اخر الاخبار

قانون مخالف للدستور

لموقع معهد بروكنكس الأمريكي، كتبت مارسين الشمري مقالاً ناقشت فيه ما تقوم به القوى المتنفذة في مجلس النواب العراقي من مساع لتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ منذ عام 1959، وبشكل يعزز الهويات الطائفية ويقوض حقوق المرأة، التي ضمنها القانون المدني الحالي. وأشار المقال إلى أن هذه هي المحاولة الثالثة للقوى المتنفذة بهدف تغيير القانون بما يتوافق مع تفسيراتهم للنصوص الدينية، وذلك بعد نجاح القوى المجتمعية الفاعلة في إحباط المحاولتين السابقتين، اللتين لم تحظيا بدعم سياسي واسع في حينه.

مشاكل التغييرات المقترحة

وأورد المقال مجموعة من المشاكل التي ستواجه مشروع التعديل، مما سيجعله شديد التعقيد وعرضة لتغييرات متتالية، كصعوبة الإتفاق على مفردات التشريع المنتظر، جراء عدم وجود رأي فقهي موحد لجميع المسلمين بشكل عام وداخل كل طائفة بشكل خاص، وهو ما سيجعل المدونات التي سيشرع على أساسها القانون، معّبرة عن تفسير واحد للنصوص، في وقت تتسم فيه الشريعة بتعدد التفسيرات العملية، وتعترف بأن لكل مجتهد أو عالم مرموق الحق في استنباط تفسيره الخاص. كما ستواجه المجتمعات غير المسلمة في العراق خيار البقاء مع قانون الأحوال الشخصية الحالي أو وضع قانون خاص بها، وهو أمر لايبدو سهلاً لتعدد هذه المجتمعات ايضاً.

وأشارت الكاتبة إلى أن العديد من النشطاء قد عبروا عن اعتقادهم بأن مشروع التعديل يتضمن عناصر مناهضة لحقوق الإنسان، كالسماح بزواج الأطفال، ومنح امتيازات أكبر للرجال في قضايا الميراث، وخفض السن التي تنتقل عندها حضانة الأطفال من الأم إلى الأب، لتصبح سنتين بدلاً من 10 سنوات، واعتماد مذهب الرجل عند حسم قضايا النفقة وغيرها دون الإلتفات لمذهب الزوجة.

موقف المؤسسة الدينية

كما اشار المقال إلى عدم إعلان المرجعية العليا في النجف موقفها من التعديل، وهي مرجعية يتبعها الملايين داخل وخارج العراق، وعُرفت بدفاعها منذ فترة طويلة عن العمليات الديمقراطية والوحدة في البلاد، وأغلقت أبوابها أمام السياسيين العراقيين ورفضت منح الأحزاب الدعم والشرعية، خاصة بعيد قمع الاحتجاجات الوطنية في عام 2019، على الرغم من محاولة هذه الأحزاب إيهام الناخبين بأنها ما زالت قريبة من المؤسسة الدينية العليا. وادّعت الكاتبة بأن المرجعية تعكف على دراسة مشاريع التعديل بعناية، وربما مناقشتها مع أطراف عديدة، بما فيها منظمات المجتمع المدني والناشطين وتقديم نصائح غير مباشرة بصددها، وذلك بعد الإنتهاء من مراسيم زيارة الأربعين.

مواقف أخرى

كما نقل المقال عن شخصيات دينية دعوتها لدراسة مفردات التعديل بدقة وجعله موافقاً مع الحياة العصرية، فيما تحاول بعض القوى استثمار الصراع حول الموضوع لتأجيج المشاعر الطائفية والسعي لإستغلالها في الانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك من أجل تقليص العزوف الكبير عن المشاركة في التصويت. وأشارت الصحيفة إلى أن اصحاب التعديل نجحوا كما يبدو في مقايضة الموافقة عليه مع الساسة السنة، مقابل إقرار قانون للعفو عن المعتقلين والسجناء.

ترسيخ الطائفية

وذكر المقال بأن القانون يخاطر بترسيخ الطائفية، ويعيد إلى الذاكرة سنوات من العنف الطائفي (2005-2008) والحرب ضد تنظيم داعش (2014-2017). وأشارت إلى أن غياب أي غطاء قانوني للتقسيم الطائفي المعتمد في هياكل السلطة حالياً، يجعل من هذا التعديل نذير شؤم بوجود أول تمييز قانوني كبير بين العراقيين من طوائف مختلفة، مما يمهد الطريق لمزيد من الانقسام القانوني، في مخالفة صريحة للدستور الذي يحظر التمييز بين العراقيين على أساس الطائفة.