اخر الاخبار

على الرغم من كون مهنة الطب أبرز المهن الإنسانية النبيلة التي تجتمع فيها الرحمة والأخلاق الحميدة مع العلم، إلا أن الكثيرين من الأطباء في العراق لا يزالون يتاجرون بأرواح الناس ويستغلونهم في سبيل جني الأرباح المالية.

وتتعدد صور هذا الاستغلال بدءا من أجور الكشفية المبالغ فيها جدا، مرورا بإرغام المريض بشراء أدوية كثيرة باهظة الثمن، قد لا يحتاجها، أو إجراء تحليلات مرضية لدى مختبرات بعينها، أو عمليات جراحية في مستشفيات أهلية، وغير ذلك من وجوه الجشع الذي يثقل كاهل المريض الفقير ويضطره حتى إلى الاقتراض في سبيل تأمين نفقات العلاج، أو الموت مرضا خلاف ذلك!

ويعمد أطباء عديدون إلى عدم تأدية واجباتهم الطبية بالشكل الصحيح في المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها، بالرغم من توفر مستلزمات الفحص والعلاج المطلوبة، وذلك كي يجبروا المريض على مراجعتهم في عياداتهم الخاصة. ناهيك عن الشراكات والاتفاقات التي تجري بين أطباء وأصحاب صيدليات أهلية. إذ يقوم بعض أصحاب الصيدليات بدفع إيجار عيادة الطبيب أو إشراكه معهم في أرباح بيع الدواء، كي يلزم هو من جانبه مريضه بالشراء منهم، بعد أن يكتب الوصفة العلاجية بلغة مشفرة لا يفهمها إلا صاحب الصيدلية المعنية. وهنا سيضطر المريض إلى شراء الدواء من هذه الصيدلية مهما كان سعره مرتفعا ومبالغا فيه – حسب ما ذكره العديد من المواطنين لـ «طريق الشعب».

أطباء تجّار!

يقول المواطن كاظم عبيد، أن «نقابة الأطباء كانت قد حددت أجور الكشفية لدى العيادات الخاصة بين 15 و40 ألف دينار. ودعت المواطنين إلى الإبلاغ عن الأطباء الذين يخالفون هذه التسعيرة، لكن بالرغم من ذلك لا يزال العديد من الأطباء غير ملتزمين بالتسعيرة المحددة».

ويصنف هذا المواطن في حديثه لـ «طريق الشعب»، الأطباء العراقيين إلى ثلاثة أصناف: العاملون في المؤسسات الحكومية، العاملون في العيادات الأهلية والأطباء التجار!

200 ألف دينار تنفق خلال ساعة!

من جانبه، يذكر المواطن جواد سلومي، أنه بعد أن عانى مشكلات في القلب قام بمراجعة طبيب اختصاصي في بغداد، وبعد الفحص تبين أنه يحتاج إلى عملية جراحية تصل كلفة إجرائها في المستشفى الخاص إلى 3 آلاف دولار.

ويضيف لـ «طريق الشعب» قائلا، أنه بسبب سوء حالته المادية، ترجى الطبيب أن يجري له العملية في المستشفى الحكومي التي يعمل فيها، لكن الأخير رفض وأصر على إجرائها في المستشفى الخاص مبررا ذلك بأن إجراء العملية في المستشفى الحكومي يتطلب من المريض الانتظار نحو 4 شهور حتى يأتي دوره!

ويشير إلى أن أجرة مراجعة الطبيب بلغت 60 ألف دينار، وأجور التحليل في المختبر بلغت 50 ألف دينار، ومعها أدوية اشتراها من الصيدلية الأهلية بمبلغ 90 ألف دينار، وكان المجموع 200 ألف دينار أنفقت خلال ساعة واحدة!

يتساءل سلومي: «بالنسبة لي، أنا موظف أتقاضى راتبا شهريا وأستطيع تأمين مبلغ مراجعة الطبيب، لكن ما الذي سيفعله الفقير والكادح لو كان محلي؟!».

الدولار يزيد الطين بلة!

المواطن أبو حسام، وهو متقاعد، يتحدث لـ «طريق الشعب» عن ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات بشكل كبير، خاصة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، مبينا أن العديد من أصحاب الصيدليات الأهلية لا يلتزمون بالتسعيرة المحددة، فهناك أدوية مبالغ في أسعارها، ومنها أدوية أمراض القلب. ونظرا لخطورة هذه الأمراض يضطر المريض إلى تدبر ثمن شراء علاجاتها مهما كانت أسعارها».

ويشكو أبو حسام من مواصلة بعض الأطباء كتابة وصفاتهم الطبية بصورة مشفرة، رغم كون نقابة الأطباء عممت كتابا على جميع الأطباء يقضي بأن تكون الوصفة مطبوعة بالآلة الكاتبة.

إلى ذلك، يقول المواطن مازن عبد الله، أن الأطباء في العيادات الخاصة يستقبلون يوميا 30 مريضا على أقل تقدير، وهذا عدد كبير يرهق الطبيب ويضعف من تركيزه مع مريضه، مبينا لـ «طريق الشعب»، أن بعض الأطباء يصرفون علاجات للمريض دون أن يسألوه فيما إذا كان يتحسس من بعض المواد الطبية أو أنه يتناول دواء قد يكون معارضا للدواء الجديد، ما يضر المريض ويضاعف من مشكلاته الصحية.

ويلفت إلى أن «هذا كله سببه الجشع والسعي إلى الربح على حساب المريض. إذ ان الكثيرين من الأطباء يتقاسمون أرباح بيع الدواء مع الصيدليات التي يرسلون إليها مرضاهم».

عرض مقالات: