اخر الاخبار

كشف تقرير لديوان الرقابة المالية عن أن أكثر من 150 ألف مواطن اشتروا الدولار لغرض السفر خلال النصف الأول من 2023، لكنهم لم يسافروا، ما يعني بيعهم 600 مليون دولار في السوق السوداء، بينما يجري اتباع تدابير عديدة للحد من تهريب الدولار، والسيطرة على تذبذب سعر الصرف والارتفاع المستمر في الأسواق المحلية.

آلية جديدة

ودشّن البنك المركزي العراقي آلية جديدة لاستلام المسافرين العملة الأجنبية (الدولار)، والتي ستكون حصراً عبر منافذ الشركات والمصارف في المطارات العراقية، مؤكداً أن الهدف من الآلية الجديدة التي ستدخل حيّز التنفيذ في 14 من شهر تموز الحالي هو وصول الدولار للمسافر الحقيقي وتمرير معاملات سليمة، فضلاً عن تسهيل وصول المسافرين الى الدولار بشكل اسرع.

وأوضح البنك لمركزي الآلية الجديدة لاستلام المسافرين لحصتهم من الدولار «عبر قيام المواطن المسافر بالتوجه إلى شركات الصرافة المجازة، المنتشرة في جميع المدن لتسليم المبلغ بالدينار المعادل لحصة المواطن من الدولار وفق سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي العراقي، إذ ستعمل الشركة على إدخال بيانات المواطن المسافر ورفع اسمه في المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي العراقي وتسليمه وصلاً يؤيد عملية إيداعه الدينار، لاستلام الدولار النقدي داخل المطار حصراً».

وعند إكمال المسافر إجراءات المغادرة سيتم تسليمه المبلغ بالدولار عبر المنافذ المتاحة في المطار وعلى مدار ٢٤ ساعة باليوم و٧ أيام في الأسبوع، علماً أن البنك المركزي قرر السماح لشركات الصرافة تسلم أكثر من حصة خلال الأسبوع بما يحقق الاستجابة الكاملة لطلبات المسافرين.

الاستقرار يتطلب تحركا أمنيا

وأكدت اللجنة المالية النيابية، أن هذا القرار سيحد من تهريب العملة، ويستهدف الفاسدين والسارقين؛ حيث قال عضو اللجنة جمال كوجر، إن «القرار سيمنع الفاسدين من استغلال منافذ البيع الأخرى لتهريب العملة، ويضمن وصول الأموال إلى المسافرين الفعليين فقط».

وأكد في حديثه، أن «القرار لن يؤثر سلباً على المواطنين، بل سيحاصر المهربين والمفسدين الذين يسرقون ملايين الدولارات بسبب الفساد»، مشيرا الى ان «استقرار أسعار الدولار في الأسواق يتطلب تحركاً أمنياً قوياً على الحدود لملاحقة المهربين، بالإضافة إلى تسهيل عمليات البنك المركزي في صرف الدولار وزيادة الكميات المتاحة في مزاد العملة لتلبية احتياجات السوق».

وسجلت مبيعات المركزي من الدولار ارتفاعاً ملحوظاً خلال مزاد أمس الأربعاء، مقارنة بيوم الثلاثاء.

وباع البنك في مزاده مبلغاً قدره 273 مليوناً و691 ألفاً و666 دولاراً، تمت تغطيته بسعر الصرف الأساس 1310 دنانير لكل دولار للاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الإلكترونية، و1310 دنانير لكل دولار للحوالات الخارجية، بينما بلغ سعر الصرف النقدي 1305 دنانير لكل دولار. وبلغ عدد المصارف التي اشترت الدولار النقدي خمسة مصارف، بينما قامت خمسة عشر مصرفاً بتلبية طلبات تعزيز الأرصدة في الخارج، كما شاركت 124 شركة صرافة وتوسط في المزاد.

عاجز على معالجة المشكلة

وضمن الصعيد ذاته، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي: ان «سياسة البنك المركزي بشكل عام لا تزال غير فعالة وغير قادرة على السيطرة على الكتلة النقدية ولا على العملات الاجنبية داخل البلد وخارجه»، مرجعاً ذلك الى «عدم وجود اليات علمية وحقيقية واقتصادية وإدارية للسيطرة عليها».

وأضاف قائلاً لـ»طريق الشعب»، أن «المصارف العراقية سواء كانت حكومية أم أهلية غير قادرة على أداء دورها الحقيقي في الاقتصاد وفي السياسة النقدية. وفي الوقت الذي يصدر فيه البنك المركزي قرارات عديدة وكبيرة كل شهر أو شهرين، إلا أن المشكلة ما زالت قائمة».

ومن وجهة نظره، يجد الهماشي أن «استعمال عملات اخرى مثل اليورو عوضاً من الدولار في التجارة مع إيران وسوريا، احد الحلول الممكنة والذي يضمن البقاء بعيداً عن العقوبات الأمريكية او بالتبادل التجاري المتوازي».

وتابع قائلاً، أن «تحويل الدولار إلى المطار، ربما تكون خطوة صحيحة لضبط التلاعب من قبل الصيرفات، ولكن مشاكله كثيرة في ذات الوقت بضمنها الزخم الذي سيحصل وأعداد المسافرين الضخمة والمشاكل داخل المطار وطريقة التحويل».

وأكد أن «معالجة المشكلة من جذورها هي المطلوبة، وتتمثل بحل مشكلة التبادل التجاري مع إيران والتي تقدر بقيمة 8 ملايين دولار سنويا، وكذلك التبادل التجاري مع سوريا، عبر استخدامنا عملات أخرى غير الدولار، إمّا ان تكون اليورو او العملات المحلية المتبادلة بين البلدين، لكي نتخلص من هذه المشكلة ومن العقوبات المفروضة على هذه الدول».

وحذّر الهماشي من ان «انقطاع هذا الدولار سيؤدي الى ارتفاعه بشكل كبير جداً وقد يصل الى 2000 وفي حال انخفض في السوق المحلية قد يصل الى 1700 ـ 1800».

وخلص الى القول، ان «سياسة البنك المركزي حتى اللحظة، لا تزال ضعيفة وغير قادرة على معالجة المشكلة، بل وربما هي لم تعِ او تستوعب المشكلة وماهيتها»، مبيناً ان «السيطرة على حجم الكتلة النقدية وتوفير سيولة نقدية كافية، يحتم رفع سعر الفائدة، وهذا اجراء معمول به في مختلف بنوك العالم، ويفترض بالبنك المركزي رفع سعر الفائدة من 7 ـ  10 او 12 في المائة، لامتصاص الكتلة النقدية الموجودة داخل البلد».

تقاطعات وغياب للتنسيق

من جهته، قال المختص بالشأن الاقتصادي همام الشماع ان هذا الاجراء «سيسهل حصول المسافرين على العملة الاجنبية بسهولة اكثر، ولكن لا يمكننا ان نقيّم مدى التسهيلات المقدمة لحين التطبيق».

ورجح الشماع في حديث مع «طريق الشعب»، إمكانية أن يسهم هذا القرار في «الحد من تهريب العملة. التلاعب بالأسواق كبير جداً والفساد موجود، وهناك مدراء مصارف وجهات عديدة استغلت اموال المسافرين بشكل فظيع، وتحصلوا على مبالغ كبيرة».

ونوه الشماع الى ان «ارتفاع سعر الصرف لا يعود لسبب فني، وإنما هناك سبب سياسي يلعب دوراً بذلك»، مضيفا ان «التجارة مع إيران وسوريا فيها جنبة سياسية تنطلق من مصالح سياسية معينة تشجع هذه التجارة ونتيجة اسباب اخرى، بضمنها هبوط التومان والليرة».

ولفت الى ان «انقطاع الدولار عن السوق ستكون نتائجه وخيمة، اذ ان الارتفاع سيكون كبيرا، وقد يصل الى 30 في المائة».

وواصل القول، ان «البنك المركزي العراقي، يحاول ان يرسم سياسة نقدية، ولكنها تصطدم بالسياسة المالية التي تضعها الحكومة من اجل تمويل الموازنة»، مبينا ان ذلك «يحول دون رسم سياسة نقدية صحيحة، وعلى هذا الحال ستبقى سياسة البنك المركزي مريضة بسبب مرض السياسة المالية».

وأتم حديثه بالقول: انه من المفترض ان «يكون ما بين السياستين النقدية والمالية تنسيق ويدعم بعضمها الآخر، لكن هذا غير موجود».

وسجلت أسعار صرف الدولار مع إغلاق بورصتي الكفاح والحارثية ببغداد 149,150 ديناراً مقابل 100 دولار.

عرض مقالات: