اخر الاخبار

 بعد ثلاثة عقود ونصف العقد على ضرب النظام الديكتاتوري الصدامي لمدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي، لا يزال سكان هذه المدينة يئنون تحت تداعيات وآثار المجزرة النكراء، فلم تعمل الجهات الحكومية التي تعاقبت على السلطة بعد العام 2003، على مداواة جروحهم وتعويضهم عن المعاناة التي قاسوها.

وفي الذكرى الخامسة والثلاثين، أحيا العراقيون قبل أيام ذكرى الهجوم الكيماوي الإجرامي؛ حيث أكد حقوقيون نجوا من الهجوم، أنّ مدينتهم منسية وتعاني من الإهمال والخراب، وبحاجة الى رعاية واهتمام اكبر بعد القرار الرسمي باعتبارها محافظة عراقية.

واجب أخلاقي

وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في تغريدة على حسابه الرسمي في منصة تويتر: “نستذكر اليوم واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية ألا وهي فاجعة حلبجة، وفي هذه المناسبة نؤكد على أن قرارنا في مجلس الوزراء بالتصويت على مشروع القانون الذي يقضي بتحويل المدينة المضحية إلى محافظة هو واجب أخلاقي قبل أي شيء”.

وكان مجلس النواب قد وافق في اذار 2021 على قرار يلزم الحكومة العراقية، باعتماد حلبجة كمحافظة عراقية جديدة، وذلك تزامنا مع حلول الذكرى الـ 33، لمأساة حلبجة.

 ووفقا للبيان الذي صدر حينها عن الدائرة الإعلامية لمجلس النواب العراقي فإن “مجلس النواب صوت بالإجماع بإلزام الحكومة، إكمال الإجراءات المتعلقة بإعلان حلبجة محافظة”.

حالة من عدم الرضا

وفي هذا الصدد، قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكردستاني، الرفيق ماجد حسن: “مرت علينا ذكرى الفاجعة الاليمة لقصف مدينة حلبجة بالكيمياوي. هذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها اكثر من 5000 انسان من سكان المدينة بين شيوخ ونساء واطفال، وهي باقية في الذاكرة ولن تنسى ابداً”.

واضاف في حديثه مع “طريق الشعب”، قائلا انهم في هذه المناسبة “قمنا بأحياء الذكرى في عدد من مناطق اقليم كردستان، وذكرنا بمدى وحشية النظام الدموي الذي ارتكب هذه الجريمة، ولا بد من تعريف المواطن العراقي بهذه الكارثة وما فعله النظام المباد بحق الشعب الكردي”.

ونوه بان “الحكومة مقصرة في كل الجوانب، ولم تعط الحق لكل من عانى من النظام السابق وبالخصوص منطقة حلبجة، التي من المفترض ان يكون هناك اهتمام خاص فيها، من حيث العمران والتنمية ورد الاعتبار للعوائل الناجية من هذه الجريمة”، لافتا الى انه “ما زال هناك وقت امام المعنيين للاهتمام بالمدينة، خصوصا بعد قرار مجلس الوزراء باعتبارها محافظة عراقية. لذا من الضروري ان يتم الاهتمام بها وتقديم الدعم لها، وهم غير راضين عن هذا الاهمال والتقصير بحقهم”.

اثار الجريمة باقية

وعلى صعيد متصل، قال المحامي والمستشار القانوني نجم الدين حمه، إن آثار جريمة القصف الكيماوي لا تزال باقية في أذهان الأفراد والعوائل كأنما مرت سنة واحدة على الجريمة، في الوقت الذي غاب فيه الاهتمام والرعاية الحكومية.

وأضاف حمه في سياق حديثه مع “طريق الشعب”، وهو أحد ضحايا هذه الجريمة، ان “المحكمة الجنائية العراقية العليا اعتبرت الفعل جريمة إبادة جماعية، لكن جميع الإدانات لم تترجم إلى فعل حقيقي لتعويض المتضررين. وحتى الان لم يتم إنصاف العوائل وتعويضهم عن الضرر الجسيم الذي لحق بهم”، منوها الى ان “المدينة اصبحت محافظة ادارياً لكنها بلا ميزانية او خدمات عامة، ونسبة البطالة مرتفعة بين شبابها، وكان على الحكومة تلبية كل هذه الطلبات قبل سنوات عديدة”.

ويجد حمه، أن قرار تحويل المدينة من قضاء الى محافظة ليس كافيا “فهي فكرة موجودة قبل ضرب المدينة بالسلاح الكيماوي، ويجب ان لا يتم ربط هذا الامر بتعويضات ذوي الضحايا والمتضررين من الجريمة؛ فالأهالي حتى الان بدون رعاية وهناك أناس فقدوا عوائلهم. وبصورة عامة سكان المدينة والقرى المحيطة بها بحاجة الى اعادة تأهيل ودمج مع المجتمع”.

وأشار المحامي إلى أن “النظام بعد العام 2003 لم يقم بإدانة رموز النظام الدموي السابق على جميع جرائمه، وعجّلوا بإغلاق المحكمة المعنية بمحاسبتهم، نتيجة لصفقات سياسية، وبقيت 14 قضية لجرائم كبرى ارتكبها النظام السابق في مناطق الشمال والوسط والجنوب، جميعها لم تناقش. والمؤكد أن جميع القرارات التي صدرت لإنصاف الضحايا كانت بلا روح”.

وخلص المحامي الى أنه يجب على المعنيين: التعامل مع ملف المدينة بشكل خاص والعمل على مداواة الجرح واستنهاض همم الناس من خلال تنميتها وإعمارها، فحكومتا الاقليم وبغداد مقصرتان بحق حلبجة، وقد اهملوها اهمالا كبيرا”.

عرض مقالات: