اخر الاخبار

لقد نظرت الماركسية إلى قضية تحرير المرأة بارتباطها الوثيق مع تحرير المجتمع من كل اشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني، وقد تناول انجلز في مؤلفه (أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة) قضية المرأة منطلقا من الفهم المادي للتاريخ الذي يقول إن التحول في اسلوب الانتاج يؤثر على الوجود الانساني بأسره بما في ذلك شكل العلاقات بين الرجال والنساء ولا يمكن الفصل بين الانتاج وتجديد النوع البشري في تطور المجتمع البشري، وتلخصت استنتاجات انجلز:

  • ان النظرة إلى دونية المرأة هي نتاج تطور تاريخي اجتماعي لا تتعلق بالفروق البيولوجية بين المرأة والرجل.
  • شهدت المجتمعات البدائية المساواة بين المرأة والرجل، كما شهدت تلك المجتمعات حق الأم حيث كان الابناء ينسبون إلى الأم.
  • مع ظهور المجتمعات الزراعية والرعوية والفروق الطبقية والدولة وتركز الثروة في يد الرجال (ملكية الأرض الزراعية وقطعان الماشية) بدأ يظهر عدم المساواة بين المرأة والرجل واصبحت الوراثة من جهة الأب لاستمرار سيطرة الرجل.
  • أشار انجلز إلى أن الاطاحة بحق الأم كان الهزيمة التاريخية العالمية لجنس النساء، ومن هنا بدأت سيطرة الرجل وهيمنته في المجتمع، وتراجع دور المرأة إلى المنزل، وهذه الهزيمة ارتبطت بانقسام المجتمع إلى طبقات مستغَلة (بكسر السين) ومستغَلة (بفتح السين)، وبالتالي يستحيل فصل النساء عن تحرير المجتمع ككل من الاضطهاد الطبقي وكل اشكال القمع والاضطهاد الاخرى.

كما اشار ماركس في مؤلفات متفرقة إلى قضية المرأة مبيناً:

  1. إن تطور المجتمع يقاس بتقدم المرأة.
  2. خروج المرأة للعمل مع الرجل لابد ان يصبح بالضرورة مصدرا للتقدم الانساني ويخلق اساسا اقتصاديا جديدا لشكل أعلى من الأسرة وللعلاقات بين الجنسين، حيث أن العمل يفتح أمام النساء أوسع الفرص للنضال والتنظيم.
  3. النضال ضد اضطهاد المرأة مهمة الرجال والنساء في الحزب وليس مهمة النساء وحدهن.
  4. وكان من رأي ماركس وانجلز أن تحرير المرأة يتطلب ليس فقط دخولها إلى مجال الانتاج الاجتماعي انما كذلك احالة الخدمات من امثال العناية بالأطفال والمسنين والعجزة إلى المجتمع، كما يمثل إزالة الفوارق الطبقية وتقسيم العمل بين الجنسين شرطا مسبقا لبلوغ النساء المساواة التامة.

ومن الخطأ التصور أن الماركسية قد نظرت إلى تحرر المرأة في مستوى العلاقات الاقتصادية والانتاجية فقط ولكن للمسألة شكلها الثقافي الذي يتعلق بالبنية الفوقية للمجتمع، فبمجرد تحرير المجتمع كله من الاضطهاد الطبقي ومساواة المرأة مع الرجل في الأجر وبقية الحقوق لا يعني ذلك أن قضية المرأة قد تم حلها، ذلك أن لقضية المرأة شقها الثقافي والذي يتعلق بالصراع ضد الايدلوجية التي تكرس اضطهاد المرأة ودونيتها والتي هي نتاج قرون طويلة من قمع واضطهاد المرأة، وبالتالي لا بد من مواصلة الصراع في الجبهة الثقافية او البنية الفوقية للمجتمع ضد الأفكار والمعتقدات التي تكرس دونية المرأة والتي كرستها مجتمعات الرق والاقطاع وحتى الرأسمالية التي تعيد انتاج عدم المساواة في توزيع الثروة وبين البلدان المتخلفة والرأسمالية، وتعيد انتاج عدم المساواة بين المرأة والرجل. اذن فقضية المرأة يجب ان ننظر اليها نظرة شاملة وفي أبعادها المتعددة.

اشار ماركس وانجلز إلى أن الاشتراكية توفر الظروف المادية والحقوقية الضرورية للمرأة، إلا أن الأوهام في أن تؤدي الاشتراكية إلى تحرر المرأة تلقائيا لم يدر بخلد مؤسسي الماركسية ولم يتصور ماركس وانجلز انه مع انتصار الاشتراكية ستسود المساواة فورا بين المرأة والرجل، فقد تناول ماركس الاشتراكية بصورة واقعية مشيرا إلى أن الحديث يدور حول تشكيلة اشتراكية تخرج من احشاء الرأسمالية ولذا سوف تحتفظ بسماتها التي تعيد انتاج عدم المساواة لفترة طويلة ولا سيما البنية الفوقية التي تكرس اضطهاد المرأة. كما اشار لينين إلى أن (المساواة في القانون لا يعني المساواة في الحياة)، واشار ايضا إلى (ان الطبقة العاملة لا تستطيع احراز حريتها الكاملة إذا لم تحرز الحرية الكاملة للنساء). وكما يقول لينين (لأجل تحرير المرأة كليا ولأجل مساواتها بالرجل فعلا يجب ان يتوفر اقتصاد اجتماعي عام وان تشترك المرأة في العمل الانتاجي العام وآنذاك سيكون وضع المرأة مماثلا فعلا لوضع الرجل).

وبين لينين ايضا بأنه (حيث توجد الرأسمالية وحيث تدوم الملكية الخاصة للأرض، الملكية الخاصة للمصانع، للمعمل، وحيث تدوم سلطة رأس المال، هناك تبقى الامتيازات للرجال).

وترى الماركسية ان قضية تحرير المرأة ليست مفصولة عن قضية تحرير المجتمع ككل وليست مفصولة عن الصراع الطبقي والنضال من اجل المجتمع الاشتراكي.