تعديلات خطيرة ضد حقوق النساء وتماسك المجتمع
نشر موقع مركز ويلسون الأمريكي مقالاً للكاتبة رند الرحيم حول مساعي القوى المتنفذة في العراق تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188، أكدت فيه على أن التعديلات المقترحة تضر بالنساء والأطفال وبالتماسك الاجتماعي وتقوض الدولة وتهدد الدستور، ممهدة الطريق لإنحدار متعمد نحو ظروف ما قبل الدولة.
قانون متقدم ومستند إلى الإسلام
وأشار المقال إلى أنه بسبب وجود أحكام فقهية مختلفة لتفسير الشريعة الإسلامية، قام فقهاء وخبراء دستوريون في عام 1959 بصياغة القانون المراد تعديله، وإقراره بعد مراجعته من قبل علماء الدين، في مسعى لإيجاد الصيغة الأنسب للمجتمع العراقي المعاصر، التي تؤمن للنساء والأطفال حقوقاً وحماية أكبر داخل الأسرة، وتمنع التعسف وتنظم شؤون البلاد تحت قانون واحد يحكمها، وتفرض عقد جميع الزيجات أمام قاضٍ في نظام المحاكم الحكومية، وتحدد سن الرشد عند 18 عامًا، وتضع اشتراطات صارمة لتعدد الزوجات، وتتضمن موادَ منصفة للمرأة والأطفال فيما يتعلق بالحضانة والميراث والنفقة وغيرها.
تشدد متنام
وبيّن المقال بأنه ومنذ سقوط الدكتاتورية وحتى الآن، لم تنقطع مساعي الأحزاب الدينية لإلغاء هذا القانون، فيما خاضت النساء العراقيات نضالاً ضد هذا التراجع عن حقوقهن العادلة ولإحباط كل ما يسبب ضرراً جسيماً في المجتمع. ورغم ماحققنه ومن يؤيدهن من الرجال من نجاحات، فقد تمكّن المتشددون من وضع الغام في الدستور، ليستفيدوا منها لاحقاً، وهو ما يبدو متاحاً اليوم في ظل هيمنة قوى طائفية على مجلس النواب، وتذرعها بأن القانون 188 النافذ يتعارض مع معتقداتها الدينية وأنها تريد الاستفادة من الحرية التي تمنحها لها المادة 41 من الدستور.
تعديلات خطيرة
وأعربت الكاتبة عن تصورها بأن التعديلات ستفرغ القانون 188 من محتواه وتحل محله أحكام غير مدونة، حيث سيتم إلغاء دور المحاكم كجهة تنظيمية وإشرافية على رعاية الأسرة، ويُمنح لرجال الدين حق إبرام عقود الزواج والطلاق دون تسجيلها في المحاكم، ولا تُلزم الرجل بالإفصاح عن الزيجات المتسلسلة، مما يخلق فوضى في شبكات القرابة وتوزيع الميراث، ويقلل من حقوق المرأة المطلقة، ويُفقد الأطفال الحماية ويخفض سن حضانة الأم للطفل من عشرة أعوام إلى عامين، ويلغي حقها هذا إذا ما تزوجت مرة ثانية. كما قد تؤدي التعديلات إلى تخفيض سن الزواج ليصبح تسع سنوات، مما يزيد المخاوف من بيع الفتيات الصغيرات مقابل مهور كبيرة من قبل الأسر في المجتمعات الأكثر فقراً أو لتسوية النزاعات العائلية أو لكسب ود زعماء المجتمع.
لا مساواة أمام القانون
وكشف المقال عن أن تعدد أحكام الفقه ووجود تفسيرات متفاوتة وغير مدونة، سيخضع النساء والأطفال لأحكام غير متساوية عبر الطيف الطائفي ويعرضهم للإساءة دون قدرة الدولة على حمايتهم، وهو ما حفز جماعات حقوق المرأة والناشطون من الرجال والنساء والأكاديمين والباحثين القانونيين والقادة السياسيين على العمل ضد محاولة إجهاض القانون ،188 فيما أظهر استطلاع إلكتروني غير رسمي شمل ما يقرب من 62 ألف عراقي أن 73.2 بالمائة من المستجيبين يعارضون بشدة التعديل.
مخاطر على التماسك الاجتماعي
وأكدت الكاتبة على إن التعديل المقترح لا يضر بالنساء والأطفال فحسب، بل بالمجتمع ككل، فهو لا يحظى بإجماع وطني ولم يتم طرحه للمناقشة المجتمعية، ويتناقض مع مواد الدستور التي تكرس المساواة بين المواطنين، ويقوض سيادة الدولة والقضاء في الحفاظ على قوانين الأمة، ويرسخ الطائفية ويفتت المجتمع في وقت تشتد فيه حاجته إلى التماسك والتكامل الاجتماعي، ويمثل فرض إرادة وأيديولوجية الجماعات المتشددة على المجتمع العراقي بأكمله.