اخر الاخبار

تعد مدينة الحرية من مناطق بغداد الشعبية الكبيرة والفقيرة أيضا، بعد مدينتي الصدر والشعلة، وتمتاز بكثافتها السكانية العالية وبتنوع أطيافها الاجتماعية.

هذه المدينة التي تضم العديد من الأحياء السكنية، تعاني ترديا واضحا في مستوى الخدمات العامة وتهالكا في البنى التحتية، واستشراء للفساد المالي والإداري في بعض دوائرها ومؤسساتها الحكومية – وفق ما يذكره العديد من سكانها لـ "طريق الشعب".

من الطرق إلى الصحة والتعليم

يقول المواطن كاظم محمد علي، أحد سكان دور نواب الضباط في الحرية، أن المدينة تعاني أزمة حادة في مجال الخدمات البلدية، موضحا لـ "طريق الشعب"، ان معظم شوارع منطقتي المشتل والحرية الأولى في المدينة قديمة ومتهالكة ومليئة بالحفر والمطبات، ما أضر بمركبات المواطنين.

ويتحدث علي عن الواقع الصحي في المدينة، مشيرا إلى أن المراكز الصحية الموجودة قليلة ولا تستوعب عدد السكان، وأن هذه المراكز المتوفرة تعاني نقصا في الكوادر الطبية وشحا في العلاجات، سيما أدوية الأمراض المزمنة، وتفتقر للأجهزة الطبية الحديثة.

ويستطرد قائلا أن حاملي الأمراض المزمنة يضطرون إلى شراء أدويتهم من الصيدليات الخاصة، بأسعار باهظة تثقل كواهلهم.

أما بالنسبة لقطاع التعليم في المدينة، فيؤكد علي أنه ليس بالمستوى المطلوب، مبينا أن "معظم المدارس مكتظة بالطلبة، وأن هناك ثلاث مدارس هدمت قبل سنوات لغرض إعادة بنائها، لكن ذلك لم يتم، فأهملت وبقيت على حالها وتحولت إلى مكبات للنفايات".

من جانبه، يشكو المواطن علاء عبد حمودي، وهو من سكان منطقة السلام في المدينة، من تردي حال شوارع منطقته الرئيسة والفرعية، والتي تتحول خلال موسم الأمطار إلى برك طينية.

ويضيف المواطن أن منطقته لا يتوفر فيها مركز صحي، ما يضطر المرضى من سكانها إلى مراجعة المركزين الصحيين في منطقتي الحرية الأولى والحرية الثالثة.

ومن المشكلات الأخرى التي تعانيها منطقة السلام – حسب حمودي – عدم توفر إنارة في الشوارع، وتراكم النفايات على امتداد الشارع الذي يربط منطقة الطابو بالعشوائيات، فضلا عن مشكلة تذبذب توزيع مفردات البطاقة التموينية "فسكان منطقتنا لم يتسلموا المواد التموينية منذ شهر آب الماضي"!

مياه قذرة في الحرية الثانية

ولأنها إحدى مناطق مدينة الحرية، لا تختلف منطقة الحرية الثانية عن شقيقاتها من ناحية الواقع الخدمي. فهي تعاني أيضا مشكلات في البنى التحتية والخدمات العامة، وتسكنها أعداد كبيرة من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل.

وفي هذا الصدد يقول المواطن نهاد عبد، أحد سكان المنطقة، أن شوارعهم متهالكة ومليئة بالتخسفات، سيما القريبة من دائرة الكهرباء، مشيرا إلى أن المياه الآسنة والقذرة تتجمع في الطرقات مخلفة روائح كريهة وأضرارا بيئية وصحية.

ويتابع قوله أنه "بسبب تقادم شبكتي المياه والمجاري في المنطقة، تتعرض أنابيبهما أحيانا إلى التكسر، فتختلط مياه المجاري مع مياه الشرب، لتصل الأخيرة للمواطن حاملة رائحة كريهة"، مؤكدا أن "كل ذلك سببه عدم متابعة أنابيب الشبكتين من قبل الجهات المعنية، وصيانتها بالشكل المطلوب". 

ويشكو عبد من مشكلة تراكم الأزبال في المنطقة. ويقول لـ "طريق الشعب"، أنه "بسبب عدم توفر حاويات كافية لجمع النفايات، يضطر المواطن إلى رمي نفاياته في الطرقات. كما أن آليات البلدية لا تزور المنطقة إلا في أوقات متأخرة من الليل، وبين فترات متباعدة، ما يتسبب في بقاء الأزبال متراكمة، وبالتالي تتحول إلى ملاذ للحشرات والقوارض والزواحف والحيوانات السائبة".

ولا يختلف الواقع التعليمي في الحرية الثانية عما هو عليه في بقية مناطق المدينة. فهناك نقص واضح في المدارس وفي الكوادر التعليمية، وأن المدارس المتوفرة تعمل بالدوام الثلاثي. فيما المباني المدرسية تعاني نقصا في الخدمات – حسب المواطن عبد – الذي ذكر أن هناك مدرستين، "الأصمعي" و"المصطفى"، هدمتا قبل سنوات وأهملتا ولم تتم إعادة بنائهما.   

ومثل منطقة السلام، تفتقر الحرية الثانية لوجود مركز صحي، ما يستدعي من سكانها نقل مرضاهم إلى المركزين الصحيين في الحرية الأولى والحرية الثالثة.

 أزمات خدمية في دور الشؤون

يعد حي دور الشؤون من أحياء منطقة الحرية الأولى، ويتميز باكتظاظه بالسكان وصغر مساحة منازله.

ووفقا للمواطن مازن عبد الله، أحد سكان الحي، فإن حيّهم يعاني أزمات خدمة كثيرة، من نواحي النظافة والصرف الصحي والصحة والتعليم، مبينا لـ "طريق الشعب"، أن "الأزبال تتراكم في الشوارع بشكل لافت للنظر، خاصة في الشارع العام المجاور لسوق الحرية الأولى والقريب من الملجأ. أما الطرق، فهي متهالكة ومليئة بالحفر والمطبات وتتجمع على سطحها مياه آسنة". ويضيف قائلا أن "شبكة الصرف الصحي في الحي قديمة، والشوارع والأزقة تغرق بالمياه خلال موسم الأمطار، وحتى منازل المواطنين لا تسلم من الغرق أحيانا".

مأساة في العشوائيات 

يتحدث المواطن ابو سلمان عن حي العشوائيات في منطقة السلام التابعة إلى مدينة الحرية، مبينا أن هذا الحي تسكنه أعداد كبيرة من العائلات الفقيرة والمعدمة وممن هي تحت خط الفقر، والتي اضطرت إلى السكن في منازل من الطين والصفيح بسبب عدم قدرتها على استئجار منازل نظامية.

ويوضح لـ "طريق الشعب"، أن "هذه المساكن لا تتمتع بأبسط شروط العيش، وانها تقع على طرق ترابية تتحول إلى أوحال خلال موسم الأمطار، ما يشل حركة السكان"، مضيفا أن هذا الحي يفتقر لمجمل الخدمات العامة "فالنفايات متراكمة بين المنازل، والطاقة الكهربائية ضعيفة، والمياه شحيحة، والحيوانات السائبة والزواحف تصول وتجول وتهدد سلامة الناس".

المفردات التموينية رديئة وغير كافية 

ومن منطقة الدباش، إحدى مناطق الحرية، يتحدث المواطن محمد علي لـ "طريق الشعب" عن الظروف الاقتصادية الصعبة لسكان منطقته، مشيرا إلى أن "مفردات البطاقة التموينية لا تسد الحاجة، وما يوزع منها رديء ولا يصلح للاستهلاك البشري، الأمر الذي يضطرنا إلى شراء موادنا الغذائية من الأسواق بأسعار مرتفعة تثقل كواهلنا، ونحن من الفقراء وذوي الدخل المحدود".

ومثلما هو عليه الحال في بقية مناطق الحرية، تعاني الدباش تدهورا في خدماتها البلدية والصحية – حسب علي.

المولدات تستنزف جيوب أهالي "أبو جفات"

إلى ذلك، يشكو المواطن أبو حسن، وهو من سكان حي "أبو جفات" في المدينة، من جشع بعض اصحاب المولدات الأهلية، الذين يلزمون المشترك بدفع 15 إلى 20 ألف دينار عن الأمبير الواحد، بالرغم من استقرار التيار الكهربائي الوطني هذه الفترة، مبينا أن "أصحاب المولدات استنزفوا جيوبنا ونحن معظمنا من الأسر الفقيرة".

ويشكو أبو حسن أيضا من تدهور القطاع الصحي في مدينة الحرية بشكل عام، مشيرا إلى أن المراكز الصحية المتوفرة لا توازي الكثافة السكانية في المدينة، وأنها تعاني شحا في الكثير من الأدوية، سيما أدوية الأمراض المزمنة. 

عرض مقالات: