اخر الاخبار

قطعت الكتل السياسية المتنفذة قبل وأثناء موسم تشكيل الحكومة الحالية وعودا عديدة على نفسها، كان ابرزها معالجة آثار سعر صرف الدينار امام الدولار ومراجعة السعر، وما لبثت طويلا قبل أن تنكث تلك الوعود، وتنأى بنفسها عن الازمات المحيطة بالناس.

وصدعت تلك الكتل رؤوس المواطنين بالحديث عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية عالميا وتأثيرها على اسعار السلع محليا، وسرعان ما بان زيف تلك الادعاءات بعد تراجع أسعار الغذاء عالميا، بينما استمر ارتفاعها محليا بشكل ملحوظ، نتيجة لتذبذب سعر الدينار العراقي امام الدولار، ووصوله الى أدنى مستوى له منذ سنوات.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أن الأسعار العالمية للمنتجات الغذائية واصلت تراجعها في كانون الأول الماضي، لا بل هبطت دون المستوى الذي كانت عليه قبل سنة.

أم كاظم (ربة بيت) تقول وهي تهم لدخول مستشفى شيخ زايد، إن “الأزمات تلاحقنا منذ الصغر. لم نحظ بابن الحلال الذي ينظر بعين المسؤولية تجاهنا”.

وتضيف “ملينة من المناشدات؛همة يعيشون في بالصور.. واحنا علينا حسرة كرصة الخبز”.

وتطلق ام كاظم كلماتها الاخيرة في وجه مراسل “طريق الشعب”، بالقول: “لا بد تفرج.. ما يظل حمل مطروح.. وحوبة العراقيين تعور يمة”.

لا تعويل على الحكومة

ولا يعوّل عضو المكتب السياسي للتيار الاجتماعي مناضل عبد الله على الحكومة الحالية في اتخاذ إجراءات سريعة للسيطرة على أسعار صرف الدولار والمواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق المحلية.

ويرى عبدالله في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “الواقع الاقتصادي في البلاد وما يمر به من انهيار بحاجة الى وقفة جدية من اقتصاديين ومعنيين همهم مصلحة البلاد، لا المصالح الفئوية الضيّقة”.

وحول اوضاع الكادحين، يقول الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق عدنان الصفار، ان “العمال من اصحاب العقود والأجور اليومية يعانون الأمرّين، نتيجة الارتفاع المبالغ به في أسعار المواد في الأسواق المحلية”.

وينتقد الصفار في حديث لـ”طريق الشعب”، “الإجراءات الحكومية لانها لا تراعي الوضع الاقتصادي للفئات المجتمعية الأكثر ضررا، ما يؤدي الى رفع مستوى الفقر في البلاد، خاصة وانه ـ بحسب وزارة التخطيط ـ هناك 25 في المائة من المواطنين هم تحت خط الفقر”، مبينا ان الحدود الدنيا للأجور في القطاع الخاص هي 350 الف دينار شهريا، ومع ذلك هناك من يتقاضى اقل من 200 الف دينار شهريا، ولك ان تتصور كيف يستطيع هؤلاء سد حاجاتهم الغذائية الاساسية!

حلول عاجلة

وفي مطلع العام الماضي، كشف وزير التخطيط السابق ووزير الصناعة الحالي، خالد بتال النجم، إن “تداعيات فيروس (كورونا)، تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي أعداد الفقراء، وإن عدد الفقراء بموجب هذا الارتفاع، بلغ 11 مليوناً و400 ألف فرد، بعدما كان قبل الأزمة نحو 10 ملايين فرد، كما أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 31.7 في المائة، التي كانت 20 في المائة في عام 2018”.

ودخلت على خط الازمة نقابة اطباء العراق فرع البصرة بعد دعوتها لاتخاذ 4 حلول عاجلة في مواجهة انهيار قيمة الدينار العراقي وتراجع قيمة دخل المواطن بنسبة 32 في المائة نتيجة ارتفاع الدولار، مبينة ان “التضخم الحاصل في أسعار السلع المستوردة بالدولار مع بداية هذا العام، قد وصلت الى 10 في المائة مقارنةً بالعام 2021. اما عند مقارنته بعام 2019 فإن التضخم الحاصل بالسلع المستوردة بالدولار بلغ 32 في المائة”.

واعتبرت النقابة في بيان طالعته “طريق الشعب”، ان الكسبة والعمال المتضرر الاول من الاوضاع، إضافة الى تضررهم نتيجة الركود الاقتصادي والتريث الحاصل في النشاط الاقتصادي من قبل رؤوس الاموال والمستثمرين والمقاولين.

وطالبت النقابة الحكومة بـ”إطلاق المواد الأساسية في البطاقة التموينية، وتعديل سلم الرواتب الحالي بزيادة لا تقل عن 25 في المائة من الراتب الكلي للموظف، فضلا عن صرف مبالغ بدل الغلاء المعيشي للعوائل المشمولة بالضمان والحماية الاجتماعية والمتقاعدين والعوائل المشمولة بالبطاقة التموينية”، مشددة على “ضرورة فرض تسعيرة الادوية والمستلزمات الطبية بالدينار العراقي وعلى أن تتحمل الحكومة دفع فارق تغييرات سعر الصرف بدلاً من تحميل المواطن كلفاً إضافية”.

تخبط اقتصادي

وفي ظل الارتفاع المستمر لسعر الدولار امام الدينار العراقي، وعجز البنك المركزي عن السيطرة على الامر، يقول الخبير المالي والاقتصادي صفوان قصي، ان البلاد تعاني من تخبط اقتصادي كبير من ناحية ادخال البضائع بطرق غير رسمية والتهرب من دفع الضرائب والتعامل في الاستيراد مع دول غير رصينة، وعليها مجموعة من العقوبات الدولية، الامر الذي جعل من المجتمع الدولي المالي يضع العراق في قائمة عدم الشفافية للحصول والتعامل مع الدولار”.

ويضيف لـ”طريق الشعب”، ان “ديوان الرقابة المالية معني بتشديد الرقابة على تنفيذ القرار الحكومي الذي سمح للوزارات بالاستيراد، بغية عدم ذهاب عقود الشراء الحكومي للفاسدين وبالتالي فرض أسعار محلية كبيرة على المواد المستوردة يتحملها المواطن البسيط خاصة من الفئات محدودي الدخل”، مبينا ان “البنك المركزي ووزارة المالية مع ديوان الرقابة المالية إضافة الى وزارة التجارة يقع على عاتقهم مسؤولية مراقبة اسعار السوق والسيطرة على تذبذب سعر صرف الدولار”.

ويشدد قصي على الحكومة الإسراع في اتخاذ إجراءات عاجلة للسيطرة على الواقع المالي في البلاد، وتعزيز الجانب الرقابي والتنفيذي، مؤكدا ضرورة قيام وزارة التجارة بتعزيز مفردات البطاقة التموينية عبر زيادة وتحسين نوعياتها.

عرض مقالات: