اخر الاخبار

تشهد السلفادور في 4 شباط المقبل انتخابات رئاسية. ويريد الرئيس نجيب بو كيلة الترشيح للمرة الثانية على التوالي، على الرغم من أن الدستور يحظر ذلك. ويرى ناشطون حقوقيون محليون ان البلاد في طريقها الى الدكتاتورية.

وتعيش السلفادور حاليا حالة من الاستبداد تزداد سوءا. عندما ترشح الرئيس لأول مرة عام 2019 طرح برنامجا لتغيير سياسي جذري، وتحالف مع منظمات حقوق الإنسان والحركات الاجتماعية التقدمية، بما في ذلك منظمات الحركة النسوية. لكن، في سياق الممارسة، اتضح ان ذلك ليس سوى تكتيك لكسب اصوات الناخبين. لقد استغل استياء الاكثرية من سياسات الأحزاب التقليدية، جراء انعدام الأمن وانتشار العنف. ووظف لهذا الغرض ماكينة اعلامية، تسمع الناس ما يريدون سماعه.

وسائل غير شرعية

في بداية ولايته أكد ان تكرار الترشيح غير دستوري، وانه لن يرشح لولاية ثانية. وعلى الرغم من عدم التزامه بوعده، يتمتع بشعبية كبيرة، ويرجع ذلك أساسًا إلى استراتيجية التواصل التي يتبعها. ان ماكينة الاعلام التي يوظفها جعلت شعبيته تمتد الى خارج البلاد ايضا. يقوم الرئيس باستخدام أموال المكتب الرئاسي لشراء جماعات الضغط التي تعمل على تبييض صورته. ولان أعمال العنف والعصابات الإجرامية تسببت في أضرار جسيمة للسكان، كانت هناك رغبة شديدة في إجراءات فورية نفذها الرئيس ولكن وسائله كانت غير شرعية.

بعد شهر من توليه مهام منصبه، وفي تموز 2019، بدأ التفاوض مع العصابات الإجرامية، فانخفضت جرائم القتل. لقد استفاد من تجربة سابقة في عهد الرئيس موريسيو فونيس في عام 2012، الذي عقد صفقة مع المجرمين، وعندما انكشف الامر، دفع فونيس ثمن فعلته، الا ان بو كيلة لم يتعرض للأذى بعد انكشاف هذه الحقيقة. وفي اذار 2022 أعلن حالة الطوارئ في البلاد، بعد أن قطع المفاوضات مع العصابات.

تفسير الدستور وفق مقاسات السلطة

يوظف الرئيس اكثرية الثلثين التي حصل عليها في انتخابات 2021 البرلمانية. لقد قام بإقالة قضاة المحكمة الدستورية الذين عارضوه. وسيطر انصاره على وظائف المحكمة العليا بالكامل، بضمنهم من يفتقر الى المؤهلات المطلوبة. وأقال رئيس النيابة العامة لتحقيقها في اتهامات فساد طالت الحكومة. وفي سياق التحضير لإعادة انتخابه، بدأ في إقالة المسؤولين في مؤسسات الدولة الأخرى، وابدالهم بالموالين.

وطاقم المحكمة الدستورية الذي عينه الرئيس غير قانوني. لقد فسرت المحكمة الدستور بطريقة تجعل من الممكن، ودون تغيير دستوري، ترشح الرئيس مرة أخرى. وسياسيا برر التفسير بانسجامه مع رغبة أكثرية السكان.

ووفق البيانات الرسمية، أدت حالة الطوارئ إلى تحسن الوضع الأمني وخفض معدلات جرائم القتل. ولكن حقيقة الامر، ان حالة الطوارئ كانت خير وسيلة لتعزيز سلطة الرئيس. لقد انخفضت معدلات الجريمة واعتقل أكثر من 75 ألف مجرم، وهذه معلومات لا يمكن التحقق منها، لعدم تمكن المعارضة والمجتمع المدني من الوصول إلى معطيات ملفات الأمن والقوات المسلحة ومكتب المدعي العام والمحاكم. وتم تغيير آلية تسجيل الوفيات منذ عام 2021. لم يعد يتم تسجيل الأفراد المفقودين، وليس هناك توثيق وشفافية في معطيات ملف الجريمة على الاطلاق.

الديمقراطية والبديل

يبدو أن الديمقراطية في السلفادور قد ماتت، ولا يبدو أن هناك من يسعى اليها.

يعيش الناس في فقاعة المعلومات المضللة، ويعتقدون انهم يعيشون الآن اجواء أكثر أمنًا من السابق. ويبدو أن الناس ينسون ماضي الجيش العنيف في الحرب الأهلية (1979- 1992). ولهذا السبب يصف الرئيس الحرب بأنها مهزلة. وينفي وجود اتفاقيات السلام. لا يريد الرئيس ان يتذكر السكان بأن الجيش ارتكب العديد من الجرائم خلال الحرب، لأنه يبني سلطته على الجيش، ويريد أن يستمر بذلك في السنوات المقبلة.

ويتوقع خبراء محليون، أن الأمور ستكون صعبة للغاية على المدى القصير. ويراهن المعارضون على فضح طبيعة النظام في الخارج، لكي تصبح رؤية العالم عن طبيعة النظام القائم واقعية. وأن تمنح وسائل الإعلام العالمية مساحة لصوت المعارضة السلفادورية. ومعروف ان السكان، وخصوصا سكان الريف ليس لديهم نافذة اعلامية خارج الاطر الحكومية.

وتؤكد منظمات حقوق الانسان ان الأوضاع في السجون سيئة للغاية، وغالباً ما تنطوي على معاملة قاسية وغير إنسانية وحفلات تعذيب. ووفق معطيات هذه المنظمات، فان أكثر من 183 شخصًا ماتوا في السجن.  وهناك ادلة على تعرضهم للتعذيب، أو أنهم لم يتلقوا رعاية طبية، بعد مرضهم في السجن. وعندما تصل هذه المعلومات إلى السكان، فإنها تحفز السكان على التفكير والحاجة للتغيير.

عرض مقالات: