كشف ناشطون في محافظة الديوانية، يوم أمس، عن مواجهتهم لدعاوى قضائية كيدية يقوم بها “مدراء دوائر حكومية”، على أثر تقديمهم ملفات فساد تدين هؤلاء المسؤولين.
وقال الناشطون إن “الملفات تلقوها خلال الفترات الأولى لانتفاضة تشرين بواسطة موظفين على دراية بمجريات العقود والاختلاس والسرقات التي تجري، كانوا يأملون أن تشكل الانتفاضة حافزا إلى الجهات المعنية لمحاسبة المتورطين، لافتين إلى أن الملفات تم إهمالها.
حملات جائرة
وتحدث الناشط في تظاهرات الديوانية، حسن المياحي، عن تعرضه مع 7 آخرين إلى تهم وفق مواد مكافحة الإرهاب، نتيجة تقديمهم ملفات تتضمن فسادا بحق مسؤولين في الدوائر الحكومية داخل المحافظة.
وقال المياحي لـ”طريق الشعب”، “بعد انطلاقة انتفاضة تشرين عام 2019 نصبنا خيام الاعتصام التي توافد عليها أبناء المحافظة من مختلف الشرائح الاجتماعية، وتلقينا في حينها من قبل موظفين متضامين مع المتظاهرين ومناوئين للمحاصصة الطائفية، ملفات فساد بحق مدراء دوائر ومسؤولين طلبوا منّا تقديمها وفتحها أمام الجهات المختصة. وقمنا بدورنا ووفقا للسياقات السليمة بتقديم هذه الملفات التي تحتوي على إدانات كثيرة، إلى هيئة النزاهة الاتحادية، وكلٍّ من ديوان الرقابة المالية وجهاز الامن الوطني ومحافظ الديوانية”، لافتا إلى أن “أحد ملفات الفساد كان يتعلق بدائرة توزيع المنتجات النفطية، مثل إنشاء محطات وقود قرب المنازل السكنية بطرق مخالفة، وشراء 150 بدلة بمبلغ كبير من أجل استقبال أحد الوزراء الذي لم يأت، وغيرها من الأمور ذات الصلة بالهيئات الاقتصادية للجهات السياسية المتنفذة”.
حماية المسلحين
وتابع المياحي “بعد شهر من تقديمنا هذه الملفات، لم تلق الاستجابة اللازمة، فقمنا كمتظاهرين بالتظاهر أمام بوابة المديرية وحولنا القضية إلى رأي عام، لتشكيل ضغط شعبي من أجل فتح هذه الملفات، لكن تفاجأنا بقيام شخص تابع إلى جهة سياسية تمتلك ذراع مسلح، ومعه ثلاثة أفراد بالتهجم علينا، إلا أن مدير الدائرة أدخل المسلحين إلى البناية وحماهم، بينما هم مدانون وفقا لتقرير الأدلة الجنائية التي وثقت الحادث بعد ذلك”.
وأضاف المتحدث “رفعنا دعاوى قضائية ضد المسلحين، وواجهنا ضغوطا كبيرة لسحبها وحل الموضوع. بعد مرور اكثر من سنة أبلغنا حاليا بتحريك شكوى مسجلة مسبقا ضدنا، قام بتقديمها الممثل القانوني لدائرة المنتجات النفطية، تدّعي كيدا إننا كمتظاهرين قد قمنا بأعمال تخريبية وهذا ما لم يحدث أصلا وسجّلت الدعوى وفق المادة 197 إرهاب”.
لافتا إلى أن “التهمة تقول إننا قمنا بالتخريب والحرق والاعتداء، ونحن لم نقم في حينها سوى بتعليق لافتة مطلبية على جدران الدائرة.
وأردف المياحي “الملفات التي قدمناها بشأن عمليات الفساد لم تفتح مطلقا، ومقابل ذلك يقومون حاليا بمعاقبتنا بهذه الطرق الملتوية، واتهامنا بالإرهاب لغرض الكف عن التظاهر وتخويف الآخرين”، مشيرا الى ان “هذا ما يجري بحق الكثير من الناشطين وهو ملف يستحق فتحه من قبل مفوضية حقوق الإنسان في العراق، والمنظمات الحقوقية لتظهر الأمور أمام الرأي العام، ولتتكشف الحقائق بشأن ما يجري من ممارسات كيدية بحق الذين يريدون محاربة الفساد”.
دعاوى ذات طابع سياسي
من جانبه، أوضح الناشط في المحافظة، عمار الخزعلي، أن هذه الدعاوى “تحمل طابعا سياسيا واضحا جدا، لغرض منع الناشطين والمؤثرين في التظاهرات المناوئة للمحاصصة والفساد، من الترشيح للانتخابات القادمة”. وتحدث الخزعلي لـ”طريق الشعب”، عن “دعاوى كثيرة مسكوت عنها منذ أيام الانتفاضة الأولى، يجري تحريكها حاليا من قبل دوائر حكومية، للانتقام من الناشطين الذين أثاروا الرأي العام بشأنها”. وبيّن الناشط أن “التهم وجهت ضمن المادتين 197 و198 المعنيتين بجرائم الإرهاب وقطع الطرق والتخريب والحرق وغيرها من الأمور، ورغم أننا لم نقم بذلك، ذهبنا إلى المحاكم”، مؤكدا “هذه القضية هي الثانية خلال أسبوع واحد واجهناها كضريبة، نتيجة التظاهر والتنديد بالفاسدين”.
وأكد أن “الملفات المقدمة بحق دائرة المنتجات النفطية في الديوانية، أهملت وقامت الجهات المختصة مقابل ذلك بالتضييق علينا، وفق هذه الدعاوى الكيدية التي يقدمها الممثل القانوني للدائرة. علما إن ناشطين كثيرين يتعرضون لذلك وبمجرد أن يتم توقيعهم على أوراق تجعلهم متهمين، يتم الافراج عنهم ولكن بعدما تضمن الاجراءات المتعبة عدم استطاعتهم الترشح للانتخابات القادمة، وهذا ما يوضح بان للأمر جانبا سياسيا فاضحا”.