أعلنت وزارة النفط عن خفض الانتاج اليومي للخام بمقدار 211 ألف برميل بشكل طوعي، اعتباراً من كانون الثاني 2024 حتى نهاية شهر اذار من العام ذاته.

ويأتي القرار انسجاماً مع الموقف المشترك لدول أوبك بلس، والذي يهدف الى تعزيز استقرار اسواق النفط العالمية.

 وبحسب مختصين، فان القرار يؤثر بشكل كبير على عائدات العراق، الذي يعتمد على الخام في تمويل موازنته العامة بنسبة 95 في المائة، وهذا ما يضع الموازنة الثلاثية في خطر التأثر بهذا الانخفاض، في حال لم تعاود اسعار النفط ارتفاعها.

من جانبها، أكدت وزارة النفط في بيان تسلمته “طريق الشعب”، أن “الخفض الطوعي الإضافي يأتي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول أوبك بلس بهدف دعم استقرار أسواق البترول وتوازنها”.

والى جانب بغداد، مددت الرياض “خفض إنتاجها الطوعي من النفط بمقدار مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الأول 2024”، فيما خفضت الجزائر “إنتاجها النفطي بمقدار 51 ألف برميل يومياً” للفترة ذاتها. وأعلنت روسيا “تخفيض إنتاج النفط 500 ألف برميل يومياً”، كما خفضت كلٌّ من ‏الإمارات والكويت وعمان إنتاجها النفطي.

إجراءات وقتية

في هذا الشأن، قال المتحدث الرسمي لوزارة النفط، عاصم جهاد، ان “الاولوية والغاية من اتفاق التخفيض الطوعي، هو تحقيق هدف الاستقرار والتوازن في الاسواق العالمية، والتعاطي الواقعي من قبل مجموعة “أوبك بلس” مع التحديات والتطورات والمتغيرات الجيوسياسية والاحداث الامنية والاقتصادية وغيرها، ومتغيرات العرض والطلب التي تواجه الاسواق النفطية”.

وأضاف جهاد في حديث خص به “طريق الشعب”، ان “الاحداث الامنية هنا وهناك تشكل واحد من العوامل المهمة في عدم استقرار الاسواق العالمية، وتأثيرها سلبي على تدفق الامدادات والطلب بحسب تطورات الفترة الزمنية لهذه الاحداث”، مبيناً ان “دول اوبك بلس لن تتراخى ولن تتردد في اتخاذ اية اجراءات تهدف الى تحقيق التوازن واستقرار الاسواق النفطية”.

ونبّه جهاد الى أن أوبك بلس “لا تتعامل مع ردود الفعل السريعة للظروف والتحديات التي توجه الاسواق العالمية، وإن تطلب الظرف فإنها تعقد اجتماعاً للأعضاء في اللجنة الوزارية المنبثقة عن اوبك بلس لمراجعة التقارير وتطورات السوق واتخاذ الموقف المناسب”.

ولفت الناطق باسم الوزارة الى ان هذه الاجراءات “وقتية ولمواجهة التحديات وتحكمها الظروف الوقتية، وتتغير بتغيير الظروف. وبرغم قرار الخفض الذي التزم العراق به خلال سنة 2023 والظروف غير الطبيعية، الا اننا حققنا فائضا عما تم تقديره ضمن الموازنة، وبالتالي يمكن استخدام هذه الايرادات في التقليل من العجز او استخدامه في مشاريع اخرى وغير ذلك”.

 ما هي التأثيرات؟

وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، ان هناك تباطؤا في النمو العالمي، وتراجعا في اسعار النفط بسبب الفائض، وتسعى أوبك للحفاظ على اسعار النفط في حدود 90 او 100 دولار، خاصة وان الدول المنتجة للنفط في المنظمة اغلبها دول ريعية، ومصدر تمويل موازنتها الرئيسي هو النفط.

وتابع بالقول: “لذلك جاء قرار تخفيض انتاج اوبك 3 مليون برميل يوميا من انتاج اوبك، وحصة العراق من هذا الخفض كانت 250 الف برميل يومياً، وربما سيلحقه تخفيض ثانِ، لكن اذا ارتفعت اسعار النفط وازداد الطلب العالمي فستعاود أوبك زيادة سقف انتاجها النفطي”.

وزاد على حديثه بالقول، ان “العراق أعد موازنة لثلاث سنوات، وهذا خطأ ستراتيجي، لأن هناك تذبذبا في اسعار السوق، بخاصة اننا دولة ذات اقتصاد ريعي يتأثر بانخفاض اسعار النفط، بالتالي انخفاض الايرادات العراقية”.

وتساءل الهماشي عن الاجراء الذي ستتخذه الحكومة في حال لم ترتفع اسعار النفط بعد خفض الإنتاج؟ إذ ان العراق ينتج 3 ملايين و 288 الف برميل يوميا، وسينخفض الانتاج الى 3 ملايين برميل فقط، وهنا ستعود مشكلة ثانية وهي مشكلة اقليم كردستان وتصدير نفط الاقليم.

ونبّه الخبير الى ان الموازنة العراقية “ستشهد تراجعا وستضطر الحكومة العراقية الى تمويل هذا التراجع في الايرادات، من خلال زيادة مصادر التمويل الأخرى”، مردفا “نحن لا نمتلك وسائل تمويل اخرى حالياً غير الضرائب والرسوم”.

وخلص الى القول: لا نود ان نستبق الاحداث، لكن هذه المصادر الثلاث هي من تمول الموازنة في العراق.

 يمكن تعويضها

الخبير النفطي حمزة الجواهري، قال ان اقتصاد العراق الريعي، جعل موازنته تعتمد بنسبة 95 في المائة على عائدات النفط، وبالتالي فان خفض الانتاج يعني ان العائدات ستقل، مبينا ان الخسارة يمكن تعويضها.

 وتابع في حديث لـ”طريق الشعب”، بالقول ان “خفض الانتاج في نفس الوقت سيرفع الاسعار العالمية للنفط، وربما ارتفاع الاسعار نسبيا يعوض هذا الفرق. ويمكن القول ان تأثير هذا الخفض سيكون محدودا او بسيطا”.

وأكد الجواهري ان “التأثيرات ربما تكون ايجابية في حال ارتفعت اسعار النفط اكثر مما هي عليه الان، لأن العائدات ستكون اكثر؛ فالأسعار الآن انخفضت بحدود 17 دولارا عن شهر ايلول الماضي، حيث هبطت الأسعار من 97 الى 80 دولارا”.

واختتم الجوهري حديثه بأن “الخفض الطوعي ربما يرجع الاسعار الى 90 او 95 دولارا، وبالتالي سنعوض الخسارة في الانتاج او التصدير بزيادة الاسعار”.

عرض مقالات: