اخر الاخبار

كشف تقرير أممي عن ارتفاع كبير في نسب الزواج المبكر للفتيات، محذرا من التأثيرات السلبية المترتبة على ذلك. وعلى الرغم من اطلاق الورش والندوات التثقيفية سواء من الجانب الحكومي أم منظمات المجمع المدني، الا ان مختصين يجدونها دون المستوى الطلوب، في ظل غياب الرادع القانوني.

ارتفاع ظاهرة الزواج المبكر

ووفقا لبيان صدر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإنه “بحسب نتائج المسح الوطني الاجتماعي والصحي المتكامل للمرأة العراقية الذي تم تنفيذه بالشراكة مع الجهاز المركزي للإحصاء وهيئة إحصاء إقليم كردستان، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان - مكتب العراق للعام 2021، بلغت نسبة النساء اللواتي تزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاما في العراق 25.5 بالمائة، بينما أظهرت نتائج المسح أنّ النسبة لنفس المؤشر في إقليم كردستان بلغت 22.6 بالمائة من نسب الزواج”.

وأضاف أنه “لوحظ أخيراً ارتفاع ظاهرة الزواج المبكر بشكل كبير في غضون السنوات العشر الماضية، وفي أحيان كثيرة تؤدي هذه الممارسة إلى حرمان الفتيات والنساء من الوصول لعوامل التمكين، وقد تضيف عبئاً وعقبات أمام تعليمها وتنميتها”.

وبيّن ممثلو صندوق الأمم المتحدة للسكان أهمية تعزيز البرامج المشتركة لتفادي الزواج المبكر، وتمكين الفتيات من تحقيق طموحاتهن من خلال التعليم والمسارات البديلة، بحسب البيان.

فشل هذه الزيجات

وأكدت الباحثة في الشأن المجتمعي، وسن الزيادي، أن “زواج القاصرات ما زال عرفا متبعا في العراق، وقد تخطى حدود القرى والأرياف ليصل إلى المدن”.

وبينت في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، ان “المؤشرات المتوفرة تؤكد فشل هذه الزيجات وانتهاءها بالطلاق خلال فترة قصيرة، وهو ما يترتب عليه إضرار بالمجتمع”.

وطالبت بـ”تشديد العقوبات القانونية بحق من يجبر الفتاة على الزواج المبكر، فضلاً عن أهمية أن تكون هناك حماية قانونية للفتاة تضمن حقوقها وتمنع فرض الزواج عليها بعمر مبكر”، منتقدة “الإهمال الحكومي للملف، وعدم متابعته على الرغم مما يترتب عليه من نتائج خطيرة على المجتمع”.

بحاجة لرادع قانوني

وعلى الرغم من المساعي الى إقامة ورش تثقيفية للحد من حالات الزواج المبكر، ترى الناشطة في مجال حقوق المرأة سارة التميمي، انها “دون المستوى المطلوب، وهناك حاجة الى تعزيزها وإيجاد رادع قانوني يلزم العقوبة على ولي امر الفتاة الذي سمح بتزويج ابنته، وهي دون السن القانوني (15 عاما)”. وتقول لـ”طريق الشعب”، ان “المرأة وبمختلف الأعمار هي ضحية مجتمع يعاني من قلة الوعي، وتهيمن عليه عادات القبيلة والأعراف العشائرية، والتي اغلبها تبنى على مواقف تنتهك حقوق الإنسان ولا تستند لأي رادع قانوني”.

وتضيف إن “تزويج الفتاة بعمر مبكر ما هو الا نتيجة لصراعات اقتصادية تعانيها العديد من الاسر التي تعاني الفقر الشديد، من جراء الاهمال الحكومي”.

وتبين التميمي انه “وحسب الدراسات والمتابعات عادة ما ينتهي الزواج المبكر بعد فترات زمنية قصيرة بسبب عدم تأهيل البنت الى مسؤولية الحياة الزوجية، خاصة وان البنت قبل عمر 15 عاما تكون طفلة، وما تزال بحاجة الى رعاية والديها”.

يتم خارج المحاكم

بدورها، تشير المحامية سماح الطائي الى ان “الزواج المبكر عادة ما يتم خارج المحاكم، عبر اكتفاء الزوجين بعقد زواج رجل الدين”، مشيرة “الى ان هذا النوع من الزواج لا يضمن أي نوع من انواع الحقوق القانونية للزوجة بقدر ما هو انتهاك للمرأة نفسها”.

وتقول الطائي لـ”طريق الشعب”، ان “المحاكم تزدحم بالتسجيلات الزوجية قانونيا وذلك لغايتين اما لتسجيل الزواج قانونيا، ومن ثم المضي بمعاملة الانفصال (الطلاق) او لاستخراج المستمسكات الرسمية للاطفال”.

وبغية الحد من ظاهرة الزواج المبكر تؤكد الطائي ضرورة “العمل بتجاه توعية مجتمعية واسعة تدعم اعلاميا كالتوعية التي اطلقت للتحذير من الاصابة بفيروس كورونا، فضلا عن تعزيز الرادع القانوني عبر تغريم الزوج وولي امر الفتاة جراء الموافقة على تزويجها دون السن القانوني او اجراء الزواج دون عقد المحكمة”.

وتشير الطائي الى ان “قانون الأحوال الشخصية المعمول به وضع عقوبات بحق من يزوج من هم بعمر أقل من 15 عاما خارج المحكمة، وهذه العقوبات تراوح بين الحبس لستة أشهر أو الغرامة المالية ومقدارها ما بين 200 ألف إلى مليون دينار عراقي”، عادة العقوبة التي حددها القانون “غير رادعة بالمستوى المطلوب، خاصة وان ظاهرة الزواج المبكر ونتيجة للأعداد غير القليلة باتت جريمة ترتكب بحق المرأة”.

وتضيف ان “هناك الكثير من المواد القانونية بحاجة الى تعديل، خاصة ما يتعلق بزواج القاصرات وايضا حضانة الأطفال والعنف الأسري وغيرها من الانتهاكات التي تحتاج الى تعديل قانوني بآلية تنسجم مع متطلبات العصر”.

وتنوه التميمي بان “تعطيل عمل مجلس النواب جراء المماطلات السياسية أوقف التفكير بمهموم ومشاكل المجتمع والاسر التي تعاني الفقر والصراعات الاقتصادية اليومية”، موضحة ان “الصراعات السياسية لتحقيق المصالح الخاصة باتت الشغل الشاغل لحكومات متعاقبة وضمنها اعضاء مجلس النواب الحالي جميعا، وان هموم المواطنين ومعاناتهم اليومية آخر همهم”.

عرض مقالات: