عبّر رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، حيدر حنون، عن استيائه الشديد من التضييق الذي تتعرض له هيئة النزاهة وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في أربيل، أمس الأربعاء، حيث خصص المؤتمر للكشف عن خفايا "سرقة القرن" التي هزّت الأوساط السياسية في البلاد.
وفي المؤتمر، أبدى حنون غضبه العارم بسبب ما وصفه بـ"استضعاف الهيئة" واختفاء ملفات من قضية المتهم نور زهير لدى القاضي ضياء جعفر. وأكد أن هذه التطورات تمثل تحديًا كبيرًا لجهود مكافحة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة.
نور زهير
وأوضح حنون أن ملف نور زهير، الذي تمت إحالته إلى محكمة الجنايات المركزية، يحتوي على 114 صكًا ماليًا، مشيرًا إلى أن القانون يقتضي فتح 114 قضية منفصلة، إلا أنه تم التعامل معها كقضية واحدة.
وأضاف قائلاً: "أريد من البرلمان أن يسألني لماذا تم فتح قضية واحدة فقط، رغم وجود جرائم أخرى لنور زهير، منها التلاعب بـ420 دونمًا من الأراضي في البصرة، والتي تم تسجيلها بأسماء وهمية". وأشار إلى أن "هذه القضية تم نقلها إلى بغداد بناءً على قرار القاضي ضياء جعفر لفتة".
وتابع حنون بأن "هناك قضايا فساد أخرى تم الكشف عنها، بما في ذلك سرقة سكك حديد تُقدّر قيمتها بـ18 مليار دولار، حيث تم بيع السكك بالكامل ولم يتم اتخاذ أي إجراء من قبل القاضي ضياء جعفر منذ شهرين".
وفيما يخص قضية الودائع الكمركية، أكد حنون أن "نور زهير متورط في سرقة الودائع بما يزيد عن تريليون دينار"، مطالبًا بعقد "جلسة علنية بحضور القاضي ضياء جعفر لكشف الحقائق كاملة أمام الشعب".
مذكرة القاء قبض
ووجه حنون اتهامات مباشرة للقاضي ضياء جعفر، مؤكدًا أن الأخير أصدر أمر قبض بحقه، وأنه يلاحقه بشكل شخصي. وأضاف أن "القاضي ضياء جعفر يحتجز موظفين في ميسان بهدف الضغط عليهم لتشويه سمعة رئيس هيئة النزاهة".
كما طالب حنون مجلس النواب بإثبات ما إذا كانت هيئة النزاهة تجامل الفاسدين أو تتستر على أموال الشعب المنهوبة، داعيًا مجلس القضاء الأعلى إلى استبدال قضاة هيئة النزاهة سنويًا لضمان النزاهة والشفافية في التعامل مع ملفات الفساد الكبرى. وأكد في ختام حديثه أنه "يفضل السجن بشرف على التستر على المتهمين في قضية "سرقة القرن".
وضمن إطار احتواء الموقف، حاول الإعلام الحكومي نفي صدور أمر قبض بحق حنون، بعد أن نقلت الوكالة الرسمية تصريحًا نسبته إلى مصدر لم تكشف عنه أن كلام حنون فُهم بشكل خاطئ! كما أن مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وكالات الأنباء حاولت اجتزاء الحديث خلال المؤتمر الصحفي ولم تشر إليه بالكامل في مشهد يمكن أن يشتت القارئ ويوجه وفقًا لأجندات تلك المؤسسات. في وقت بدأت فيه جيوش الكترونية بنشر معلومات مغلوطة، فضلاً عن نشر تسجيلات صوتية مسربة نسبت لحنون.
مصدات سياسية
كما وعلق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية د. عصام فيلي على حديث رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون في المؤتمر الصحفي، مؤكداً أن هذه التصريحات كشفت عن مدى انتشار الفساد في مؤسسات الدولة العراقية.
وقال فيلي في حديث لـ"طريق الشعب" إن "ما قاله حنون يؤكد أن أي خطوات جدية من قبل هيئة النزاهة تُقابل بمصدات سياسية تعيقها".
وأشار فيلي إلى أن "حنون كشف عن تعرضه لضغوط من كبار الشخصيات السياسية، وأن الأزمة الحالية قد تتحول إلى أزمة قضائية-قضائية، خصوصاً مع إصدار أمر قبض بحق حنون نفسه".
وفيما يتعلق بدلالات هذا المؤتمر الصحفي، قال فيلي إن "المؤتمر لا يكشف فقط عن فشل وفساد المنظومة السياسية، بل يظهر دولة مغتصبة بواسطة الفساد".
كما لفت فيلي إلى أن انفعال حنون يعكس حالة من اليأس، مشيراً إلى قضايا فساد ضخمة، مثل قضية السكك الحديد بقيمة 18 مليار دولار.
وختم فيلي قائلاً: "الفساد في العراق أكبر من الدولة نفسها، والوضع الحالي يضع كل مفاصل الدولة، بما في ذلك السلطتان القضائية والتشريعية، في موقف حرج".
وفي أول تحرك نيابي بشأن القضية، طالبت النائب ابتسام الهلالي رئاسة البرلمان بعقد جلسة طارئة اليوم الخميس للوقوف على حقائق جديدة تحدث بها رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون بشأن سرقة القرن وملفات فساد أخرى، مشددة على أنه أصبح إلزاماً على مجلس النواب عقد جلسة طارئة لمناقشة ما تحدث عنه حنون عبر وسائل الإعلام.