رغم حملة الرفض الواسعة لإدراج مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية على جدول أعمال مجلس النواب، نجحت قوى الإطار التنسيقي في تمرير القراءة الثانية للقانون، في اطار ما يبدو أنه مساومة علنية مع بقية الأطراف السياسية، حيث شهدت الجلسة تأجيل التصويت على مشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)، فيما انهى المجلس القراءة الثانية لقانون العفو العام، في مسعى لتمرير تلك القوانين في سلة واحدة خلال جلسات قادمة.
مساومات مرفوضة
وفي هذا الشأن، قال حسين النجار عضو تحالف 188، إنّ "الكتل السياسية المتنفذة استغلت موضوعة المساومة السياسية، لتمرير جدول أعمال جلسة مجلس النواب، وبالتالي جرت القراءة الثانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية، برغم وجود اعتراضات سياسية ونيابية وشعبية".
وأضاف النجار في تصريح لـ"طريق الشعب": لقد اطلقنا على جلسة مجلس النواب اليوم (امس) جلسة المساومات، باعتبار انه جرت اضافة فقرات تخص الجمهور الانتخابي للكتل السياسية الاخرى التي عبرت بوضوح عن رفضها تعديل قانون الاحوال الشخصية، وبالتالي تمت مساومة هذه القوى لغرض دخول الجلسة وتحقيق النصاب القانوني، بعد ان كانت معطلة حتى وقت متأخر.
واضاف عضو تحالف 188: سنواصل سعينا الى عدم تمرير التعديل في الدورة الحالية، وسنطلب إرساله الى الحكومة، التي من واجبها فتح النقاش العام حول القضايا الخلافية في القانون، لمنع قضم حقوق المرأة والطفولة والاسرة، وبالتالي يكون هناك نقاش واسع وهادئ من اجل مصلحة الجميع.
نواب لا يعرفون عن التعديل شيئا
من جانبه، ذكر عضو اللجنة القانونية النيابية سجاد سالم في بيان طالعته "طريق الشعب"، ان "منح صلاحيات نواب البرلمان في ما يخص التشريع، لصالح الأوقاف الدينية، يشكل سابقة من نوعها"، مؤكدا ان "329 نائباً لا يعرفون محتوى مدونات الأحوال الشخصية. والمدونة الواحدة لكل المذاهب كانت لمنع الاحتيال والتلاعب بالحقوق عبر المذاهب".
واكد أن "الادعاء بأن تعديل قانون الأحوال موصى به من قبل المرجعية الدينية هو مجرد افتراء".
أما النائب رعد الدهلكي، فقد أكد من جانبه وجود ضغوط سياسية لتمرير قانون الأحوال الشخصية مقابل تمرير قانون العفو العام.
وقال الدهلكي في تصريح متلفز، إن "رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي هدد بسحب قانون العفو من جلسة الاثنين في حال عدم التصويت على الأحوال الشخصية"، مبيناً أن "جدول أعمال الجلسة تضمن قوانين للكرد (إعادة العقارات المصادرة)، والسنّة (العفو العام)، والشيعة (الأحوال الشخصية)، إلا أن التعديل الجديد لقانون العفو أقسى على المعتقلين من القانون السابق".
وأضاف: "قانون الأحوال الشخصية يعطي صلاحيتنا للأوقاف. لن نقبل بأن يكون هذا القانون مهراً للقاصرات".
رفض كردي
إلى ذلك، نفت رئيسة كتلة حزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري، تأييد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لمقترح قانون الأحوال الشخصية المطروح في مجلس النواب.
وقالت صبري في بيان: "نحن في إقليم كردستان دائماً ما سنكون مع كل الحقوق والحريات التي كفلها الدستور والمواثيق والاتفاقات الدولية بهذا الشأن، ونؤمن بضمان حقوق المرأة والطفل، وقد أعطيت المرأة والطفل في إقليم كردستان حقوقاً كثيرة توازي مصاف الدول المتقدمة، خصوصاً في موضوع الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق وتعدد الزوجات والميراث والحضانة".
ولفتت إلى أن "رئيس الإقليم رائد في دعم حقوق المرأة والطفل، وأنه عندما تكلم (في هذا الموضوع) كان الكلام عن موضوع الأقليات والمسيحيين"، بما في ذلك حقوق الأطفال الذين تتغير ديانة والدهم أو والدتهم.
وختمت بالقول إن "أي تعديل لقانون الأحوال الشخصية عليه ألا يكون ضد مواد الدستور العراقي التي تؤكد على حقوق المرأة والطفل وحقوق الإنسان".
رأي قانوني
من جهته، أكد الدكتور باسل حسين رئيس مركز كلواذا للدراسات، في حديث صحفي أن مقترح "قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية يمس مهام السلطة القضائية، بل ويمتد تأثيره إلى أكثر من ذلك، إلى بنية النظام القضائي من خلال إنشاء سلطة موازية للسلطة القضائية. فكان على المجلس لزاماً وعملاً بمبدأ الفصل بين السلطات وانسجاماً مع قرار المحكمة الاتحادية التشاور مع مجلس القضاء قبل تقديم المقترح".
وأضاف، انه "ليس كل تعديل على القوانين، بما فيها قانون العقوبات أو القانون التجاري، يتطلب أخذ مشورة مجلس القضاء، لكن نص قرار المحكمة الاتحادية واضح ويتعلق بالقوانين التي تمس مهام السلطة القضائية، وهو ما يسري على مقترح قانون التعديل تماماً".