اخر الاخبار

أثار قرار “تجميد” انتخابات الخارج الذي أعلنته المفوضية، ردود فعل غاضبة من أبناء الجاليات العراقية، الذين عدّوه “قرارا سياسيا لا فنيا”، لاستبعاد شريحة كبيرة من الناخبين عن محاولة إصلاح العملية السياسية.

وقال عدد من الناشطين المبعدين عن حق التصويت، إنهم يدفعون ثمن دعمهم انتفاضة تشرين، مضيفين أن القرار “كان مبيتا” لأن السفارات العراقية، ومنذ البداية، لم تسلمهم بطاقاتهم البايوميترية.

المفوضية توضح أسباب الإلغاء

وقررت مفوضية الانتخابات، إلغاء انتخابات الخارج، مبينة أنها واجهت عدة معوقات فنية ومالية وقانونية وصحية.

وذكرت المفوضية في بيان تلقته “طريق الشعب”، إن “قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 نص على أن (يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصراً)، فقد واجهت المفوضية عدة معوقات فنية ومالية وقانونية وصحية أهمها أن إكمال عملية تسجيل الناخبين العراقيين في الخارج بايومترياً بمراحلها كافة تحتاج إلى (160) يوماً تقريباً في الظروف المثالية، بينما المدة المتبقية هي (40 يوماً) فقط. 

 

مخالفة للقانون والدستور

وبحسب الخبير القانوني، هادي عزيز، فقد جاء هذا القرار بشكل “يخالف القانون والدستور العراقي”.

وأكد عزيز لـ”طريق الشعب”، إنه “لا يجوز لأي قرار إداري أن يلغي نصا قانونيا، مهما كانت الجهة التي تصدره”، مبينا أن حق التصويت للعراقيين الذين هم خارج العراق، “منصوص عليه في الدستور والقانون، ولا يمكن إلغاؤه”.

وأوضح الخبير ان “المادة 100 من الدستور، تقول إن أي قرار إداري يصدر عن أي جهة كانت، هو قرار غير محصن، لذلك يمكن الطعن بهذه الخطوة”.

وقوبل قرار المفوضية المفاجئ بردود فعل واسعة من أبناء الجاليات العراقية في دول الخارج، حيث عدّه الكثير منهم بـ”السياسي والمهدد للديمقراطية”.

 

استهداف لاصوات الخارج

وقالت الناشطة المدنية في بريطانيا، فوزية العلوجي، إن هذا الموقف ليس ببعيد عن الصفقات السياسية الجارية، والصراع على مقاعد البرلمان.

وبينت العلوجي خلال حديثها لـ”طريق الشعب”، إن استهداف أصوات الخارج جاء بسبب “أهميتها وتأثيرها، وهو يستهدف الحق الدستوري بالتصويت”، متسائلة “كيف للمفوضية والجهات المعنية أن تتواصل مع السفارات بهذا الشأن، وتتجاهل المنظمات العراقية المؤثرة بالخارج، التي يستوجب مفاتحتها والحوار مع العراقيين من خلالها؟ فعلى سبيل المثال، يقوم المنتدى العراقي في بريطانيا بمساعدة الجالية العراقية كثيرا في الانتخابات وتوزيع كل ما يصدر من السفارة بشأنها وخصوصا في نشرته الالكترونية (المنتدى) التي كانت تصدر على شكل جريدة. فكان من المفترض الاتصال بهذه المنظمة وغيرها للنقاش وسماع جميع الأطراف لأنها مؤثرة ومهتمة بالانتخابات”.

وأضافت قائلة ان “انتخابات الخارج منذ دورات سابقة تتعرض إلى الانتهاكات، فقد شهد عام 2018 إلغاء بعض أو جميع صناديق الاقتراع في أكثر من دولة، وضاعت جهود كبيرة وأصوات ثمينة بسبب معرفة أصحاب القرار بأن الكثير من المصوتين، لا يريدون نظام المحاصصة الطائفية.

 

تغييب لأصوات كثيرة

من جانبه، أوضح الكاتب المقيم في هولندا، حسين سميسم، أن أبناء الجالية العراقيين الذين ينتظرون المساهمة الجدية في الانتخابات تفاجأوا بهذا القرار.

وقال سميسم لـ”طريق الشعب”، في هولندا فقط “يوجد 66 ألف عراقي وهناك أعداد مضاعفة في بقية الدول، وأن اغلبهم من اللاجئين السياسيين ولديهم ماضٍ سياسي وهم على اهتمام كبير بهذا الشأن، وفيهم الشعراء والقانونيون والأدباء ومن الكوادر العلمية، أي أنهم نخبة مهمة تريد المشاركة في العملية السياسية. علما إن أبناء الجاليات شاركوا في مواقف سياسية كثيرة أبرزها دعم الانتفاضة وتوضيح مضامينها أمام الرأي العام الهولندي والدولي. لذلك فان إقصاءهم بهذه الطريقة وحرمانهم من حقهم السياسي أمر غير قانوني”.

وعدّ سميسم خطوة إلغاء انتخابات الخارج “عملا تخريبيا لشكل العملية السياسية، الذي سيواجه بموقف رافض من التيار الديمقراطي في أوربا والعراقيين المهتمين بالانتخابات. حيث سيتم عرض هذا الأمر على الحقوقيين والقانونيين لإيقاف القرار، فلا يمكن التمييز بين العراقيين بحق الانتخاب. ومن حق الجميع المشاركة بالعملية السياسية وفق ما نص عليه الدستور”، لافتا إلى أن “أصحاب القرار أرادوا بهذه الخطوة إبعاد الملايين من العراقيين الذين يعيشون في الخارج، لان جزءا كبيرا منهم يعمل ضد المحاصصة، وأصواتهم غير قابلة للتهديد والابتزاز، كما يحصل في الداخل”.

وزاد المتحدث أن “قرار المفوضية كأنه مبيت؛ فالبطاقة البايومترية كان يفترض أن نحصل عليها من خلال السفارات، لكنهم أوقفوها منذ البداية، علما أن التذرع بصرف مبالغ طائلة على انتخابات الخارج أمر غير منطقي، وكان بالإمكان استثمار الوضع بدون مصاريف والاعتماد على التصويت بالبريد الالكتروني كما يحصل في هولندا.

 

تهديد للحريات العامة

وفي المقابل، حذر الدكتور سلام قاسم، رئيس تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في ستوكهولم، من مخاطر هذه الخطوة “التي تمس الحريات العامة وتتعارض مع مبادئ الدستور”.

ووفقا لحديث د. سلام مع “طريق الشعب”، فإن الدستور “نص على احترام الحريات ومشاركة الجماهير في صنع القرار السياسية. ولكن الآن بسبب ذريعة الفساد والأمور اللوجستية يحرمون الملايين من التصويت وفق هذا القرار الذي اتخذ بالأصل بسبب خوفهم من موقف الجاليات العراقية التي ضاقت ذرعا من الفساد الذي عاث ببلادهم”.

وأشار قاسم إلى أن القرار فيه جنبتان: سياسية وفنية؛ حيث إن “الجنبة السياسية تتضمن إقصاء الأصوات الشريفة والداعمة للانتفاضة والقوى الديمقراطية من المشاركة في الانتخابات. إما الجنبة الفنية التي تحدثوا فيها عن البطاقة البايومترية ونقص الأموال والفساد، فهذا لا علاقة للجماهير به، كما إن محاربة الفساد يكون عبر اتخاذ إجراءات رادعة لا مصادرة الحريات. فكان الأحرى بهم انجاز البطاقة البايومترية طيلة الفترات الماضية، وليس تركها وإقصاء الكثير من المناوئين لقوى الفساد بهذه الذريعة الواهية”.

 

قرار جائر

وفي ذات السياق، أصدرت هيئة المتابعة لتنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بياناً، طالبت فيه بـ” بضمان مشاركتنا في الانتخابات المقبلة، والعودة الى مجلس النواب لاعادة النظر في هذا القرار الجائر”.

واضاف البيان الذي حصلت “طريق الشعب” على نسخة منه، “لقد حاولت الأحزاب الفاسدة والفاشلة والمتنفذة منذ الانتخابات الأولى في عام 2005 أن تحرم عراقيي الخارج من حقوقهم في اختيار ممثليهم في مجلس النواب العراقي، ووضعت العراقيل امام مشاركتهم بحجج واهية، مثل عدم توفر الأوراق الثبوتية الاصلية، والان تستعمل حجة البطاقة البايومترية. فما ذنب عراقيي الخارج إن لم تستطع الحكومة العراقية توفير مستلزمات الحصول على البطاقة؟”.

عرض مقالات: