اخر الاخبار

اكثر من مائة يوم مضت على تشكيل الحكومة الحالية، بعد مخاض عسير ونزاع وصل الى الصدام المسلح بين قوى السلطة، فكانت مخرجاته برنامجا حكوميا مليئا بالأماني غير القابلة للتطبيق، كونه يتصادم مع مصالح القوى السياسية المتنفذة، وبالتالي فانها ستعرقل سير عملية تنفيذه.

وعلى الرغم من الوعود التي أطلقها السوداني والالتزامات التي الزم نفسه بها، يجد مراقبون ومهتمون بالشأن السياسي بان الحكومة لم تسجل أي نجاح يصب في صالح المواطن ومصلحته، حتى الان، محذرين من أن الاستقرار السياسي الذي نشهده بشكل نسبي لم يستمر طويلا.

غارقة في صراعاتها

وفي هذا الشأن، يرى الكاتب والمحلل السياسي نظير الكندوري انه “لا يمكن أن يكون الوضع السياسي في العراق مستقراً، في وقت تشكلت فيه حكومة السوداني بطريقة لا تمت للديمقراطية بصلة، فالكتلة التي رشحته لتشكيل وزارته تعتبر هي الأقلية بعد أن مورست الضغوط على التيار الصدري، وإفشاله في تشكيل حكومته، ما اضطره للانسحاب من البرلمان”.

وأضاف الكندوري في حديثه لـ “طريق الشعب”، قائلا ان مثل هذه الحكومة “من الطبيعي ستواجهها مصاعب كثيرة، وتُواجه بعدم تجاوب وتفاعل من شرائح مجتمعية كبيرة، وهذا ما يحصل اليوم، فالكتل السياسية التي دعمت تشكيل حكومة السوداني غارقة في صراعاتها من أجل المناصب لا خدمة الشعب العراقي، ولا نتوقع أن يستطيع السوداني النجاح في حكومته والصمود لفترة طويلة في منصبه”.

أقرب للاماني!

ولفت الكندوري الى ان هناك “معوقات كبيرة يواجهها السوداني في إدارة حكومته وتنفيذ برنامجه السياسي الذي أعلنه”، مرجعا التحديات والمصاعب الى “الكتل السياسية الداعمة لتشكيل حكومته (قوى الإطار التنسيقي)، فهم ينظرون إليه كمدير تنفيذي مهمته تنفيذ إرادتها، وليس كرئيس وزراء كامل الصلاحيات”.

وبيّن ان هذا الامر “أدخل السوداني في مشاكل معهم وقاموا بتهديده بحجب الثقة عن حكومته، كذلك المشكلة الكبيرة التي دخل فيها السوداني في ما يتعلق بارتفاع الدولار على حساب الدينار العراقي، نتيجة لإصرار كثير من القوى المستفيدة على تهريب الدولار من العراق لتمويل جهات وأطراف خارجية”.

ووصف الكندوري برنامج حكومة السوداني، بأنه “أقرب للأماني من كونه خطوات قابلة للتنفيذ”.

وأوضح المتحدث انه حتى الان “لم يسجل للسوداني أي نجاح يذكر في أي مجال يمس حاجات المواطن، وحتى عمليات التوظيف التي أطلقها مؤخرا فهي عملية استرضاء مؤقت للشارع العراقي، سرعان ما سيتفجر مرة أخرى، لأنها لن تحل مشكلة البطالة بشكل جذري، نتيجة لغياب الخطط المركزية التي تشجع على إعادة الحياة للقطاعات الانتاجية”.

كوابح كثيرة

ولم يذهب المحلل السياسي الدكتور جاسم الموسوي بعيداً عن حديث الكندوري، إذ قال ان “لا أحد يستطيع ان يجزم بان الوضع السياسي العراقي سيستمر بالاستقرار، على اعتبار ان ناظور المعارضة يراقب كل شيء: ربما ينتظر لحظة ما قد يستغلها سواء من خلال مواقف سياسية ام احتجاجية”.

وأشار الى انه يمكن ان “نطلق على حكومة السوداني بأنها حكومة خدمات، كونها وضعت برنامجا حكوميا واضح المعالم، وربما يملك السيد شياع السوداني جدية وتحركا في مجال الخدمات ومكافحة الفساد”، مردفا لكنها لم تصل لمستوى الطموح حتى الان.

واشار الموسوي في حديث خصّ به “طريق الشعب”، الى وجود ما اسماه “كوابح كثيرة” تعرقل قدرة السوداني، مبينا أن “العراق عبارة عن مراكز قوى ورؤوس متعددة في صناعة كثير من المتغيرات”.

ويعتقد الموسوي ان “بعض المصالح التي قد يذهب السوداني الى تأطيرها في إطار الدولة، ودفعها خارج سياقات العرقلة، قد تكون واحدة من الكوابح التي تحاول ان تحرك بعض القوى السياسية للتنكيل به أو زعزعة الثقة بحكومته”.

وخلص الى ان “الدولة العميقة التي تملك المال والاقتصاد والسلاح، وربما القرار السياسي أكبر من الدولة العراقية، لهذا السبب نلاحظ ان السوداني يتحرك ويتجنب استفزاز الآخرين”.

تفاقم الأزمات وانتعاشها

ومن حيث انتهى حديث السيد الموسوي، يجد الناشط المدني علي حسين ان “الدولة العميقة والاجنحة المسلحة لقوى السلطة من المستحيل ان تسمح باتخاذ أي اجراء او خطوات تتعارض مع مصالحها السياسية او تقوض من مكتسباتها”.

ويقول حسين في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “كل من تسنم منصب  رئاسة الوزراء على مدى السنوات السابقة لم يتحرك خارج الحلقة التي رسمتها له القوى التي اتت به الى هذا المنصب”.

ويضيف، ان أية عملية اصلاحية لا يمكن الحديث بها وعنها قبل أن يتخلص العراقيون من نهج المحاصصة ومبدأ تقاسم المغانم بين القوى المتنفذة، مشيرا الى انه “من غير المعقول ان نتوقع او نأمل ان يكتسب السوداني شجاعة لمواجهة هذه القوى والتحرك ضد سياستها او مصالحها، فهو يعي جيداً ان نتيجة ذلك تعني خسارته لمنصبه وحجب الثقة عن حكومته”.

واسترسل بالقول: “لا يعول الشباب اليوم على مخرجات هذه الحكومة لأنها ستكون بالأساس بلا مخرجات تصب في مصلحة الشارع العراقي، وبالعودة الى الذي تحقق منذ تشكيلة الحكومة الحالية وحتى الان، لن نجد ان هناك ما يستحق الحديث عنه سوى تفاقم الازمات وانتعاشها”.

عرض مقالات: