اخر الاخبار

في ظل التطورات السياسية والاجتماعية التي شهدتها  بلادنا خلال السنوات الأخيرة، تظل موضوعة إنصاف ضحايا الاحتجاجات وتحقيق العدالة بمحاسبة القتلة والجهات التي تقف خلفهم أمرا ذا أهمية كبيرة، إذ لا يزال أصحاب الرأي والناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان يحملون هذه المطالب ويطالبون بأن تجد طريقها الى التنفيذ.

وبعد موجة القتل والاغتيالات والخطف والتغييب التي رافقت انتفاضة تشرين في العام 2019، وانتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة التي شهدتها، بما في ذلك استخدام القوة الغاشمة ضد المتظاهرين وسقوط العديد من الضحايا، ومع ضرورة واهمية وجود تشريع قانوني معني بشؤون ضحايا الاحتجاجات، يؤكد معنيون ان انصاف الضحايا لا يتحقق الا بالقصاص من القتلة والجهات التي كانت تحركهم، وما زالت الى اليوم تحرض ضد المنتفضين.

مقترح قانون

وأعلن النائب سجاد سالم عن تقديم مقترح قانون “الشهداء والجرحى والمغيبين والمبعدين قسراً بسبب التظاهرات” الى رئيس مجلس النواب الذي احاله الى اللجنة القانونية لبيان الرأي.

وقال سالم خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان، إن “مقترح القانون الذي تم تقديمه إلى البرلمان مشفوع بتواقيع من أعضاء مجلس النواب وفقا المادة 60 ثانيا من الدستور والمادة 121 من النظام الداخلي للمجلس”.

ويهدف هذا القانون بحسب سالم إلى “معالجة الوضع العام لضحايا الاحتجاج وكذلك إصلاح النظام السياسي والاقتصادي في الدولة العراقية وإصلاح المؤسسة الأمنية بما يتناسب ومبادئ حقوق الإنسان والبروتوكولات الدولية المعنية بهذا الجانب”، موضحا أن “هذا القانون لجميع حالات الضرر في التظاهرات من تاريخ 2011/1/1، وأن الجرائم التي تم ارتكابها في ثناء هذه المظاهرات هي جرائم ضد الإنسانية”.

كما اقترح “اعتبار يوم 1 تشرين الأول من كل عام هو يوما وطنيا لحرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي، تخليدا لأرواح الشهداء”.

محاكمة رموز سياسية

يقول الباحث في الشأن السياسي، وسام المالكي: إن السلطات وجدت لحماية حياة وكرامة المواطنين، وليس من منطق ادارة الدولة قمع وضرب المتظاهرين، لكون التظاهر السلمي حقا كفله الدستور في المادة ٣٨ وغيرها، وان اي خطأ في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية يعد خرقا للدستور. وعليه يجب تعويض اهالي شهداء التظاهرات والجرحى وحتى المغيبين عن طريق تعديل قانون مؤسسة الشهداء والجرحى، فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين، وان هذا الاجراء يصب في مجرى تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية في التعامل مع الشعب.

ونبه في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، الى ان ملف محاسبة قتلة المتظاهرين “قد تم اخفاؤه كحال ملفات كبيرة اخرى، مثل ملف سقوط المحافظات بيد عصابات داعش الارهابية وملفات الفساد الكبيرة وهناك جهات دولية واقليمية وقوى سياسية متنفذة وراء اخفاء هذا الملفات”، مؤكدا ان “الكشف عن الجهات التي قامت باستعمال القوة اثناء الاحتجاجات، سيؤدي الى اتهام قوى سياسية معروفة، بشكل صريح، وهذا بدوره سيؤدي الى محاكمة رموز سياسية، لذلك نستبعد ان يكون هناك تشخيص حقيقي لمن سفك دم المتظاهرين، في ظل مسك السلطات وصناعة القرار الحكومي من قبل قوى المحاصصة والفساد”.

وخلص الى ان ادارة الملف الامني “لا تحتاج الى طرف ثالث ولا جيوش غير رسمية، ولا بد ان تراعى مبادئ حقوق الانسان في التعامل مع اي حراك احتجاجي”، لافتا الى ان “القائد العام للقوات المسلحة هو المسؤول الاول عن امن البلد، وعليه الاخذ بنظر الاعتبار وبالتجربة ان السلاح المنفلت هو اخطر ما يهدد السلم المجتمعي، وليس هناك حل سوى حصر السلاح بيد الدولة من اجل اعلاء القانون”.

جرائم لا تسقط بالتقادم

القيادي في قوى التغيير الديمقراطية، خالد وليد، قال ان “انصاف ضحايا تشرين لا يعالجها قانون فحسب، بل نحن بحاجة الى القصاص من القتلة ومحاسبة المتسببين بالمعاناة للجرحى وضحايا الانتفاضة. نعم، وجود قانون يحمل هذه المواصفات يشكل بداية جيدة، لكن هذا لا يكفي، انما نحن بحاجة الى تكثيف الجهود بشكل اكبر لتحقيق العدالة”.

واضاف وليد لـ”طريق الشعب”، ان نقطة الشروع الحقيقية من اجل تحقيق العدالة للضحايا “تبدأ من كشف القتلة امام الرأي العام ومحاسبتهم والاقتصاص منهم وتحييد السلاح الذي يستهدف كل معارض، وضمان  حرية الرأي والمطالبة بالحقوق التي كفلها الدستور والقانون. وبات من الضروري اليوم انهاء مظاهر السلاح المنفلت واستخدام السلاح بعيداً عن مؤسسة الدولة”.

واكد، ان هناك “محاولات لتغييب هذا الملف المهم بشكل كامل، لكن في واقع الحال أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وعاجلاً أم اجلاً سيكون هناك قصاص، وسيتم الكشف عن الجناة والجهات التي تورطت بدماء العراقيين”.

وخلص بالقول الى ان هناك خللا مؤسساتيا كبيرا لدى الجهات المعنية بشؤون الشهداء والجرحى والمغيبين، وتوجد الكثير من العرقلة والتأخير والروتين الاداري. وهناك الالاف من المواطنين، الذين لم يحصلوا على حقوقهم، وليس ضحايا الاحتجاجات وانتفاضة تشرين فقط.

هروب من المسؤولية

الناشط زين العابدين البصري، قال ان “الجرائم التي ارتكبت في الاحتجاجات وقتل المحتجين واغتيال حرية التعبير عن الرأي بطريقة وحشية، هو ضرب للديمقراطية في العراق، فالمحتجون خرجوا بسبب سوء الاوضاع في البلاد وترديها، وحملوا مطالب مشروعة”.

وأضاف ان جهات مرتبطة بالحكومة واخرى تشكل أذرعا مسلحة مرتبطة بالمنظومة المتنفذة واركانها، هي من قمعت المحتجين، لكن لم تتم محاسبتهم كما يفترض.

وتابع البصري  في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “مسألة سن قانون يعنى بحرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي وحمايتهما، امر لا بد منه وهو ضروري من اجل صيانة هذا الحق. ومن الخطأ ان يترك الموضوع عائما بهذه الطريقة، لان الانتهاكات ستتكرر ولن يكون هناك رادع”.

وختم حديثه بقوله: ان المنظومة الحاكمة لا تزال يتملص من هذه المسؤولية. وفي اعتقادي ان كل ما يطرح على الرغم من اهميته الا انه غير كاف لتحقيق العدالة”.

عرض مقالات: