اخر الاخبار

كشفت الجولات الميدانية الاخيرة لكوادر هيئة النزاهة في عموم محافظات العراق، عن ملفات فساد كبيرة طالت كل شيء: العقود الحكومية، الأراضي والعقارات العامة، المشاريع المختلفة، وحتى الحقن الخاصة بفايروس كورونا.

ولا تزال تلك الكوادر تخضع للتدريب على برنامج (UNDP) الممول من الاتحاد الاوروبي، لمدة 4 سنوات، ويهدف لدعم المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد بالعراق وكردستان، للعمل بطريقة حديثة وجديدة، لتقويض تلك الآفة التي تنخر بجسد الدولة منذ عقود.

ويقول رئيس هيئة النزاهة، ان عملهم “خلال الايام القادمة” يتركز على اقتحام مؤسسات الدولة الخدمية “لمنع الرشوة والابتزاز”.

وفيما دعا الى “العمل ببرنامج الشفافية وحماية المال العام الذي أطلقته الهيئة”، حذر “من استغلال البعض لعمل الهيئة، ولا سيما قبل موعد الانتخابات القادمة”.

وفي تقرير الأداء الحكومي السنوي، ذكرت الحكومة انها شكلت “لجنة مكافحة الفساد التي ألقت القبض على عشرات المتهمين... واتخذت أيضًا خطوات مهمة للحد من هدر المال العام، بما في ذلك: منع موظفي القطاع العام من تلقي أكثر من راتب واحد، وإيقاف دفع التعويضات لذوي مخيمات رفحاء الساكنين خارج العراق”.

4 في المائة فقط

وفي نهاية العام الماضي، أصدرت لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي في البرلمان، تقييما للمهام الموكلة للحكومة، واشتمل التقييم على 7 محاور. وكان نصيب محور محاربة الفساد 4 في المائة فقط.

استقدام مسؤولين في بابل

وفي بابل أصدرت محكمة التحقيق المختصَّة بالنظر بقضايا النزاهة، أمر استقدامٍ للمحافظ ورئيس مجلس المحافظة، على خلفيَّة أوامر مخالفة للقانون والدستور.

وقالت دائرة التحقيقات في هيأة النزاهة، إن “محافظ بابل أصدر أمراً بتأليف هيأة يترأسها أحد الأشخاص تحت مسمى (هيأة مكافحة الفساد وإدارة الأزمات) بناءً على قرار مجلس المحافظة السابق، لممارسة أعمالها بصورة مخالفة للقانون والدستور”.

وأضافت أنه “تبعاً لتلك المعطيات قرَّرت المحكمة إصدار أمر استقدام لمحافظة بابل ورئيس مجلس المحافظة؛ استناداً إلى أحكام المادة  (٣٣١) من قانون العقوبات”.

وفي نينوى

وعلى خلفية عقد بقيمة 32 مليار دينار، استقدمت هيئة النزاهة المدير العام الأسبق للشركة العامَّة لكبريت المشراق.

وقالت دائرة التحقيقات في الهيئة، ان قاضي محكمة تحقيق نينوى المُختصَّة بقضايا النزاهة أصدر أمر استقدام للمدير العام الأسبق للشركة، على خلفيَّة توقيعه عقداً بقيمة (32,000,000,000) مليار دينار، لإنشاء محطةٍ كهربائيَّةٍ خلافاً لتعليمات وزارة الصناعة والمعادن، فضلاً عن وجود مغالاةٍ بقيمة العقد ومُخالفاتٍ مُثبتةٍ من قبل ديوان الرقابة الماليَّة.

وعلى صعيدٍ آخر، متصل أعلنت الدائرة عن إصدار قاضي محكمة تحقيق نينوى المُختصَّة بقضايا النزاهة أمر قبضٍ بحقِّ عضوٍ سابقٍ في مجلس المحافظة، استناداً إلى أحكام المادَّة (340) من قانون العقوبات، مُشيرةً إلى أنَّ الأمر جاء على خلفيَّة فقدان العجلة التي كانت بذمَّتها عندما كانت تشغل منصب عضو مجلس المحافظة.

وفي السابع من حزيران الجاري، اصدرت الهيئة 9 أوامر ومُذكَّرات قبضٍ وضبطٍ واستقدامٍ بحق مسؤولين في مختلف محافظات العراق، منها بحق رئيس جامعة سابق ومسؤول في شركة توزيع المنتجات النفطية بنينوى.

اختلاس 424 حقنة

وضبطت هيأة النزاهة، اول من امس الثلاثاء، متهما اختلس (424) حقنة خاصة بمرضى كورونا في نينوى.

وقالت الهيأة إن “فريق عملٍ من مديريَّة تحقيق الهيأة في محافظة نينوى تمكَّن من ضبط أحد العاملين في مستشفى الشفاء الخاص بمعالجة مرضى كورونا في المحافظة، لاختلاسه حقناً خاصة بمعالجة المصابين بهذا المرضى سعر الواحدة، يبلغ  (300) دولار أمريكي، وقيمتها الإجماليَّة (178,080,000) مليون دينار”.

وأضافت أن “الفريق تمكَّن أيضاً من ضبط (424) حقنة في دار المتهم ومواد طبيَّة أخرى. وأن التحقيقات الأوليَّة مع المتهم كشفت عن أن الحقن المضبوطة ليست أصليَّة، وإنما هي حقن غير أصليَّة المنشأ وغير معتمدة من قبل وزارة الصحة”.

كذلك وضعت الهيئة “إشارة عدم التَّصَرُّف” بـ (844) عقاراً، بقيمة (85) مليار دينارٍ في المحافظة، مُؤكِّدةً وجود عدَّة مُخالفاتٍ في عمليَّة التخصيص.

مذكرات قبض في كركوك

كذلك كشفت هيئة النزاهة، عن إصدار محكمة التحقيق المُختصَّة بقضايا النزاهة في كركوك، أوامر قبضٍ بحق ثلاثةٍ من أعضاء مجلس المحافظة، على خلفيَّة امتناعهم من تسليم ما بذمتهم من موجوداتٍ.

وقالت دائرة التحقيقات في الهيئة، أنها انتهت إلى “عدم تسليم الثلاثة الصادر بحقهم أوامر القبض ما بعهدتهم من موجوداتٍ تمثلت بالسيَّارات والغرف ومكاتب بعد إلغاء عمل المجلس”.

وأضافت، أن “محكمة التحقيق المُختصَّة بقضايا النزاهة في المحافظة أصدرت أوامر القبض بحقِّ أعضاء المجلس الثلاثة؛ استناداً إلى أحكام المادة 340 من قانون العقوبات”.

تلاعب في عقارات النجف

وقبل يومين، اعلنت الهيئة احباطها “عمليَّة كبرى” للتلاعب بأوليات عقارات بعشرات المليارات في النجف، فيما اشارت الى ضبط أربعة مُتَّهمين بتلك العملية.

وفي بلدية المحافظة، تمكن فريق عملٍ الهيأة من ضبط كتب التقدير لــ(135) عقاراً تقع في مواقع متميزةٍ بالمحافظة، الْمُذَيَّلَة بتواقيع المتهمين الحقيقيَّة.

وبينت الهيئة أن “قيمة تلك العقارات تُقَدَّرُ بــ20 مليار دينار عراقي”.

تواطؤ وفساد في 3 وزارات

وفي تقرير أعده فريق عمل دائرة الوقاية في هيئة النزاهة، اشار الى وجود “شبهات تواطؤٍ وفسادٍ تشوب عقود التنفيذ المباشر” لدى وزارة الزراعة.

وكشف التقرير المُرسل إلى مكتب رئيس الوزراء ومكاتب وزراء الزراعة والصناعة والمعادن والنقل، عن “شيوع حالات التعاقد بصفةٍ مُستعجلةٍ قبل مُدَّةٍ قصيرةٍ جداً من بداية الموسم الزراعيِّ، وتوفير الأسمدة بعد الزراعة، ممَّا يُفوِّتُ فرصة الاستفادة منها، دون قيام الوزارة بمعالجة الموضوع أو اقتراح حلولٍ، ممَّا يبعث الشك بوجود شبهات تواطؤٍ وفسادٍ تشوب عقود التنفيذ المباشر”.

ورصد التقرير أنَّ “أغلب العقود المُبرمة مع الشركات يتمُّ توقيعها خارج العراق، على الرغم من أنَّ التفاوض يتمُّ داخل العراق، الأمر الذي يفتح نوافذ لشبهة الفساد تُفوِّتُ المنفعة على البلد بتحقيق الإيرادات عبر مُساعدة الشركات المُتعاقدة على التهرُّب الضريبيِّ”.

وتوصلت تحرّيات فريق العمل إلى أنَّ “لجان التفاوض مع الشركات المُجهِّزة هي اللجان ذاتها التي تُوفَدُ للخارج لتوقيع تلك العقود”.

وكشف التقرير عن “تعارض عمليَّة نقل الأسمدة بموجب خطَّة التسويق المُتَّـفق عليها بين وزارتي الزراعة والصناعة”، موضحاً أن “ذلك يُعَدُّ من أهمِّ المشاكل التي تواجه وزارة الصناعة التي تتمثَّلُ بنقل أقصى ما يمكن نقله من سماد اليوريا (المنتج أو المُخزَّن)، مما يؤدي إلى تراكمه في مخازن الشركة العـامَّة لصناعـة الأسمدة الجنـوبيَّة وتعرُّضه للتكدُّس والتميع والتصلُّب، نتـيجة الظروف الجويَّة، فضلاً عن امتلاء المخازن بالمنتج”.

ورصد التقرير إلى “قيام وزارة الزراعة باستيراد كميَّةٍ من سماد اليوريا وتوجيه شاحنات الناقل لنقله، الأمر الذي أدَّى إلى امتلاء مخازن الشركة العامَّة لصناعة الأسمدة الجنوبيَّة بأكثر من (60,000) ألف طنٍّ، ممَّا اضطر الشـركـة لتكـسيـره وتسـويـقـه وتـصـريـفـه عـلى مدى 3 أعوامٍ، وما زال الخزين المُتراكم المُتوفِّر بحدود (15,000) ألف طنٍّ”. وطالب التقرير “بتقديم الدعم اللوجستيِّ للشركة العامَّة للسكك الحديد؛ لتأهيل خطوطها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة لرفع طاقة النقل اليوميِّ مع العمل على مد خـطوطٍ سككيَّةٍ لتـصل إلى مخازن وزارة الزراعـة، ومطالبة وزارة الزراعة بتحديد موقفها من التعاقد مع وزارة النقل – الشركة العامَّة للسكك الحديد، لنقل المنتوج المحليِّ من سماد (اليوريا)”.  وبيَّـن أنَّ “الشركة العامَّة للنقل البريِّ مُتعاقدةٌ ضمناً مع شركة نقلٍ خاصَّةٍ مقابل الحصول على نسبة (6%) من قيمة العقد لمصلحة الشركة العامَّة للنقل البريِّ منذ عام 2005  لغاية الآن، الأمر الذي يُفوِّتُ الفرصة في خلق مبدأ المُنافسة بين الشركات الناقلة”.

نزاهة كردستان

وكشفت هيئة نزاهة إقليم كردستان، مؤخرا عن مسؤولين كبار.

وقال رئيس الهيئة احمد انور، انهم يراقبون ويتابعون “ما يجري بشأن عمليات التهريب، وتمنح المعلومات للادعاء العام لكي يقوم برفع دعوى أو تقديم شكوى حول هذا الموضوع”. وتابع انور أن “احصائية الفساد خلال العام الماضي كانت بحدود 100 أو 200 أو 300 مليار دينار، ولكن هذه الأرقام ليست نهائية، حيث أنها تصبح نهائية عندما تحال للمحاكم وتصدر بها احكام”.

واكد رئيس الهيئة، انه “تمَّت ادانة مسؤولين كبار بالفساد من درجة مدير عام فما فوق”، لافتاً إلى أن “هناك مديرين عامين محكومين اضافة الى مستشارين ووكلاء وزراء ووزراء سابقين لديهم قضايا بالنزاهة”.

برنامج  (UNDP)

واكد ان “عمل الهيأة مع برنامج (UNDP) يمتد لـ4 سنوات، حيث ان الاتحاد الاوروبي يمول هذا البرنامج بالعراق وكردستان، وتم الاعلان عنه الشهر السابق ببغداد”، لافتاً الى أن “الهدف من هذا البرنامج دعم المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد بالعراق وكردستان، للعمل بطريقة حديثة وجديدة كباقي دول العالم المتقدم”.

ويرجح ان “برنامج (UNDP) سيقلل الفساد في العراق والاقليم اذا تم التعاون عليه”.

عقود الاتصالات بـ”ثمن زهيد”

ولا تزال قضية تجديد رخص شركات الاتصال العاملة في العراق، تتفاعل بين أوساط برلمانية، على الرغم م الاطاحة ببعض المسؤولين، على خلفية تلك العقود؛ إذ حمّلت لجنة الاعلام والاتصالات البرلمانية، هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية مسؤولية تجديد تلك العقود “دون استيفاء الديون” المترتبة على الشركات.

وقال عضو اللجنة علاء الربيعي، إن “قضية العقود المبرمة مع الهيئة ترتبط بشخصيات ورؤوس كبيرة، حتى إن تمت إقالة رئيس هيئة الاعلام والاتصالات عبر الاستجواب، الا ان أصحاب الشركات استخدموا نفوذهم على مسؤولين بالدولة لتجديدها على حساب الشعب العراقي”.

وأضاف، أن “تجديد تلك العقود كان بثمن زهيد جداً”.

وأشار الربيعي إلى أن “بالمقارنة مع أي دولة أخرى مجاورة او غيرها، فاننا سنجد اسعار الاتصالات في العراق هي 10 اضعاف الدول الاخرى، وهو الأغلى على مستوى المنطقة، ناهيك عن الجودة، حيث يعاني الكل من سوء الاتصال بكل انواعه، لذا على الحكومة وهيئة الاعلام ان تعي حجم هذا القسم الذي تم ضياعه بسبب الفساد وسوء الاستخدام”.

المرحلة المقبلة

من جانبه، أكد رئيس هيئة النزاهة علاء جواد الساعدي، أول من أمس الثلاثاء، ان أولويات عمل الفترة المقبلة في الهيئة، هي “الولوج إلى مؤسسات الدولة لمنع الرشوة والإبتزاز”.

وتفقد الساعدي مؤخرا مديريَّات ومكاتب تحقيق الهيئة في محافظات ديالى وكركوك ونينوى، مشددا على “أهميَّة سلوك سبيل الدقَّة والموضوعيَّة في العمل والحذر من استغلال البعض لعمل الهيئة، ولاسيما قبل موعد الانتخابات القادمة”.

وحثَّ المتحدث المُؤسَّسات في المُحافظات على الاستجابة لتقارير كشف الذمَّة الماليَّة، والعمل ببرنامج الشفافية وحماية المال العام الذي أطلقته الهيئة.

لا يساوي شيئا

ويعلق الناشط المدني منتظر ثائر، على الاخبار الواردة من هيأة النزاهة بأنها “لا تساوي شيئا امام ما يقترفه حيتان الفاسد من جرائم بحق الشعب العراقي”.

ويضيف ثائر بالقول، “صحيح ان الهيأة انجزت الكثير من الفعاليات التي تخص ملفات الفساد، لكن يدها لم تطل كبار الفاسدين الى الآن، ما يعني انها مكبلة. والسبب ان القوى المتنفذة متسلطة على هذه الجهة الرقابية، التي يفترض بها الاستقلالية والحزم في اتخاذ القرارات” بحسب وجهة نظره. وتابع “سمعنا طيلة الفترة الماضية عن فتح ملفات فساد كثيرة، لكننا لم نسمع الى الان اعلانا عن غلق أي ملف. وبالتالي فان الفساد سيستمر، ما دامت هذه القوى الفاسدة تتحكم بالسلطة، كونها تحتمي بها، وفي حال سقط أي منهم، فسيتبعه الاخرون حتما”.