اخر الاخبار

قالت وزارة التخطيط، الاحد الماضي، أن متوسط دخل الفرد العراقي بلغ 7 ملايين دينار، خلال المؤشر الخاص بالعام 2022.

ويبدو ان الوزارة جانبت الصواب في احتساب متوسط دخل الفرد، حيث اكتفت بتقسيم الناتج الاجمالي على المواطنين، متجاهلة حالة اللاعدالة التي يعيشها العراقيون، من خلال استئثار قلة قليلة بالثروات، وترك الملايين يعيشون تحت خط الفقر.

نصيب الفرد

وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي في حديث صحفي، إن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية بلغ ما بين 6.5 الى 7 ملايين دينار خلال العام الماضي”، مضيفا أن “ارتفاع أسعار النفط ساهم في ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي”. وأضاف، أن “متوسط دخل الفرد يحتسب من خلال تقسيم الناتج القومي الإجمالي على عدد سكان البلد”.

وتجدر الإشارة الى أن حصة الفرد أو دخله، هي مؤشر اقتصادي يقيس درجة التنمية الاقتصادية في بلد ما وأثرها الاجتماعي، ويتم ذلك من خلال قسمة قيمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان.

 ويعتمد العراق وهو من الدول الريعية بشكل شبه تام في موازنته العامة على النفط، فبعد أن مرّ بظروف اقتصادية صعبة خلال العام 2020 نتيجة انخفاض أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا، ارتفعت الاسعار مرة اخرى في نهاية العام 2021 وبداية 2022 لتتجاوز 100 دولار للبرميل الواحد، بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

افتقار للواقعية

وفي هذا الشأن، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش: بالنسبة لمتوسط دخل الفرد من الناتج القومي اذا قسمنا اجمالي المتحقق، من خلال ايرادات الدولة والايرادات المباشرة للسوق، التي بلغت في العام 2021 (250 تريليونا)، وارتفعت في العام الماضي الى (320 تريليونا)، على 40 مليون عراقي، فان نصيب الفرد الواحد سيصبح ما يقارب 12 الى 13 مليونا، وبعد تخفيض بعض الاساسيات المسجلة لدى وزارة التخطيط رسمياً مثل الفقراء والمعدمين، ومن يتسلمون منحة الرعاية، ستصبح النسبة 7 مليون دينار”.

ونبّه في حديثه لـ”طريق الشعب”، الى ان هذه العملية تتم “على اعتبار ان الـ 320 تريليونا وُزعت على الشعب العراقي بالتساوي، ومن سجّل لدى الوزارة هم من لم يأخذوا حصتهم”.

وأكد حنتوش، ان “قاعدة البيانات هذه لا تستند الى إحصاء دقيق فمنذ العام 1997، ونحن لا يوجد لدينا تعداد سكاني. فالعائلة العراقية البسيطة وفقا لهذا الحساب، يكون دخلها السنوي 2 مليون دينار في الشهر، وهذا غير موجود في الحقيقة”، مؤكدا ان “هذه الحسابات تفتقر الى الواقعية لأنها لم تأخذ بنظر الاعتبار ان هناك اناسا تستحوذ على المليارات وتسرق وتدفع الرشاوى.. والخ، بينما هناك اناس تسعى وراء فرصة عمل ولقمة عيشها”.

وأشار الى انه عند “اهمال جانب الفساد وعدم قدرة تحويل الايرادات المالية الى ايراد اقتصادي للمواطن، تكون هذه النتيجة صحيحة”، مردفا “لكن عند وضع هذه العوامل في الحسابات يكون متوسط دخل الفرد العراقي سنوياً بما لا يزيد على 2 الى 3 مليون دينار عراقي، وهذا المتوسط الذي من المفترض ان يشمل 70 في المائة من المواطنين فما فوق، ولكن نحن لدينا ايضاً 30 في المائة من الذين هم تحت خط الفقر، هؤلاء لا يدخل لهم في الشهر أكثر من 250 الفا”.

وخلص الى ان “هذه المعادلة تحتاج الى تجديد واعادة نظر واضافة عامل الفساد”.

لا منجز فيذكر

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي منار العبيدي، ان “هذه الارقام لا تعني ان دخل الفرد هو 7 ملايين، انما هو الناتج المحلي في العراق من قطاع النفط وغيرها، ويقسم على عدد السكان فينتج معدل الناتج المحلي. وعلى سبيل المثال في مصر يكون معدل الناتج المحلي فيها اعلى من العراق، الا ان عدد سكان مصر البالغ 100 مليون، يجعل معدل الناتج المحلي اقل من العراق”.

واضاف، أن “هذا الرقم يشكل مقياس رخاء الدول ومستوى قوة اقتصادها”.

واكد في حديثه مع “طريق الشعب ان هناك “خللا في توزيع الثروات في العراق، فهناك 30 في المائة هم تحت خط الفقر، بينما نرى سعر المتر في بعض مناطق بغداد هو من اعلى المعدلات في العالم والايجارات اغلى بكثير.. والخ، وبالتالي يمكن القول ان هناك سوءا في توزيع الثروة، وهناك ايضا فئة مستحوذة على جزء كبير من الثروة، وهؤلاء تقدر نسبتهم بحدود 20 في المائة، والبقية هم من الذين تحت خط الفقر”.

وزاد الخبير قائلا: ان “وزارة التخطيط تتحدث وكأن هذا الرقم هو انجاز، بينما هو ليس كذلك، بل نتيجة ارتفاع اسعار النفط التي ادت الى صعود مستوى الناتج المحلي، وليس من خلال اجراءات لدعم القطاع الصناعي والزراعي والسياحي والصحي، التي زادت نسبة مساهمتها في الناتج المحلي”.

وخلص العبيدي الى ان “الدولة اذا ارادت تقليل مستويات خط الفقر ورفع مستوى الناتج المحلي، فيجب عليها دعم القطاعات الاخرى، ولا يكون الاعتماد بشكل اساسي على النفط فقط”، مشددا على “حاجتنا الى احصاء السكان لمعرفة ما اذا كان هذا التقدير صحيحا، ولتكون لدينا ارقام دقيقة ايضاً، ولضمان توزيع عادل للثروة”.

عرض مقالات: