تحل بعد ايام الذكرى الرابعة لانتفاضة تشرين 2019، التي سجلت فيها المرأة العراقية أروع صور البطولة والفداء، وانطلقت ثائرة على الواقع المزري التي تعيشه مع اسرتها، من بؤس في الخدمات وضآلة في فرص العمل، وصولا الى فقدان الأبناء والأزواج في خضم الصراعات المنفلتة وغياب الامان.
لقد تمكنت المرأة في غمار انتفاضة تشرين من كسر حاجز الخوف، بل وحطمت قيودا تفرضها العادات والتقاليد المجتمعية، وتساهم في تنميط مشاركة المرأة وتهميش دورها السياسي، وفي استبعاد مبادرات النساء التي تجعلهن يلعبن دورا رياديا خلال جلسات التفاوض ورسم السياسات، التي من شأنها ان تعالج الكثير من القضايا ذات الاولوية وبضمنها ملف المرأة.
الانتفاضة لم تنتهِ
تقول سكرتيرة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل ان “انتفاضة تشرين لم تنتهِ، فمطالبها ما زالت حاضرة في نفوس وضمائر ابناء الشعب العراقي، الذين سينتفضون على واقعهم البائس في اية لحظة، مطالبين بالتغيير ذاته الذي رفعوا راياته في انتفاضة تشرين 2019، وليعززوا مطالبهم اليوم بالكشف اولا عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم”.
وتشير مروكل في تصريح لـ “طريق الشعب” الى ان “الانتفاضة قدمت دروسا الى سياسيي السلطة، واولها حقيقة ان مفتاح التغيير بيد الشعب، الذي سينتفض على واقع حاله دون ريب، خاصة مع ارتفاع سقف المعاناة اليومية”.
سجلت اجمل صورها
وعن دور المرأة في تشرين بيّنت رئيسة الرابطة ان “المرأة أسهمت فيها بمختلف الاشكال وسجلت اجمل صور التضحية، فكانت الطبيبة والمسعفة والمعلمة والمثقفة وحمامة السلام ورائدة السلمية، التي طغت في ايام الانتفاضة حتى تحققت المطالب بتغيير الحكومة آنذاك”.
وبعد انتفاضة تشرين، تضيف مروكل، ظلت المرأة تعاني “لكنها في الوقت ذاته تنتفض على واقعها باساليب رفض اخرى، وهي تطالب اولا بتشريع قانون مناهضة العنف الاسري، الذي تواصل السلطة التشريعية تعطيله عمدا، كما تخرج الى جانب أخيها الرجل في وقفات احتجاجية مطالبة بتوفير فرص عمل وبتحسين واقعها المعيشي”.
حملت شعار «نريد وطن»
في السياق ذاته ترى رئيسة منظمة المرأة العراقية والمستقبل د. ندى الجبوري ان “المرأة العراقية حملت في تشرين شعارات تخص عامة ابناء الشعب، على رغم معاناتها اليومية في اجواء الصراع المعيشي والعنف الاسري والعادات والتقاليد المجتمعية التي تفرض على النساء تحمل مسؤوليات كبيرة في اعمار صغيرة”.
وتقول مضيفة ان “المرأة قدمت في تشرين وما زالت تقدم اعظم صور التضحية وهي ترفع شعار الانتفاضة “نريد وطن”.
وترى د. الجبوري ان المرأة تمكنت في تشرين من كسر الكثير من الموانع المجتمعية، وهي قادرة على مواصلة طريقها الى حين التحرر من كافة القيود وبضمنها القانونية”.
إطلاق للطاقات
من جهتها تستذكر الفنانة التشكيلية سارة عبد الله دورها في الانتفاضة وتقول انها “لم تكن انتفاضة على الواقع فحسب، وانما كانت ايضا اطلاقا لطاقات شابة كانت مكبوتة لعقود، بسبب التهميش الذي مارسته الحكومات المتعاقبة، التي عملت بمنهجية مدروسة على تحجيم جميع الامكانيات المعوّل عليها في بناء الامم، خاصة منها الثقافية والفنية”.
وتقول لـ”طريق الشعب” ان حضور المرأة في انتفاضة تشرين كان ملفتا حتى للمجتمع الدولي في جوانبه الفنية والثقافية، وتنظيف ساحة “الحبوبي” بضمنها الرسم على الجدران تعبيرا عن الاحتجاج، كذلك المشاركة مع فرق تطوعية نسوية في تنظيف ساحات الاحتجاج مثل ساحة الحبوبي، وفي تقديم الدعم اللوجستي عموما للمتظاهرين لفترات طويلة.
وتضيف الرسامة سارة عبدالله ان “الانتفاضة اطلقت فينا روح العمل الجماعي والانصهار في الوطن قبل كل شيء”.
حققوا ما عجزت عنه الحكومات
وحول مطالب المرأة المنتفضة تقول الناشطة ابرار الطائي انه “في تشرين تكثفت المطالب في المطلب الكبير “نريد وطن”، فيما كان المنتفضون يتصدون باجسادهم للرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع”.
وتذكر لـ”طريق الشعب” انه “في ساحة التحرير رسم الشباب المنتفضون خارطة الوطن الذي يريدونه، وحققوا ما عجزت الحكومات عن تحقيقه لعقود، بل واظهروا للمجتمع الدولي ان العراق بلد جميع الطوائف والثقافات، بلد الحضارة والخيرات، حتى جعلوا من ساحة التحرير منبرا ومسرحا لفعاليات فنية وموسيقية مختلفة”.
تواصل الطائي حديثها عن انتفاضة تشرين قائلة ان “ساحة التحرير وفي قلبها الشباب والمرأة، قدمت في تشرين للعالم صورة العراق الذي نطالب به، فلم يعد هناك طفل جائع يمد يده لطلب المساعدة، حيث كان كل شئ متاحا: من طعام وشراب وعلاج وحتى المأوى، فضلا عن الشعور الغريب بالأمان على الرغم من الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع”.