اخر الاخبار

 قبل شهر من الآن، أعيدت الموازنة التي صوّت عليها مجلس النواب الى البرلمان مرة اخرى، بعد ان حصل تلاعب في جداولها، حيث جرت إضافة بعض التخصيصات على جداولها، فرفع حجم الموازنة من ٢١١ الى ٢٢٦ تريليون دينار. اي بفارق 15 تريليونا.

عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي، كان قد كشف الشهر الماضي، عن إعادة جداول الموازنة الى مجلس النواب، نتيجة اضافة مبلغ 15 تريليونا. واكد في حينها ان اللجنة المالية ستفتح تحقيقاً للوقوف على أسباب التغييرات الحاصلة فيها، إلا ان اللجنة لم تفصح ابداً عن نتائج التحقيق، والى اين وصل، وهل تم التعرف الى من هو المتلاعب بالجداول؟

يجد مختصون أن هذا التلاعب يكشف عن مدى ضعف الدولة واجهزتها الرقابية، وان هذا التعتيم يدلل على ان المسؤول هو جهة نافذة ومؤثرة، بل وقادرة على ردع كل من يحاول ملاحقتها.

مالية البرلمان لا ترد..

حاول مراسل “طريق الشعب” على مدى أسبوعين التواصل مع عدد من اعضاء اللجنة المالية النيابية، للاستفسار عن نتائج التحقيق، وإجراءات اللجنة في هذا الصدد، لكن أيا من هؤلاء الأعضاء لم يرد على الاتصالات المتكررة للجريدة، من بينهم النائب معين الكاظمي، الذي كشف للإعلام التلاعب.

واتهم عضو اللجنة المالية في مجلس النواب معين الكاظمي، في 14 تموز الماضي، بعض أعضاء مجلس النواب بـ”التلاعب في جداول الموازنة بعد المصادقة عليها ومن ثم ارسالها الى مجلس الوزراء”، فيما أكد ان التحقيقات جارية وسيحاسب من قام بالتلاعب.

وقال الكاظمي في تصريح صحفي، انه “بعد مراجعة الجداول من قبل اللجنة المالية والاتفاق عليها، مع إعطاء صلاحيات لرئيس الوزراء مناقلة 2 ترليون دينار لتنمية الإقليم في المحافظات تم تغيير بعض الأرقام قبيل ارسالها لمجلس الوزراء”، مشيراً الى ان “التغييرات حدثت داخل مجلس النواب وقبل وصولها الى الحكومة”.

وتابع ان “مجلس الوزراء ارجع الجداول الى مجلس النواب لغرض التصحيح وإلغاء الإضافات التي حصلت”، لافتاً الى ان “اللجنة المالية بصدد التحقيق حول من تجرأ ليتلاعب بجداول الموازنة وكيف وقع رئيس مجلس النواب بالإنابة على التغييرات التي حدثت”.

واكد، “ستكون هناك محاسبة لمن حاول ان يغير بعض الأرقام في الجداول كونهم تجاسروا على قوت الشعب ومن دون اذن اللجنة المالية ومجلس النواب”. 

تعتيم متعمد

يقول الخبير الاقتصادي صالح الهماشي: ان “المشكلة بالعراق لحد هذه اللحظة هي عدم وجود جهة قادرة على ضبط ميزانية الدولة. حتى الموازنات التي ترفع دائماً ما تجري عليها تغييرات وتعديلات وهناك إخفاقات، لم يجر كشفها بسبب غياب الحسابات الختامية”، مبيناً ان الموازنة ما زالت موازنة بنود وليس برامج. وفي مثل هذه الموازنات بكل تأكيد تحدث خروقات.

ويضيف الهماشي لـ”طريق الشعب”، قائلاً: ان “التلاعب والخفايا لا تقتصر على عمل مجلس النواب فحسب، بل حتى المؤسسات المالية لم تفصح بشكل واضح عن ايراداتها. وهذا الأمر ينسحب على وزارتي الكهرباء والنفط وامانة بغداد وغيرها.

ويؤكد ان هناك “تعتيما متعمدا” على حجم أموال وإيرادات الدولة.

ويشير الى ان اي مشكلة تحدث في العراق تنتهي، ببساطة، بتشكيل لجنة تحقيقية، لكننا للآن لم نسمع بنتائج تلك اللجان، وإن أعلنت فانه يجري تجاهل توصياتها، والقائمة في هذا الاطار تطول.

ويخلص الى القول ان “الفساد في البلاد أصبح ثقافة ومشكلة معقدة، بل أن مؤسسات الدولة صارت تحمي هذه عناصر وأدوات الآفة”.

هل كان هناك تحقيق؟

المختص في الشأن الاقتصادي همام الشماع قال: ان “عدم اعلان نتائج التحقيق حتى الان، يثير التساؤل عن هل كان هناك تحقيق؟”، محذرا من ان “محاولة اضافة هذا المبلغ ليست بالأمر الهين، انما تقف خلفها قوى نافذة ومؤثرة”.

وأضاف الشماع في حديث مع “طريق الشعب”، انه قام بالاستفسار من بعض المعنيين، لكن لم يكن هناك رد بهذا الخصوص، نتيجة غياب الشفافية في التعاطي مع الرأي العام، مؤكدا ان “اضافة مبلغ بهذا الحجم، كاد ان يمر بسهولة ودون خوف من اكتشاف الامر او اتخاذ اجراءات، ما يدلل على ضعف الجهات الرقابية التي يمكن ان تحاسب على هكذا انتهاكات.

وتساءل الشماع عن دور اللجنة المالية النيابية التي يقع على عاتقها قراءة وتدقيق الجداول المرسلة من الحكومة الى البرلمان؟