اخر الاخبار

بعد مرور اكثر من تسعة أشهر على شغور منصب رئيس مجلس النواب، لا تزال مهمة انتخاب رئيس جديد للبرلمان تتعثر، بسبب الصراع السياسي المحاصصاتي، وانعكاس ذلك بشكل واضح على العمل الرقابي والتشريعي للمجلس.

غياب مؤثر

يقول النائب سجاد سالم، إنّ فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد، سببه غياب التوافق بين القوى السياسية، التي عطلت عملية الانتخاب.

ويضيف سالم في حديث مع "طريق الشعب"، أن "انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب أمر ضروري جداً، لكي يمارس البرلمان أعماله بصورة صحيحة، ولتمشية مقترحات ومشاريع القوانين التي تخص مصالح الناس"، معتبرا ان "غياب رئيس مجلس نواب عن المنصب، له أثر سلبي. ويؤثر بدرجة كبيرة على التشريعات وجدول الأعمال، وفي إدارة الجلسات وغيرها".

ويشير سالم إلى أن "الإطار التنسيقي اليوم فيه أكثر من توجه وهناك اختلافات داخل "الكتل السنية" حول هذا الموضوع"، مبيّناً أن "عدم احترام المدد الزمنية التي نصت عليها القوانين والتعليمات التي تنظم عمل السلطات سببه ان التوافق السياسي اكثر تأثيراً واكبر من الدستور والقوانين احياناً. وهذه هي المشكلة في العراق".

تفجّر الصراعات

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، د. عصام فيلي: ان الفشل في انتخاب رئيس مجلس النواب، يمثل اشكالية. وذلك بسبب عدم وجود تشريعات حقيقية تحدد سقفا زمنيا لمثل هكذا إشكاليات.

وأضاف فيلي في حديث مع "طريق الشعب"، ان هذه الاشكالية ستبقى قائمة في ظل غياب هذه التشريعات. نحن دائماً نمر باشكالية عدم الاتفاق، كما هو الحال في مهمة اختيار رئيس الحكومة التي تتجاوز السقوف الزمنية المعروفة عادة.

وتابع، ان "طبيعة الصراع السني _السني ودخول بعض الاطراف الشيعية على خط الازمة هو الذي عقد المشهد"، موضحاً ان "البيت الشيعي" يمر بحالة انقسام في دعم الاطراف السنية المنقسمة على نفسها أيضا، فلم تتفق حتى الان على مرشح واحد، وبالتالي خلق كل ذلك اشكالية واضحة في حسم الملف".

واكد، ان ادارة البرلمان بالانابة اضعف دوره، وهذا يظهر بوضوح في جملة من التشريعات التي تطرح، ناهيك عن ان هناك اطرافا "سنية"، تفضل ان تبقى ادارة البرلمان بالانابة، لأن ذلك يحقق لها كسباً سياسيا.

وواصل فيلي كلامه، ان هذا الفشل يكشف لنا عن ضعف المؤسسة التشريعية العراقية، كما هو الحال دائماً حيث ان تقاليد العمل السياسي شبه غائبة، محذراً من ان "المرحلة القادمة ستكون اشد خطورة، خصوصاً بعد بروز الصراع المناطقي والعشائري، والحال ينسحب ايضا على الصراع بين القوى السياسية".

قوى متنفذة تتحكم بالمشهد

الباحث في الشأن السياسي د. مجاشع التميمي، قال ان "القضية باتت معقدة، وان النظام السياسي في العراق يعاني من إشكاليات كثيرة. هذه الإشكاليات لا يمكن ان تعالج من خلال الدستور، ويبدو ان المعالجات القانونية غير قادرة على ذلك ايضاً".

وأضاف التميمي، ان "الخلل سببه وجود رغبة من قبل قوى الاطار التنسيقي في السيطرة والاستحواذ، باعتبار انه يمتلك اليوم 186 نائبا في البرلمان".

ولفت التميمي في حديث مع "طريق الشعب"، الى ان الفشل تقف خلفه أسباب عديدة، لعل ابرزها ان هناك "رؤية لدى بعض قوى الاطار التنسيقي بأنه هو الأكبر وهو من يجب ان يسيطر على المناصب المهمة. وعليه فأن هذا التعطيل تتحمل مسؤوليته بشكل كبير قوى الاطار، التي على يبدو تريد ابقاء المندلاوي على رأس إدارة السلطة التشريعية، إضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بالخلافات السنية التي ربما تتم تغذيتها من داخل العراق وخارجه".

واكد، أن العجز عن حسم هذا الملف يشير بوضح الى ان هناك ازمة داخل النظام السياسي في العراق، القت بظلالها على مجلس النواب، وهذا الأمر بحد ذاته خطير جداً، على اعتبار ان السلطة التشريعية الرقابية هي السلطة العليا، وان ابقاء هذه السلطة بلا رئيس سينتج عنه خللا كبيرا.

وعدّ التميمي، أن وجود رئيس لمجلس النواب أمر مهم جداً، لأن تداعيات ذلك هي إضعاف وتغييب دور المجلس. فمن الملاحظ ان هذه الدورة ـ وعلى لسان نواب داخل البرلمان ـ فشلت بشكل كبير على مستوى تشريع القوانين والعمل الرقابي".

واختتم حديثه بالقول: أن "القوى السياسية المتنفذة منذ عام 2006 ولغاية الآن لا تحترم التوقيتات الزمنية الدستورية، ودائما ما تتكرر هذه خروقات الدستورية، وهذا امر معيب و غير مقبول لا قانونياً ولا دستورياً".

وعلى الجانب الاخر، تواصل القوى "السنية" عدم اتفاقها على مرشح واحد لشغل منصب رئيس البرلمان بعد إعلان تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر وتحالف العزم بزعامة مثنى السامرائي تمسكهما بترشيح محمود المشهداني للمنصب المعطل منذ أشهر عدة، فيما يصر حزب تقدم الذي يرأسه محمد الحلبوسي على فتح باب الترشيح مجدداً لتقديم أحد نوابه للمنصب.

وكان البرلمان العراقي قد أخفق خمس مرات تباعاً في حسم الملف، في ظل انقسام بين الأطراف السياسية، ورغبة بعض الأطراف وخاصة في الاطار التنسيقي بإبقاء الوضع كما هو في سبيل احكام قبضتهم على جميع مفاصل الدولة.