اخر الاخبار

ما أن تم الإعلان عن توفر درجات وظيفية حكومية حتى سارع الأكاديميون العاملون في الجامعات الاهلية، الى التقديم عليها، على أمل التخلص من جشع بعض أصحاب رؤوس الاموال الذين لا يستهدفون سوى الربح، بعيدا عن أهداف العملية التعليمية ومستقبل البلاد.

ويجري ذلك خلافا لما تشهد جميع بلدان العالم، إذ أن رواتب القطاع الخاص لها افضلية على الرواتب الحكومية، بينما في العراق يعاني الأكاديميون من ظلم واستغلال بشع.

التحقوا بالوظيفة الحكومية

وفي هذا الشأن أوضح المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر جبر العبودي قائلا ان التعيينات الاخيرة التي اعلنت عنها وزارته، لحملة شهادة الدكتوراه البالغ عددهم 2476، هي لا تمثل تعيينات قسرية لحملة الشهادات العليا، انما هي رغبة حامل الشهادة نفسه بموجب القانون الذي نص على تعيين حملة الشهادات العليا وبالتنسيق بين مجلس الخدمة الاتحادي ووزارة المالية “.

وتابع حديثه لـ “طريق الشعب بالقول”، أن “ نسبة كبيرة من اصحاب الشهادات كانوا في بيئة التعليم الخاص في الجامعات والكليات الاهلية، وحينما اتيحت لهم فرصة الالتحاق بالمؤسسات الحكومية توجهوا اليها بمختلف التخصصات”.

وعن حاجة الجامعات والكليات الاهلية لأصحاب الشهادات العليا، علق المتحدث باسم الوزارة موضحا ان وزارته “تعتمد الية الإعارة، حينما تؤشر هذه الجامعات الخاصة حاجتها الى اصحاب الشهادات العليا، فبالإمكان اعارة هذه الخدمات وهي الية قانونية وادارية معتمدة”.

واكد العبودي على ان “هذه الاعارة ستغطي احتياجات هذه الجامعات الاهلية، فمسارات التعليم الاهلي والحكومي مساران متوازيان وكلاهما يشكل العملية التعليمية في العراق”.

وزارة التعليم تتحمل وزر ذلك

وعلى صعيد متصل قالت الاكاديمية بشرى العبيدي ان الاكاديميين الذين يعملون في الجامعات  والكليات الاهلية يخضعون لأحكام قانون العمل لسنة 2015، والمفترض ان يكون هنالك قانون خاص لتنظيم عمل الاستاذ الجامعي والموظف في الكليات الاهلية، وضمن قانون التعليم الأهلي  ويشمل التنظيم المالي والاداري والتقاعد لان الاكاديميين يعلمون بدون تقاعد في هذه الجامعات.

وحملت في حديثها مع “طريق الشعب” “وزارة التعليم العالي وزر ابتعاد التدريسيين عن الجامعات الاهلية، لأنها ابعدت هذه الجامعات عن الرقابة وعن احكام قانونية صارمة، وان تكون تحت جناح الوزارة”.

ولفتت العبيدي الى ان “ الكلية الاهلية تتعاقد مع الاستاذ الجامعي بشكل مخالف تماماً لعقد الوزارة، وهذا سببه عدم تدقيق لجنة الوزارة على العقود التي تُبرم في هذه الجامعات؛ شكلياً يوقع الاستاذ على عقد وضعته الوزارة فيه شروطها، وفي الواقع هنالك عقد اخر خاص بالكلية والراتب فيه اقل من الراتب المفروض في عقد الوزارة، الذي ينص على انه يجب ان لا يقل باي حال من الأحوال عما يتلقاه نظيره في الكليات الحكومية”.

وبينت العبيدي وهي خبير قانوني أيضا الى ان “التدريسي في الجامعة الاهلية لا يشعر بالاطمئنان فراتبه قليل على عكس زملائه في الجامعات الحكومية، بينما لو توفرت الضمانات في الكليات الاهلية كما في الجامعات الحكومية لكان العبء أخف على وزارة التعليم”.

وشددت في ختام حديثها على ضرورة: “اعادة النظر بقانون التعليم الاهلي، وان تخرج الوزارة بقرارات تجبر الجامعات الاهلية بان تلتزم بهذه القرارات، إضافة الى انه يجب ان تكون هنالك رقابة حقيقية وصارمة على مدى تطبيق هذه الكليات لقرارات الوزارة واحترامها للأساتذة”.

غير احترافية ولا علمية

من جانبها، بينّت بشائر حسن (دكتوراه في علم الفيزياء) ان العمل في الجامعات الاهلية يحمل الكثير من المساوئ، ابرزها عدم قدرة التدريسي على فرض قواعد مهنية في التدريس، وكثيرا ما نشهد تدخل المستثمرين او مقربيهم ويمارسون الضغوط لانجاح بعض الطلبة من الذين يرتكبون مخالفات جسيمة مثل الغش او الاعتداء على التدريسيين وحتى التهديد، مشيرة الى انها كانت تعمل في جامعة أهلية وما تزال لها في ذمتها رواتب 6 اشهر منذ عام 2020، لم تتسلمها حتى الان.

وأضافت، ان “المستثمر اجبرنا على توقيع تعهد عند تقديم استقالتنا بعد توظيفنا على عدم المطالبة بمستحقاتنا القديمة مقابل صرف مرتب الشهر الأخير”.

الى ذلك، قال الأكاديمي في الجامعة العراقية د. أحمد حميد، ان حامل الشهادة العليا يميل إلى التوظيف الحكومي على حساب التوظيف الأهلي، وهذا الميل يشاطرهُ بهِ كل أصحاب المهن الأخرى.

وأوضح في مستهل حديثه مع “طريق الشعب” بالقول ان “للأكاديمي العراقي أسبابا تتداخل مع الآخرين، وأخرى خاصة، ومن أبرزها، ان حامل الشهادة العليا من الكفاءات الوطنية التي يجب على الدولة الاستفادة منها واستثمارها بشكلٍ يليقُ بالدولة وبها”، منوها الى ان “الأكاديمي يشعر بحقهِ الامتيازي، وهو يمارس تخصصهُ الدقيق في الجامعات الحكومية، ناهيك عن الضمان الاجتماعي والمخصصات المالية، والنظرة الاعتبارية المجتمعية لهُ بوصفهِ أستاذاً جامعياً”.

وأردف حميد قائلا ان الكليات والجامعات الاهلية “عبارة عن مشاريع استثمار تابعة لجهات غير احترافية وغير علمية، وتغلب عليها الصفة التجارية، وهو ما يجعلها تتعامل مع الأكاديمي المتعاقد معها، بوصفهِ رقماً لا بوصفهِ ذاتاً محترمة لها من الحقوق والامتيازات المعنوية والمادية”.

وخلص الى ان “التدريس في الجامعات الحكومية هو طموح كل الباحثين والطلّاب في الدراسات العليا، وعلى الدولة أن تحتضن كفاءاتها من الطاقات الشبابية، وألا تجعلهم لقمة سائغة بيد تجّار المؤسسات الأكاديمية الأهلية، وإن كانت تحتجُ بفائض حاملي الشهادات العليا، فعليها أن تأخذ دورها عبر وزارتي التعليم العالي والتخطيط، لوضع خطة علمية منهجية، لتضع الشخص المناسب في المكان المناسب”.

عرض مقالات: