اخر الاخبار

موسم جفاف ثالث صار وشيكا في ظل السياسات المائية التي تتبعها دول الجوار في التعاطي مع حقوق العراق المائية، الى جانب ما يشتغل عليه إقليم كردستان من مشاريع لبناء عدد من السدود، فكل ذلك سيكون له تأثير سلبي على واقع البلاد الزراعي والبيئي.

وأبدت وزارة الموارد المائية، رفضها إجراءات الجانب التركي ببناء سد جزرة المرتقب، مطالبة حكومة أنقرة “بتحديد حصة العراق المائية”.

ورجحت الوزارة أن تشهد البلاد هذا العام صيفا جافا للعام الثالث على التوالي.

جفاف شديد

يقول مستشار وزير الموارد المائية عون ذياب لـ”طريق الشعب”، ان “الوزارة أبدت عدم قبولها لإجراءات الجانب التركي ببناء سد جزرة، وطالبت بتحديد حصة العراق المائية الواردة من الجانب التركي”، منبهة الى ان “البلاد قد تشهد هذا العام صيفا شديد الجفاف جراء الانخفاض الكبير في مناسيب نهري دجلة والفرات”.

ويضيف ان “الوزارة كانت تعول على مياه الامطار لتعزيز خزينها المائي، إلا ان واقع الحال جاء بخلاف ذلك”، مبينا ان “الخزين المائي المتاح في خزانات وسدود البلاد، بلغ اقل من نصف ما كان عليه العام الماضي”.

تراجع الخزين المائي

وتوقعت إدارة سد دوكان أن “يكون الموسم الحالي جافا للعام الثالث على التوالي”. وقال مدير السد كوجر جمال توفيق، في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “منسوب مياه السد يزداد يومياً بمعدل سنتمترين فقط، بما يعادل ربع معدل الإيرادات المتحققة خلال المدة ذاتها من كل عام”، مرجعاً ذلك إلى “تدني معدلات هطول الأمطار خلال شهري شباط واذار، إضافة إلى نيسان الحالي”.

ويلفت الى أن “الايرادات المتحققة في حوض تغذية السد، تعود جميعها إلى تراكمات شهري كانون الأول والثاني الماضيين”، كاشفاً عن “بلوغ الخزين المائي للسد مليارين و840 مليون متر مكعب، وهو ما يشكل 41 بالمئة من السعة الكلية للبحيرة”.

ويشير توفيق الى أن “الزيادة اليومية القليلة في كميات المياه هي من جراء ذوبان الثلوج فقط. وسينتهي ذلك أواخر الشهر الحالي أو منتصف أيار المقبل”، مؤكداً أن “الموسم الحالي هو الموسم الثالث للجفاف على مستوى البلاد”.

جفاف بحيرة ساوه

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، صورا جوية لبحيرة ساوه في محافظة المثنى، وقد غدت صحراء قاحلة باستثناء الشيء القليل من المياه في المنبع.

خمسة سدود إضافية

رئيس جمعية حماة دجلة، علي الكرخي قال لـ”طريق الشعب”، انه “على الرغم من فشل السدود في معالجة أزمة المياه في البلاد، تواصل الجهات المعنية بالدفع لبناء المزيد من السدود في مناطق أعالي نهر دجلة وروافده الأساسية”، مضيفا “في العام ٢٠١٨ قامت تركيا بافتتاح سد اليسو على نهر دجلة. والان تسعى الى بناء سد جديد هو الجزرة، فضلا عن وجود خطة لبناء اربعة سدود أخرى داخل إقليم كردستان، هذا بالإضافة الى قيام الحكومة العراقية ببناء سد اخر على نهر دجلة وهو سد مكحول بالقرب من موقع آشور الأثري”.

ويلفت الى ان “البلاد تتعرض الى انتهاكات مائية دولية وإقليمية مع الغياب المستمر للموقف الحكومي، الامر الذي انعكس سلبا على واقع حال الزراعة المحلية، وجفاف مساحات غير قليلة من مناطق الاهوار جنوب العراق، وتحول البحيرات الى صحراء قاحلة”.

وحول مساعي الإقليم لبناء أربعة سدود، يقول الكرخي “ان الشركات الاستثمارية التي تسعى وراء تحقيق الكسب المالي عملت على تقديم مقترحاتها لحكومة الإقليم للعمل على بناء سدود بغية تحقيق خزين مائي خاص بمناطق الإقليم، وهو اجراء تم دون استشارة الحكومة المركزية، في وقت لم تبد فيه وزارة الموارد المائية أي موقف تجاه هذه الاجراء الذي يؤدي الى هلاك مناطق الوسط والجنوب”.

إجراءات غير مدروسة

ويضيف ان “الحكومة المحلية هي الأخرى تعمل بخطط غير مدروسة فعلى الرغم من معارضة اليونسكو والخبراء الجيولوجيين، لبناء سد مكحول، يجري اليوم العمل على استكمال بنائه على أرض تتكون من جبس قابل للتحرك”، مشيرا الى ان “المبالغ المالية الكبيرة التي خصصت لبناء سد مكحول كفيلة بإعادة العمل في منظومات تصفية مياه الأنهر التي عملت الحكومات المتعاقبة على تعطيلها، ما وضع البلاد في موقف محرج امام المجتمع الدولي، للمطالبة بحقوقه المائية”.

وتعقيبا على المساعي التركية لبناء سد جديد، يقول الكرخي ان “تأثير سد اليسو على واقع العراق المائي سيكون اقل مما قد يسببه سد جزرة” المرتقب.

ويوضح ان “اليسو سد كهرومائي، وهو بحاجة الى كميات محددة من المياه لتوليد الطاقة الكهربائية. اما سد جزرة فهو سد اروائي ويحتاج الى ديمومة مائية لعمليات الملء، ما يدخل دول المصب، التي بضمنها العراق، في جفاف دائم”.

ويحتل العراق “المرتبة الخامسة بقائمة الدول الأكثر تأثراً بظاهرة التغير المناخي، وسط توقعات بأن يشتد تضرره منها في المستقبل، خاصة وان البلاد تعاني عجزا مائيا يصل الى 11 مليار متر مكعب، نتيجة لاقدام الجانب التركي على ملء سد اليسو، وقطع الجارة ايران لما يقارب 44 نهرا وجدولا ورافدا، وتحول مجرى مياهها الى داخل أراضيها”، وذلك بحسب برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة.

عرض مقالات: