ماذا بعد الانسحاب؟
نشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، مقالاً للكاتب بول مكليري حول خطة انسحاب القوات الأمريكية من العراق، أشار فيه إلى أن البلدين سيعلنان قريباً عن اتفاقهما على تخفيض عدد الجنود الأمريكيين في العراق تدريجياً حتى يتم سحب آخر واحد منهم بحلول نهاية العام 2026. ووفق معلومات استقاها الكاتب من أحد كبار مسؤولي البنتاغون، حدد المقال الأسبوع الحالي موعداً للتوقيع الرسمي على الاتفاق وفي نيويورك، التي يتواجد فيها رئيس الحكومة العراقية لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
قلق أمريكي
وبسبب عدم القضاء بشكل نهائي على داعش، وهو أمر يعترف به المسؤولون الأمريكيون، ذكر المقال بأن الاتفاق قد لاقى انتقادات حادة من عدد من أعضاء الكونغرس، إلى حد يبدو وكأنه أثار بعض الذعر لديهم، حيث صرح رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الجمهوري مايك روجرز عن شعوره بالإحباط مما سمعه من البنتاغون عن الصفقة، والتي لا تحقق أي فوائد استراتيجية للولايات المتحدة، بل تسيء للأمن القومي بسبب ما تقدمه من خدمة لخصوم واشنطن في المنطقة ومن تشجيع لداعش على التحرك من جديد، حسب زعمه.
وأضاف المقال بأن هناك الكثيرين ممن يختلفون مع هذا الرأي، حيث يعتقدون بعدم وجود تهديد حقيقي من داعش، حتى مع تضاعف أعماله الإرهابية خلال العام 2024 قياساً بالعام السابق. وأشار إلى أن رئيس الحكومة العراقية قد ذكر مراراً بعدم بقاء أي مبرر لوجود أمريكي كبير في العراق بعد استقراره لاسيما وإن داعش لم يعد يمثل تحديا حقيقياً.
ماذا بعد الانسحاب
وحاول المقال إلقاء المزيد من الضوء على طبيعة العلاقة الأمنية بين بغداد وواشنطن، بعد انسحاب قوات الأخيرة من العراق نهائياً، فأشار إلى أن البنتاغون قد أعلن بأن هجمات القوات الخاصة ضد داعش ستتواصل حتى مع تغير الوجود الأمريكي في العراق، وإن مهمة التحالف الذي ضم 80 دولة ستتحول إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة. كما نقل المقال تصريحاً لوزير الدفاع ثابت العباسي ذكر فيه بأن البلدين سيطوران عملية "العزم الصلب" لتصبح "شراكة أمنية مستدامة". وتوقع المقال أن يتم السماح للقوات الأميركية بمواصلة استخدام الأرض العراقية لدعم نشاطها في سوريا، وربما توفير الدعم الجوي لبغداد، دون أن يتمكن من معرفة تفاصل الشراكة الأمنية المنتظرة.
شكل آخر للتواجد!
وكان الصحفي توماس ويتكنس قد كتب مقالاً لصحيفة (ذي ناشينول) الناطقة بالإنكليزية نقل فيه تصريحاً لمسؤول أميركي، يقول فيه بأن من المرجح أن تحتفظ الولايات المتحدة بقدرات عسكرية كبيرة لمحاربة المتطرفين في العراق في السنوات المقبلة أي بعد انتهاء التحالف ضد تنظيم داعش، فانسحاب قواتها بحلول نهاية عام 2026، لا يغير بالضرورة من قدرتها على ملاحقة داعش، معرباً عن دهشته الكبيرة إذا ما تم سحب كل الوجود الأمريكي.
لماذ ينسحبون؟
وفي موقع الدفاع الحقيقي الأمريكي (Real Clear Defense) المختص بالقضايا العسكرية كتب ويل والدروف مقالاً شخّص فيه أسباب قرار الانسحاب، والمتمثلة بتطور قدرة القوات المسلحة العراقية على التعامل مع اي تهديد أمني داخلي أو خارجي، وانتقال مركز الصراع مع داعش إلى ما يسمى ولاية خراسان، فيما لم تعد فؤائد بقاء القوات تستحق الأثمان الواجب دفعها مقابل ذلك، خاصة مع الضعف الشديد لداعش في المنطقة وهلامية ارتباطه مع داعش في افغانستان وغيرها من المناطق التي أعاد التنظيم الإرهابي بناء نفسه فيها.
وبرر المقال الانسحاب على مراحل بالحاجة إلى عدم تكرار تجربة الإنسحاب من أفغانستان، ولتوفير الوقت اللازم لإجراء تعديلات نحو مزيد من التنسيق الإقليمي لمكافحة الإرهاب، على حد تعبير الكاتب، الذي توقع الإعتماد على شبكة عالمية موسعة من وكالات تطبيق القانون والاستخبارات العابرة للحدود، بدل التواجد القتالي على الأرض.