اخر الاخبار

إثر اشتباكات دامية في محافظة المثنى، تمكن تاجر مخدرات وعصابته من الهرب بعد 11 ساعة، واسفرت العملية عن اصابة عدد من عناصر القوات الامنية، وأدت الى وقوع خسائر بالمعدات في السماوة، وفقاً لما أفاد به مصدر امني.

خسائر كبيرة

وقال المصدر الامني لـ”طريق الشعب”، ان “القوات الامنية تمكنت من اقتحام منزل احد تجار المخدرات بمنطقة البو زويد، في مدينة السماوة بعد محاصرته في الداخل، عقب اشتباكات عنيفة بين التاجر والقوات الأمنية والتي استمرت لأكثر من 11 ساعة، اسفرت عن استشهاد منتسب واصابة 18 آخرين، وهروب التجار عبر الأنفاق والأزقة الضيقة”.

وأضاف، أن “المجرم ساعده أفراد عصابته على الهرب ومواجهة القوات الأمنية، وتم إحراق 3 مدرعات للقوات الأمنية أثناء المواجهة العنيفة مع العصابة الإجرامية”.

وأوضح المصدر ان “المتهم التجأ قبل هروبه مع أطفاله وزوجتيه الى الطابق الاول من المنزل، مع استمراره بإطلاق النار على القوة الامنية، واصابة ضابط برتبة مقدم، وهو امر الفوج الثالث في الرد السريع، كما استخدم المتهم المطلوب قنابل يدوية وسلاحا متوسطا نوع (بي كي سي)”.

تفاصيل العملية     

وبحسب ما افاد به مراسل “طريق الشعب”، عبدالحسين السماوي، فان الاشتباكات اندلعت منذ يوم الخميس الماضي، بين شرطة المثنى وتاجر المخدرات في قرية آل زويد في السماوة، واشتركت في العملية قوات الرد السريع/ الفوج الثالث من اللواء الاول، والذي حاصر القرية واستمر تبادل إطلاق النار بين قوات الفوج وتاجر المخدرات وعصابته، واسفرت المواجهة عن اصابة آمر الفوج بطلق ناري وجرح عدد من مقاتليه.

واضاف السماوي ان “قوات الفوج التكتيكي شاركت ايضاً في دعم الفوج بفوج من شرطة المحافظة، وبعدها وصلت تعزيزات من قوات الرد السريع من محافظة الديوانية، لكن التاجر نجح في الافلات من قبضة العدالة ومن معه عبر شبكة أنفاق معدة مسبقاً بالقرب من منزله إلى جهة مجهولة”.

واسفرت المعركة الشرسة التي دامت 11 ساعة، عن استشهاد منتسب وجرح 18 رجل أمن وإصابة العميد حاتم حازم السعيدي والرائد كريم، الى جانب حدوث اعطال لثلاث همرات تابعة لقوات الرد السريع.

جهاز جديد مختص

وفي السياق، يرى الخبير الامني احمد الربيعي ان “العراق اصبح مرتعا لتجارة المخدرات، نظراً لان الاجراءات الامنية لا تتجه نحو تجفيف منابع عبور المخدرات، بخطط استراتيجية؛ فالموضوع لا يتعلق فقط بتكتيكات امنية لملاحقة المتاجرين، إذ لا بد من خطط طويلة الامد وقصيرة ومتوسطة”، لافتا الى ان “ما يحدث هو معالجات شرطوية لملاحقة التجار والمهربين وغيرهم، وهذا الامر لا يرقى لمكافحة حقيقية لتجارة المخدرات واثارها وتهديدها للأمن القومي في البلاد”.

وأضاف في حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلا ان “أي دولة تضع قوانين لمعالجة جريمة ما، تكون حسب مديات تهديد هذه الجريمة للأمن القومي للبلد. وكلما كبر حجم الجريمة تكون هناك تشريعات قانونية توازي حجمها، لأنها يجب ان ترقى للتحدي الكبير الذي يواجهه البلد، نتيجة لاستفحال ظاهرة المخدرات وتجارتها وتعاطيها”.

 وشدد الربيعي على ضرورة أن يكون هناك “جهد استراتيجي يصل حتى لتشكيل جهاز مختص بمكافحة المخدرات لا يرتبط بوزارة الداخلية واكبر منه، لان التهديد كبير، ويحتاج الى هذه الخطوة، فنحن شكلنا جهاز مكافحة الارهاب بسبب التهديد الارهابي الكبير، كذلك الامر بالنسبة للمخدرات فخطرها اليوم اصبح يساوي خطر التهديد الارهابي، وحين يكبر التهديد يجب ان تكبر معه خطط المكافحة، لتواجهه بشكل اكثر صرامة وعلمية، مع توفير الامكانات لها، اكبر من الموجودة الان”.

قوة ونفوذ لا يستهان بهما

وتعليقا على ذلك، قال الناشط البصري حسين النزال، انهم بعد توصلهم الى قناعة تامة بأن “الحكومة ضعيفة في تنفيذها وعاجزة، بتنا نحاول ان نجمع شيوخ العشائر من اجل التكاتف ومحاربة هذه الافة الخطيرة. فهذا هو نتيجة غياب الارادة الحقيقية لمكافحة هذه الظاهرة، التي تتوسع يوما بعد اخر، وتأخذ مديات اوسع تدريجياً”.

واوضح النزال في حديث خصّ به “طريق الشعب”، قائلا انه “ترد الى مسامعنا احاديث حول ان تاجر المخدرات الفلاني له علاقة بالرتبة الفلانية. نعم، ربما لا نعلم مدى صحة ما يقال ولكن في الحقيقة أن تاجر المخدرات في البصرة نجده مهابا ومحترما ولديه نفوذ كبير وشبكة علاقات واسعة جداً بقيادات الامن وغيرهم”.

واكد ان” الموضوع لم يعد يتعلق بدعم لوجستي او فوج رد سريع وقوات معدة ومدربة، لا بل يحتاج الى عمل استخباراتي حقيقي ووطني لا مواجهة مسلحة فقط، لان تاجر المخدرات شخص ارتكب جريمة بحق مجتمع كامل ولا يوجد لديه ما يخسره وهو مستعد لان يخلف الكثير من الضحايا في سبيل عدم القاء القبض عليه، ولا تهمه حياة الاخرين”.

ونوه الى ان هذا العمل الظاهري للقوات الامنية والمواجهة المسلحة “لا يجدي نفعاً وانا شخصيا شهدت ملحمة كبيرة وفقدنا نقيبا بمنطقة الصبخة نتيجة اشتباك مع احد تجار المخدرات”، عازيا سبب ذلك الى ان “تجار المخدرات اليوم ليسوا كما في الماضي، بل هم اكثر قوة بسبب ما يمتلكون من اموال قادرة على شراء ذمم ضعاف النفوس”.

واشار النزال في سياق حديثه الى ان “تجار المخدرات لديهم اليوم شعبية وقاعدة نتيجة لاغداقهم الاموال وحتى تزويجهم للشباب، والتزامهم بالحضور للمناسبات الدينية والاجتماعية والمجتمعية، وحتى انهم يضخون الاموال لبعض من شيوخ العشائر”.

وخلص الى “اننا نحتاج الى ارادة حقيقية نصنع بها قوة استخبارية خاصة بهذا العمل، اضافة الى القضاء على الحواضن التي يستفيد منها تاجر المخدرات وتجفيفها، وذلك من خلال تكثيف حملات التوعية وانشاء مراكز التأهيل الخاصة بالمتعاطين، لان القضاء على التاجر يبدأ من معالجة المتعاطي وتأهيل المجتمع لمحاربة هذه الافة. ولكن في ظل واقع السلطة الضعيف في المعالجات وكذلك المواجهات، سيكون من المستحيل مكافحة هذه الظاهرة”.

عرض مقالات: