يشكو كثير من النساء ذوات الاحتياجات الخاصة والكبيرات في السن من الإجراءات التعسفية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بقطعها رواتب الرعاية الاجتماعية بحجة أنهم “فوق مستوى خط الفقر”.
المواطنة مريم يوبرت شمونيل (22 عاما) وهي من ذوات الاحتياجات الخاصة تعاني كثيرا جراء قطع راتب الرعاية الاجتماعية الخاص بها والذي لا يتجاوز 170 ألف دينار شهريا، بدعوى أن والدها على قيد الحياة وبالتالي لا تستحق راتب الرعاية الاجتماعية.
ويقول والد مريم لـ”طريق الشعب” إنهم قدموا شكوى تظلم بسبب قطع الراتب إلى اللجنة القانونية للحماية الاجتماعية، إلا أن قرار اللجنة العليا للحماية الاجتماعية جاء أن “ المسح الميداني للباحث الاجتماعي المكلف أثبت عدم صحة أدعاء المتظلم، فهو فوق خط الفقر”.
بسبب الأثاث قطع الراتب
وتشكو المواطنة غازية عباس (70 عاما) هي الأخرى من قطع راتب الرعاية الاجتماعية الخاص بها وبولدها الذي يعاني من بتر ثنائي، بعد زيارة الباحث الاجتماعي لمنزلهم (الذي قامت ببنائه تجاوزا في أحدى المناطق) وتسجيله وجود ثلاجة عندهم وتلفاز وتبريد وطباخ من ضمن الأثاث، “ليصدر بعدها القرار أننا غير مستحقين للرعاية الاجتماعية، لكون أثاث المنزل يؤشر أننا من ضمن العوائل التي تتجاوز خط الفقر، على الرغم من عدم توفر دخل مادي ثابت لنا غير راتب الرعاية الاجتماعية، الذي لا يسد شيئا من متطلبات الحياة اليومية”.
وتقول المواطنة غازية لـ”طريق الشعب” إن “ولدي عاجز عن العمل بسبب تعرضه لصعقة كهربائية أثناء العمل، تسببت ببتر يديه وهو أب لثلاثة أطفال”، وتضيف “وأنا في هذا العمر أشتغل كبائعة للخضار من أجل إعالة أسرة ولدي وتوفير العيش لهم”. وتضيف موضحة انه “بعد حملة التدقيق التي أطلقتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع بداية هذا العام، زارنا الباحث الاجتماعي، وكان يحمل استمارة دَوّن فيها أثاث المنزل الذي عملت على جمعه من مساعدات المواطنين”، وتؤكد أنها “تفاجأت في نهاية الشهر الأول من هذا العام بعدم صرف الراتب، وعند مراجعة وزارة العمل جاء التبرير أننا غير مشمولين لكوننا فوق خط الفقر بسبب أثاث المنزل”. وتحاول المواطنة غازية هي وابنها استرجاع راتب الرعاية الاجتماعية لهما، وهما في انتظار قرار اللجنة القانونية التابعة إلى الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
لا بد من الالتزام بها
في السياق يفيد باحث اجتماعي فضل عدم ذكر اسمه لـ”طريق الشعب” أن “هناك عدة تعليمات تفرض على الباحث الاجتماعي الالتزام بها، خاصة تلك المتعلقة باستمارة الدخل البديل، والتي تتضمن معلومات عن أثاث المنزل وملكية العائلة ونوعية البناء ومستوى استفادة العائلة من الخدمات الحكومية وغيرها”.
الجانب الانساني
وحول تدوين المعلومات يقول “هناك الكثير من الباحثين الاجتماعيين لا يأخذ البعد الإنساني بنظر الاعتبار، خاصة وأن أغلب عوائل المناطق الشعبية، يعاني الفقر الشديد بسبب قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار بغض النظر عن الأثاث المنزلي”.
لم يستبعد تقبل الرشوة
ولم يستبعد الباحث الاجتماعي تقبل البعض من الباحثين الرشوة، عبر تسجيل معلومات غير صحيحة لعوائل هم ليسوا بحاجة إلى رواتب الرعاية الاجتماعية وتسجيلهم على أنهم مستحقون لها.
ويرى الباحث أن “حملة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لزيادة الشمول بالرعاية الاجتماعية خطوة بالاتجاه الصحيح، إلا أن رواتب الرعاية الاجتماعية نفسها بخسة ولا تتناسب مع مستوى ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق المحلية، مشيرا إلى أن “النساء وذوي الاحتياجات الخاصة هم أكثر الفئات أحقية برواتب الرعاية الاجتماعية”.
إجراءات إدارية معقدة
وحول إجراءات التقديم للرعاية الاجتماعية يذكر المحامي جعفر عبد الله أن “شروط التقديم والقبول برواتب الرعاية الاجتماعية معقدة وهي بحاجة إلى موافقات يصعب المواطن البسيط الوصول اليها كالترشيح عن طريق مكتب الوزير أو نائب برلماني”. ويقول لـ”طريق الشعب” إن “خطوة وزارة العمل بزيادة الشمول إجراء لا بد منه إلا أنها لم تراع جهل الكثير من المواطنين بالتقديم الالكتروني، عبر حصر التقديم وملئ الاستمارات بنافذة الكترونية عملت على فتحها لأيام محددة ومن ثم أغلقت”، مضيفا “الأمر الذي أجبر الكثير من المواطنين خاصة من فئة النساء إلى تكليف المحامين للمضي بمعاملة الشمول بالرعاية الاجتماعية، كما أن هناك الكثير من النساء على الرغم من أحقيتهن بالرعاية الاجتماعية إلا أنهن لم يتمكن من التقديم على الرعاية الاجتماعية، بسبب قلة الرواتب أولا والإجراءات الإدارية المعقدة التي تتطلب منهن جهدا ومصرفا ماليا كبيرا”.