اخر الاخبار

احتجاجا على قرار وزارة النفط في رفع أسعار النفط الاسود، عبّر عدد من اصحاب معامل الاسفلت الاسود في تظاهرة امس الاول بالقرب من مصفى الدورة جنوبي بغداد، عن استنكارهم للقرار، مطالبين بإعادة التسعيرة الى ما كانت عليه، لأن تداعياتها ستنعكس سلبا على المنتجات الوطنية ومعيشة المواطنين.

وعلى أثر تلك الوقفة الاحتجاجية التي شلت حركة السير في مناطق الكرادة والجادرية والدورة، لساعات، اضطرت وزارة النفط الى التريث في قرارها، وجرى الاتفاق على عقد لقاء بين المتظاهرين ووزير النفط في مجلس النواب.

إحصائيات الفقر تتصاعد

وكانت الحكومة قد دشنت مع تفشي فيروس كورونا، “تدابير” عديدة ضمن ورقتها البيضاء، قالت انها لحماية المواطنين، لكنها لم تكن كذلك، ودفع فاتورتها الفقراء.

وتوقعت وزارة التخطيط، يوم امس، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد الى 25 في المائة.

وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، إنهم يسعون للوقوف على مؤشرات الفقر في ظل الظروف الحالية سواء كانت المتعلقة بكوفيد 19 او كانت نتاج ظروف الغذاء العالمية.

وفي آخر إحصائية لنسب الفقر في العراق في العام 2019 قبل الجائحة، سجلت التخطيط 22.5 بالمئة تقريباً.

وبعيدا عن الاحصائيات الرسمية، يخمن مراقبون ومعنيون، ان نسب الفقر تفوق تلك الأرقام بشكل مضاعف. 

ينعش الاستيراد

وعودا على النفط الأسود، فقد بررت الوزارة قرارها بـ”متغيرات التسعيرة في سوق النفط العالمية” ما دفعها الى المعادلة بين الداخل والخارج للحد من عمليات التهريب.

لكن مختصين وصفوا اجراءت الوزارة بأنها “اجتهادات شخصية”، وتفتقر الى رؤية سليمة من قبل الحكومة.

وفي تلك الأثناء، علّق الخبير الاستشاري في صناعة السمنت المهندس علي زيدان خلف، على القرار الأخير لهيأة الرأي في وزارة النفط، قائلا: انه “سيعيق تنفيذ قرار (٤٠٩) القاضي بمنع استيراد السمنت الصادر عام ٢٠١٦ بل سيفتح المجال أمام نافذة الاستيراد من جديد”.

وبين خلف، ان القرار يقضي برفع سعر زيت الوقود (النفط الأسود) المُجَهَز للمعامل ليصبح سعره (٣٥٠) دينارا للتر الواحد، بعد أن كان سعره قبل الزيادات المتوالية (١٠٠) دينار للتر الواحد، محذرا من أن ذلك سيفرز “آثارا اقتصادية على صناعة السمنت من حيث كلفة الإنتاج، وبالتالي التأثير على قدرة المواطن والمستهلكين عموما على شراء منتج السمنت، الذي سيشهد، نتيجة لهذا القرار، زيادة مضاعفة في سعر إنتاجه وبيعه من جهة أخرى”.

تسريح العاملين

فيما يقول مثنى سالم الطائي وهو صاحب احد معامل صناعة الاسفلت في محافظة ديالى لـ”طريق الشعب”، ان “معامل اسفلت القطاع الخاص تشغل اعدادا غير قليلة من العمال، وان ارتفاع اسعار النفط الاسود يتسبب بخسارة غير قليلة لصاحب المعمل، ما يجبره على غلق معمله، وبالتالي تسريح اليد العاملة”.

ويدعو الطائي الى “تخفيض اسعار النفط الأسود، واعادته الى التسعيرة القديمة”، مبينا أن هناك ما يقارب 65 معملا للاسفلت تضررت من جراء رفع اسعار الوقود من قبل وزارة النفط، ما تسبب بخسارة غير قليلة للصناعة المحلية.

وينبه الى ان “اصحاب معامل الاسفلت يعملون وقف دراسة جدوى اقتصادية تمت بموافقة وزارة الصناعة والمعادن ووزارة النفط، على تسعيرة أن لا يتجاوز سعر الطن الواحد من المنتج 100 الف دينار”.

ويردف كلامه “بعد مرور وقت على الاتفاق، اخلفت وزارة النفط، وعملت على زيادة اسعار الوقود”.

استهداف الصناعة الوطنية؟

فيما يتهم رئيس اتحاد الصناعة العراقية عادل عكاب، في تصريح اطلعت عليه “طريق الشعب”، وزارة النفط بأنها تتقصد رفع اسعار الوقود في استهداف مقصود لمعامل الاسفلت المؤكسد”، مشيرا الى ان “تسعيرة وقود النفط الاسود ارتفعت بشكل تدريجي من 100 دينار الى 350 دينارا للتر الواحد، على الرغم من الاتفاقات التي جرت، وتمت الموافقة عليها من قبل وزارتي الصناعة والنفط”.

وحول تأثير ارتفاع الاسعار الوقود على معامل الاسفلت، يقول عكاب “ان ذلك سيؤثر سلبا وبنسبة 70 في المائة على انتاجية المعامل”.

وفي السياق، يقول النائب هادي السلامي، إن “وزير النفط في حكومة تصريف الأعمال أصدر قرارات في رفع أسعار الوقود، وهذه قرارات متخبطة وغير صحيحة وتؤدي الى تدمير ما تبقى من الصناعة المحلية، كما تؤدي الى تسريح عشرات الآلاف من العاملين في تلك القطاعات”.

فيما حذر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، من تداعيات رفع أسعار النفط الأسود على صناعة الاسمنت والاسفلت ومستوى البطالة في العراق.

وقال المرسومي، في منشور على فيس بوك اطلعت عليه “طريق الشعب” أن “صناعة الاسمنت التي تحقق حاليا نسبا عالية من الاكتفاء الذاتي ستعاني لصالح الاسمنت الأجنبي، ما سيرفع من كلف البناء والتشييد. كما ستعاني مصانع الاسفلت التي سترتفع كلف انتاجها، وهذا سيقود لاحقا الى تقليص الإنتاج وتسريح العمالة في مصانع الاسفلت والاسمنت، في وقت ترتفع فيه معدلات البطالة والأسعار أيضا الى مستويات غير مسبوقة”.

قرارات غير مدروسة

وطبقا للخبير في مجال الطاقة عامر الجواهري فان “قرار رفع اسعار النفط الاسود صدر عن مدير عام التوزيع في وزارة النفط”، مشيرا الى ان “الغاية من القرار هي التأثير السلبي على سلاسة عمل قطاع صناعي محلي محدد”.

ويشير الجواهري في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “اتخاذ قرارات كهذه ليس من صلاحية وزارة النفط وحدها، وانما من صلاحية المجلس الوزاري للطاقة، وبمشاركة المجلس الوزاري للاقتصاد”.

ويتساءل الجواهري: ان “الحكومة تؤكد مرارا انها تعمل على تنمية منتجاتنا المحلية، والمشاريع الصغيرة في القطاع الخاص، لكن قراراتها تعكس خلاف ذلك، وهي بالضد من مصلحة البلاد الانتاجية”.

عرض مقالات: