اخر الاخبار

استبشر البغداديون خيرا بوعود الحكومة بزيادة ساعات تجهيز الكهرباء الوطنية هذا الصيف. كما استبشروا خيرا بقرار تحديد تسعيرة الأمبير لدى المولدات الأهلية والحكومية. لكن على أرض الواقع، لم يجن المواطن شيئا من تلك الوعود والقرارات. إذ لا تزال الكهرباء الوطنية من سيء إلى أسوأ، فيما سعر الأمبير يواصل الصعود! ولأن الحكومة عاجزة عن إرضاء المواطن بمعالجة مشكلة الكهرباء، وتزويده بساعات تجهيز إضافية، لم يبق أمامها سوى التوجه إلى أصحاب المولدات، ومحاسبة المخالفين منهم، دون أن تحاسب نفسها على إخلالها بوعودها! إذ نفذت الجهات الرقابية حملات اعتقال طالت العديد من أصحاب المولدات، فيما رفعت مولدات بعضهم، ومع ذلك، لا يزال هناك من يخالف التسعيرة!

الأمبير بـ 15 ألفا

المواطن ابو حسن، وهو من سكان المحلة 837 في حي الإعلام بجانب الكرخ، يقول لـ “طريق الشعب” أن “أصحاب المولدات في منطقتنا لم يلتزموا بالتسعيرة التي حددها مجلس الوزراء، والبالغة 12 ألف دينار للأمبير الواحد بالنسبة للاشتراك الذهبي. إذ لا يزالون يستوفون 15 ألف دينار مقابل الأمبير الواحد”، مستدركا “لكن الحق يقال، ان المولدات تشتغل ما دامت الكهرباء الوطنية مقطوعة. حتى أن بعض أصحاب المولدات لديهم ماكينتان يشغلون واحدة بينما تستريح الأخرى، وهذا يعني انهم مستعدون لتوفير الكهرباء للمواطن بشكل متواصل، حتى لو انقطعت أياما”. ويؤكد أبو حسن، أنه “بالرغم من توفر كهرباء المولدات، إلا أن المواطن متذمر من إخلال الحكومة بوعودها في زيادة ساعات تشغيل الكهرباء، وما سبق ذلك من وعود كثيرة على مدى السنوات الماضية”، مضيفا قوله أن “المولدة حتى لو اشتغلت يوما كاملا، لن تعوض المواطن عن الكهرباء الوطنية تحت وطأة هذا القيظ. إذ لا يمكن تشغيل أجهزة التبريد على أمبيرات قليلة”. ويرى المواطن أن “حل أزمة الكهرباء، يتوقف على مجيء مسؤولين وطنيين يشعرون بالمسؤولية تجاه وطنهم وشعبهم”، مطالبا بـ “محاسبة الفاسدين في قطاع الكهرباء، والعمل على معالجة أزمة الطاقة الكهربائية، والتخلص من المولدات الأهلية التي تستنزف جيوب المواطنين، ناهيك عما تخلفه من تلوث بيئي وضوضاء”.

ساعات طويلة بلا وطنية

ولا تختلف معاناة المواطن أبو وجدان، وهو من سكان ناحية الوحدة جنوبي العاصمة، عن معاناة أبو حسن. فصاحب المولدة في منطقتهم لم يلتزم بالتسعيرة المحددة. يقول أبو وجدان لـ “طريق الشعب”: “اننا نعاني جشع أصحاب المولدات، ونعاني أيضا انقطاع الكهرباء الوطنية ساعات طويلة خلال اليوم، رغم استقرارها في الشهرين الماضيين”. ويضيف قائلا أنه “قبل أيام اشتكى أحد سكان الناحية، لدى السلطة الأمنية، على صاحب مولدة غير ملتزم بالتسعيرة، فجرى استدعاؤه وتحذيره من عدم الالتزام بالتسعيرة المحددة”، لافتا إلى أن “سبب معاناتنا مع المولدات، هو تدهور الكهرباء الوطنية، وعدم جدية الحكومة في معالجة هذا الملف، الذي بات في أيدي الفاسدين”! فيما ينوّه أبو وجدان، إلى أن معاناة منطقتهم لا تتوقف فقط على الكهرباء، فهناك أيضا شح في مياه الشرب، مؤكدا أن “ماء الإسالة ينقطع أياما عديدة، ما يرهق السكان، وغالبيتهم من الطبقة الفقيرة. فهم اليوم يائسون من معالجة مشكلاتهم الخدمية وإنهاء معاناتهم”.

الفساد أس البلاء!

 من جانبه، يقول المواطن ابو أنور، وهو من سكان ناحية سبع البور شمال غربي بغداد، ان “ملف الكهرباء معقد وشائك. وان أزمة الطاقة تقف وراءها عوامل عديدة، أبرزها الفساد المستشري في مفاصل الدولة، والذي تسبب في معاناة المواطنين ليس في مجال الكهرباء وحسب، إنما في مختلف القطاعات الخدمية. كما حرم الفساد المواطنين من فرص العمل والعيش الكريم”، مشيرا إلى أنه “فوق هذا وذاك، يأتي أصحاب المولدات الجشعون، فيزيدون سعر الأمبير على المواطن الفقير والكادح”. ويلفت في حديث لـ “طريق الشعب”، إلى أنه “ليست هناك متابعة ورقابة حكومية حقيقية على عمل أصحاب المولدات. فالجهات المعنية تنتظر من المواطن أن يقدم شكواه بنفسه، وهذا يخاف أحيانا من الإقدام على هذه الخطوة، لكون صاحب المولدة حينما يعرف هوية المشتكي، سيقطع خط الاشتراك عنه”!  ويؤكد المواطن أن الكهرباء الوطنية تنقطع في منطقتهم ساعات طويلة، ما يتسبب في معاناة كبيرة للأطفال والمرضى وكبار السن، في هذه الأجواء الحارة، ويقطع سبل معيشة أصحاب الحرف والورش الذين يتوقف عملهم على وجود الكهرباء الوطنية”.

لا نستغني عن المولدات!

إلى ذلك، تقول المواطنة أم رسل، من سكان حي الخضراء في جانب الكرخ، أن “المولدات، ورغم عدم التزام أصحابها بالتسعيرة، لكننا لا نستطيع الاستغناء عنها في ظل تدهور الكهرباء الوطنية”. وتلفت إلى أن “المواطن يمتنع أحيانا عن تقديم شكوى ضد صاحب المولدة المخالف، بسبب الإجراءات الخاطئة التي تتبعها الجهات المعنية. إذ تقوم برفع المولدة من الأساس، دون توفير بديل”، مبينة لـ “طريق الشعب”، أن “الأفضل هو محاسبة صاحب المولدة وتغريمه، وإلزامه باتباع التسعيرة وساعات التشغيل المحددة”.

وتعبر أم رسل عن يئسها من معالجة أزمة الكهرباء. وتقول: “لا تبدو في الأفق أي بوادر حكومية لإنهاء مشكلات هذا الملف جذريا”!