اخر الاخبار

تقع مئات النساء والفتيات، سنوياً، ضحية العنف والإهانة وسوء المعاملة أسرياً، وعدد أقل من ذلك يذهبن ضحية “غسل العار” و”حماية الشرف”، فيما تدفن المقتولات من قبل ذويهن في مقابر خاصة، بلا شواهد ولا أسماء، وكأنهن لم يُولدْنَ!

تلال لغسل العار

فبحسب ناشطة في مجال حقوق المرأة من محافظة السماوة، فضلت عدم ذكر اسمها، فان الاعراف والتقاليد العشائرية تتقدم على القانون في محافظتها، بخاصة في ما يتعلق “بزواج النذر والفصلية والهدية اضافة الى زواج القاصرات”.

وتقول الناشطة لمراسلة “طريق الشعب”، ان “اغلب هذه الزيجات تنتهي بالهروب وبالتالي الانتحار او القتل من قبل ذويها، لتوارى تلك الجثامين في مقبرة  “الشيان” الخاصة بالنساء اللائي يقضين غسلا للعار”.

وتفيد الناشطة بأن “أغلب مقابر تلال الشيان تعود لنساء قتلن تحت تبرير غسل العار او ما يعرف بجريمة الشرف”.

والشيان، عبارة عن اماكن مهملة وبعيدة عن الانظار، توحي الى المارين بأنها أماكن أثرية تستوطنها الكلاب السائبة. حسب توضيح الناشطة. وتشير الى أن “عملية الدفن تتم بسرية تامة. ويقوم بها فرد واحد من افراد عائلتها، لا اكثر”. ومن بين تلك القصص المأساوية التي سردتها المتحدثة، تتعلق بفتاة “عانت آلاما في المعدة، وبعد إجراء عدد من الفحوصات لها، أخبرت الطبيبة ذويها، بأن ابنتهم غير المتزوجة كانت حامل”، مؤكدة ان ذويها قاموا بقتلها فورا، ومن دون تردد.

وتضيف، “في اليوم التالي اكتشفت طبيبة السونار انها اعطت لاخوة الضحية، نتيجة سونار لسيدة حامل، وان الفتاة تعاني ورما خبيثا في رحمها. وبالتالي فإن الفتاة قتلت ودفنت في المقبرة الخاصة بغسل العار ظلما”.

الإسراع في تشريع القانون

بدورها، تشدد الناشطة المدنية بنين الياس على “ضرورة المضي والاسراع في تشريع قانون مناهضة العنف الاسري، والعمل على انشاء دور ايواء خاصة بالنساء المشردات والمعنفات، تشرف عليها منظمات المجتمع المدني، فضلا عن ضرورة منح الشرطة المجتمعية صلاحية الردع القانوني ازاء سلوكيات تعنيف المرأة”. وتقول الياس لـ”طريق الشعب”، ان “هناك الكثير من النساء خاصة من ذوي الاحتياجات، تتم رعايتهن في دور حكومية، يتعرضن لعمليات تعذيب وقتل واستغلال واغتصاب”.

إحصائيات تواجه التعتيم 

وتفيد الناشطة بأن “السلطات في البلاد تتعمد اخفاء الإحصائيات الخاصة بجرائم قتل النساء تحت ذريعة غسل العار”.

واستدركت “لكن في المقابل هناك احصائيات تعود للعام الماضي صدرت من قبل الامم المتحدة، جاء فيها ان هناك 1072 جريمة قتل للنساء بدافع الشرف. اما العام الجاري، وبحسب غير رسمية فان هناك 17 قضية رأي عام تتعلق بنساء معنفات”.

وتفيد الناشطة والمدافعة عن حقوق المرأة والطفل، انسام سلمان، في تغريدة لها على منصة (تويتر)، تابعتها “طريق الشعب”، ان “هناك 9 نساء قتلن خلال شهر نيسان، وذلك بسبب ترسبات خطاب الكراهية مجتمعيا، مقابل صمت حكومي مطبق لمعالجة هذه القضايا التي اريق بسببها الكثير من الدماء”.

القانون متساهل

ويؤشر الخبير القانوني والقاضي هادي عزيز، وجود “ضعف بالرادع القانوني عبر التساهل مع مرتكبي جرائم القتل، تحت تبرير الشرف”، مشيرا الى ان ذلك “ساهم كثيرا في استفحال هذا الظاهرة”.

ويقول عزيز في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “القوانين السارية لا تتناسب مع الفعل المنسوب اليها”، مشيرا الى “غياب ثقافة المجتمع المدنية ازاء هذا النوع من الممارسات الاجرامية”.

وينوّه الخبير القانوني بأن “الدستور راعى عادات وأعرافا عشائرية لا تنسجم مع النصوص المدنية، وبالتالي يجب معالجتها”.

الحاجة الى رؤية جديدة

وحول إمكانية الحد من ظاهرة قتل النساء بذريعة غسل العار وفق قانون العنف الاسري، بيّن القاضي انه “بالامكان حال تشريع القانون الحد كثيرا من جرائم القتل التي تتعرض لها النساء”، منبها الى “الممارسات داخل العائلة لم تعد عادلة، وهي بحاجة الى رؤيا جديدة لتنسجم مع متطلبات العصر”.

عرض مقالات: