اخر الاخبار

تتفاخر جميع دول العالم بمنتجاتها ومصانعها، بل وتعمل على تطوير قطاعها الإنتاجي، بهدف رفد الاقتصاد وتحسين الناتج المحلي.

في هذا التقرير، تتقصى “طريق الشعب” مصير شركة المنصور الصناعية التي تمر بوضع تكاد تكون هي الشركة الوحيدة التي تعيشه. إذ بدأت قصة تفكيك هذه الشركة في العام 2019، وصدر قرار من وزارة الصناعة بشطر الشركة الى نصفين، يتقاسمهما مستثمرون وموظفون فاسدون، بينما ظل الموظفون الذين يعتاشون على رواتبهم الشهرية البسيطة، ضحية تلك المؤامرة التي طالت عددا من المصانع والمعامل التي كانت ترفد الأسواق المحلية بمنتجات ذات جودة عالية وتعزز من رصيد الاقتصاد المحلي وخزينة الدولة، التي باتت تتغذى على مبيعات النفط بنسبة تزيد على 95 بالمائة.

وقالت عضو لجنة التجارة والصناعة النيابية النائبة نورس العيسى، اول من امس الثلاثاء، بان 80 بالمئة من معامل العراق تحولت الى “خردة حديد”.

واضافت العيسى، ان “واقع الصناعة في العراق مؤلم للغاية خاصة مع اغلاق الالاف منها لسنوات طويلة ما حول مكائن 80 بالمئة منها الى اشبه بخردة حديد”، لافتةً الى أن “من 200 - 300 الف عراقي فقدوا مصادر رزقهم بانتكاسة الصناعة العراقية”.

واوضحت ان “3 أسباب قادت الى كارثة الصناعة في العراق هي اهمال متراكم من قبل الحكومات المتعاقبة نرافقه اجندة دولية وحتى اقليمية لإجهاض اي محاولة لإنعاش الصناعة وابقاء الاسواق رهينة ما تنتجه شركات وصناعات الدول الاخرى بالاضافة الى غياب التخطيط الاستراتيجي في جعل الصناعة موردا لخزينة البلاد، كما يحدث في بقية البلدان”.

واشارت الى ان “95 بالمئة من احتياجات العراق الصناعية تستورد من الخارج”.

ما هي شركة المنصور؟

تأسست شركة المنصور العامة في سنة 1975 ليكون اهتمامها الرئيسي آنذاك إنتاج المكونات الإلكترونية الفعالة بترخيص من شركة SGS الإيطالية، التي تم دمجها في ما بعد بشركة ثومسون الفرنسية لتكون شركة ST، وتوسعت شركة المنصور العامة في حقب زمنية متتالية، لتشمل اهتماماتها إنتاج منظومات الطاقة الشمسية ذات الاستخدامات المختلفة، وحسب الطلبات المقدمة بدلا من الطاقة الكهربائية الوطنية التي تعاني من مشاكل كبيرة حاليا في الإنتاج والنقل.

يقول مصدر مطلع على كواليس قصة تصفية هذه الشركة العريقة، لمراسل “طريق الشعب”، ان “الشركة تقوم بإنتاج الغازات الطبية ومن أهمها غاز الأوكسجين الطبي الذي يتم تسويقه لسد احتياجات المستشفيات، بالإضافة إلى الغازات الصناعية وتشمل غازات الأوكسجين والهيدروجين والنيتروجين وخلائط الغازات. كما تنتج شركتنا مياه الشرب الصحية (علامة زلال) بعبوات مختلفة، والماء الأيوني ذا الاستخدامات الصناعية المختلفة”.

ويضيف المصدر، أن الشركة لها أعمال هندسية أيضا تشمل “تصميم وتنصيب محطات الطاقة الشمسية، وتصميم وتنصيب خزانات وشبكات توزيع الغازات الصناعية، إضافة إلى الأعمال الكهربائية المختلفة، وأعمال الهندسة المدنية ـ معامل الغازات الصناعية، محطات معالجة المياه والأجهزة الإلكترونية... الخ”، كما تتولى إعداد “البحوث التخصصية في مجالات التلوث البيئي والضوضاء والأثر البيئي، وبحوث في مجال الطاقة الشمسية الحرارية والفوتوفولتائية، ومولدات الطاقة الكهربائية التي تدار بالرياح وصيانة محطات الكهرباء، والحماية الكاثودية لأنابيب النفط باستخدام المنظومات الشمسية” .

وتخدم منتجات الشركة العديدَ من الجهات في القطاعين الحكومي والخاص، وتتميز عن مثيلاتها من المنتجات بالجودة العالية والضمان.

القرار الأسوأ في الوزارة

وهنا يعلقُ المصدر: “كل هذه المنجزات والمنتجات ذهبت أدراج الرياح بجرة قلم بعد إصدار قرار دمج الشركات ـ سيئ الصيت ـ وغير المدروس”، معتبرا إياه “أسوأ قرار في تاريخ الصناعة”.

ويواصل المصدر حديثه بالقول: “في العام 2015 دمجت شركة المنصور مع شركة ديالى العامة. وبعد مرور سنة على القرار تفاجأنا بفك اندماجنا عن شركة ديالى وربطنا بشركة الزوراء، وكان هناك مستثمر تابع الى شركة الزوراء يقف خلف هذا القرار، إذ يحاول الاستحواذ على معمل مياه زلال”.

ويؤكد انه “تم توقيع عقد المشاركة مع شركة صدى الفيحاء، التي هي بالأصل كانت غير مستوفية لشروط التعاقد، لكن بضغوط من قبل أحد رجال الأعمال يدعى بهاء الجوراني، تم توقيع عقد المشاركة”، مشيرا الى انه “بعد مرور أربع سنوات لم يحدث أي تقدم بالعمل، انما كان العقد حبرا على ورق فقط”.

تجدر الإشارة الى انه تم القاء القبض على رجل الأعمال بهاء علاء عبد الرزاق الجوراني المشار اليه في أعلاه، في العام 2021 بتهمة فساد، وصدر في حقه قرار بالحبس، بسبب قضية فساد في وزارة الصناعة.

شطر الشركة إلى نصفين

وعلى أثر دخول الجوراني إلى السجن، يقول المصدر: “استغلت وزارة الصناعة ذلك، واتجهت الى شركة الزوراء لإنهاء عقد المشاركة، لكن شركة صدى الفيحاء قدمت تظلما ضد إنهاء العقد”، متابعا ان “وزارة الصناعة لم تجرؤ على توجيه كتاب الى شركة صدى الفيحاء ينص على عدم إيفائها بالتزاماتها، بل كل ما قامت به الوزارة هو التأكيد على أنه يعتذر النظر في طلب فك ارتباط مصنع مياه زلال عن الزوراء، ونقله لإلحاقه بالمنتوجات الغذائية”.

ويشير المصدر إلى أن “إدارة مصنع المنصورـ شركة الزوراء اعترضت على امر استقطاع جزء من المصنع المتمثل بخط معمل زلال ودمجه بالمنتوجات الغذائية، بينما تبقى معامل الطاقة الشمسية والغازات تابعة للزوراء”.

وفي أحد الكتب الوزارية التي طالعتها “طريق الشعب”، عملت الوزارة على تفكيك ونقل خط الطاقة الشمسية الى شركة الزوراء ومن دون كادر، وبذلك كان الكتاب المسمار الاخير في نعش اسم شركة المنصور التي تعد الاولى في انتاج الواح الطاقة الشمسية بالشرق الأوسط، بحسب المصدر. 

سابقة فريدة من نوعها!

ويضيف المصدر أنه بعد مرور شهر على دمج المنصور مع الغذائية “تفاجأنا بتوقيع عقد مشاركة جديد وذلك لإنتاج المياه من دون علم المصنع، الذي أصبح يباع ويشترى من قبل المستثمرين غير الصناعيين بدون علمنا حتى”.

ويتهم المصدر “جهات فاسدة في وزارة الصناعة بالوقوف خلف ما يحدث، إذ أنها تبحث عن الكوميشنات والاستفادة من عقود الشراكة”، منبها الى ان عقودا كهذه توفر لمتعاقديها عددا من الامتيازات التي تشمل الإعفاءات الجمركية وادخال الأيدي العاملة للبلد، وغير ذلك.

وطبقا للمصدر، “فان أمر نقل شركة المنصور لم يحسم بعد، وبالتالي فان تنسيب موظفي مصنع المنصور على شركة المنتجات الغذائية بانتظار إقرار موازنة 2022، لكن ذلك جعل شركة المنصور تدار من قبل إدارتين، الزوراء إداريا، والمنتجات الغذائية فنيا. وهذه سابقة لم تحصل سابقا في أي بلد”.

ومنذ 8 أشهر، تمتنع كل من شركتي الزوراء والغذائية عن دفع مخصصات رواتب هؤلاء الموظفين: تتعذر شركة الزوراء بصدور أمر النقل. بينما الغذائية تؤكد عدم توفر سيولة مالية!.

عرض مقالات: