اخر الاخبار

على مدى عقود طويلة مضت، ساهمت الجهات المعنية في الدولة بإصدار مسوحات واحصاءات تتعلق بنسب العاطلين عن
العمل واعدادهم وتنصيفهم حسب الذكور والاناث والفئات العمرية. من الجيد ان تهتم الدولة بذلك، لكن على أن لا يكتفي
المعنيون بهذا القدر، انما يحاولون معالجة تلك النسب، والحد منها وايجاد بدائل للواقع المأساوي الذي يعيشه أغلب الشباب
العراقي.
وفي هذا الصدد، اجرت “طريق الشعب” حوارات مع عدد من المواطنين، الذين افصحوا عن رؤيتهم، وتحدثوا عن قصصهم
في مواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها.
لا يوجد من يصغي
يقول الشاب علي قاسم: “لدينا اليوم عدد غير قليل من الخريجين او غير الخريجين هم عاطلون عن العمل. نعم، من الجيد ان
تلتفت الحكومة الى مراقبة ومتابعة اعداد العاطلين عن العمل، لكن هذه المسوحات التي تجريها الوزارات المعنية لا تكفي”،
مضيفا انه “يجب ان تكون هناك خطط يتم من خلالها ايجاد الحلول لهذه الأرقام الكبيرة، وليس فقط تصنيفها وإدراجها ضمن
القوائم، مثل افتتاح مصانع ومعامل وهي كثيرة ومتوقفة منذ عقود خلت. وهذا التوجه له ايجابيات كثيرة من ضمنها عدم
استيراد سلع لا نحتاجها، في حين نحن قادرون على انتاجها محليا، ودعم المنتج الوطني الذي يحظى بقبول لدى المواطن
العراقي”.
واضاف في حديثه لـ”طريق الشعب”، أنه “بات من الضروري اليوم دعم الدولة للقطاع الخاص، لما له من اهمية في
استيعاب اعداد العاطلين عن العمل، وفي ذات الوقت لا نعتقد بان المنظومة السياسية والجهات المعنية بالشأن مهتمة بتحويل
هذه المسوحات الى خطط عمل على ارض الواقع لتغييره وتحسينه؛ فمنذ 18 عاما وهذا هو الحال”.
ووجه الشاب نصيحة لأقرانه الشباب قائلاً “لا تنتظروا تعيينا حكوميا. ولا تناشدوا الحكومة لأنها بلا آذان صاغية”.
ويدرس قاسم الطب في جامعة التراث الاهلية، لكنه يعمل على بيع اكسسوارات الهواتف الذكية في منطقة الكرادة، ويحاول
أن يغطي نفقات دراسته من مشروعه البسيط.
قصة من ملايين
الشاب حسين سعد، قال لمراسل “طريق الشعب”، إنه خريج الدراسة الاعدادية للعام 2019، وعلى عكس بقية الشباب الذين
بدأت حياتهم مع دخول الجامعة، لم تسمح ظروف عائلته المادية في إدخاله الجامعة: “تخليت عن رغبتي وطموحي واحلامي
في سبيل مساعدة والدي”.
واضاف في حديث خصّ به “طريق الشعب”، “مضى على تخرجي اربع سنوات وانا على امل ان ادرس بالجامعة يوما ما.
انا اليوم معيل لعائلتي لدي مركبة تكتك اسدد من خلالها ايجار المنزل ومصروفات العائلة. فهي لا تكفي ولا تسد الحاجة،
لكنها افضل من لا شيء”.
ولا يعوّل سعد على تلك الاستبيانات والإحصائيات التي تجريها الحكومة والجهات المعنية: “الشباب العاطل لا يستفيد منها
شيئا، انما هي تبقى مجرد أوراق، بينما الظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم”.
ويحمل سعد الحكومات المتعاقبة والمنظومة السياسية، ما يعيشه الشباب اليوم من معاناة وحرمان “فالحكومة تعرف هذه
الاعداد، وتعلم انها قابلة للزيادة من دون اي تناقص، وفي ذات الوقت غابت الحلول، ولم نشهد تحسن أو تغيير الواقع”.
وقال “نأمل ان يكون هناك اهتمام بالقطاع الخاص ودعمه ليأخذ دوره الصحيح، عسى ان نجد لنا فرصة عمل فيه، تساعدنا
على شق طريق الحياة”.
لا حلّ إلا بالتغيير
من جانبه، عزا الشاب خضر اياد وهو طالب في كلية هندسة الكهرباء/ المرحلة الثالثة، السبب الرئيس في تصاعد وارتفاع
اعداد العاطلين عن العمل الى “النهج السياسي القائم على المحاصصة وغياب الرؤية الاقتصادية الصحيحة؛ فالقوى السياسية
كانت ولا تزال منشغلة بالمغانم والحصص والمصالح الضيقة، واهملت الاقتصاد، ولم تضع خططا تنتشل الشباب من
مواقعهم المزري”.
وعن المعالجات التي يراها اياد قال لـ”طريق الشعب”، انه “يجب ان تكون هناك خطوات جادة وجريئة للقضاء على الفساد
والفاسدين، لأنه وبالدرجة الاساس هو أبرز العوامل المسببة لاهدار اموال الدولة وتضييع ثرواتها”، مشيرا الى انه “منذ
سقوط النظام البائد والى الان لم نجد معالجات للازمات، إنما ظل الفساد وصمة عار في جبين الحكومات المتعاقبة”.
وخلص الى انه لا يتوقع أية حلول من المنظومة السياسية الحالية التي أوصلت البلد الى ما هو عليه الان، مضيفا أن القوى
المتنفذة هي سبب المشكلة ولا يمكن لها أن تطرح حلولا الا بإزاحتها عن مركز صناعة القرار الحكومي، وذلك عبر التغيير
الشامل.
لا أمل
وتعليقاً على ذلك، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي ان “هذه المسوحات واستطلاعات الرأي والتقارير هي مجرد
معلومات يتم تزويدها لأصحاب القرار، وهم بدورهم يتخذون جملة من الاجراءات والقرارات التي توازي حجمها لمعالجتها،
ولكن حكوماتنا المتعاقبة هي كسولة ومؤسساتنا خاملة غير قادرة على التفاعل مع هذه البيانات”.
واكد في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان “القطاع الخاص هو قطاع ظالم بالنسبة للعاملين فيه، فعلى سبيل المثال لا يوجد تأمين
للعاملين او ضمان اجتماعي لهم، وموظفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يتجولون في الاسواق ولا يقدمون تقارير دقيقة
لتتخذ الوزارة اجراءات قانونية مناسبة”.
وخلص الى انه “نظامنا السياسي جامد ولا يخلق افق جديدة ويقتل الطموح، لذلك وفي ظل هذا النظام السياسي وهذه الطبقة
السياسية التي تتصف بالفساد وعدم المصداقية، وتتعامل بالمحاصصة والاستحقاق الانتخابي كما يسمونه، لا اعتقد انه هناك
اي امل او تغيير في الوضع الحالي”.

عرض مقالات: