وصعوبة معالجتها”.

ورصد التقرير الذي طالعته “طريق الشعب”، وجود “تلكؤ واضح في عمل معظم الشركات المنفّذة للمستشفيات وعدم إنهاء أعمالها ضمن المُدد المحددة لها في العقود المبرمة بينها وبين وزارة الصحة أو المحافظات”، مبيّناً أن غالبية تلك المشاريع بدأت قبل الأزمة المالية، وتوقفت عام 2015، ما أدى إلى وجود نسب اندثار عالية في بعضها، خصوصاً تلك التي لم تصل إلى نسبة 30 في المائة من أعمال إنجازها”.

وشدد التقرير على “أن التلكؤ والتأخير أجبرا المواطنين المرضى على مراجعة المستشفيات الأهلية لتلقّي العلاج”.

عرض مقالات: