اخر الاخبار

استذكر العراقيون، يوم أمس، مرور 19 عاما على سقوط نظام البعث الدكتاتوري واحتلال البلاد من قبل القوات الامريكية وحلفائها، وبرغم ان ملايين من المواطنين كان يحدوهم الامل في مستقبل مشرق للبلاد بعد الخلاص من الدكتاتورية، لكن ممارسات الاحتلال الأمريكي والكتل السياسية المتنفذة حالت دون ذلك وأوصلت البلد الى حافة الانهيار الأمني والاقتصادي، وكذلك الانسداد السياسي، وسط إصرار على ممارسة الفساد والاستئثار بالسلطة والسير باصرار وفق منهج المحاصصة الطائفية والقومية.

استبداد أحزاب السلطة

ويقول الخبير السياسي حسين الجاف لـ”طريق الشعب”، ان “العملية السياسية في البلاد منذ سقوط النظام تسير بشكل سيئ نتيجة لنظام المحاصصة المقيت الذي فرض نفسه على جميع مفاصل الدولة”، مشيرا الى انه “بدلا من تحقيق الوعود ببناء نظام ديمقراطي، يضمن التداول السلمي للسلطة، وترسيخ دولة المواطنة، ظهر استبداد أحزاب السلطة كواحد من أخطر أنواع الاستبداد والهيمنة السياسية على البلاد”.

ويضيف ان “الآمال بتحقيق تغيير حقيقي بعد سطوة نظام مجرم أصيبت بخيبة كبيرة بعد العام 2003، جراء وصول شخصيات غير كفوءة الى سدة الحكم، غايتها الحصول على المغانم لتحقيق المنافع الخاصة، لا أكثر”.

وعن تجربة الحكم الديمقراطي بعد العام 2003 يرى الجاف “انها تجربة ينقصها الكثير في ظل استمرار انتهاك حرية التعبير والاحتجاج”، مبينا ان “النظام السياسي الحالي يعيش أزمات متعددة ومعقدة على كافة الاصعدة ومختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

ويحمّل الجاف، الأحزاب المتنفذة مسؤولية الفشل القائم في العملية السياسية، نتيجة عجزها عن إدارة البلاد، مشددا على “ضرورة تفعيل المؤسسات الديمقراطية والعمل على تشكيل حكومة كفاءات والابتعاد عن منهج المحاصصة”.

تغليب المصالح الخاصة

وحول الوضع الاقتصادي في البلاد، يؤكد الخبير الاقتصادي رشيد السعدي ان “تغليب المصالح الخاصة على المصلحة الوطنية وغياب الرؤية الاقتصادية أدخلت البلاد بصدمات اقتصادية متعاقبة وكبيرة”، مبينا ان “العراق لم يشهد نهضة اقتصادية منذ 2003”.

ويضيف لـ”طريق الشعب”، ان “سوء الإدارة المالية والاقتصادية وإقامة علاقات خارجية لمصالح فئوية، كانت سببا في الانحدار الاقتصادي”، منوها الى ان “هيمنة قوى الفساد على جميع مفاصل الدولة خاصة الاقتصادية منها جعلت من موارد البلاد مغانمَ لها”.

ويُشير الى ان “قوى الفساد عمدت الى تدمير كافة قطاعات البلاد الإنتاجية وجعلت من العراق بلدا ريعيا مستهلكا”، منوها الى ان “الخطط الاقتصادية للحكومات المتعاقبة تفتقر للرؤية الاقتصادية، نتيجة لسيطرة شخصيات غير كفوءة على صناعة القرار الحكومي”.

“وتبرز الحاجة الان الى وضع رؤية اقتصادية واضحة من قبل مختصين يمتلكون خبرة وكفاءة اقتصادية، تؤهلهم الى اخراج البلاد من الازمات الاقتصادية المستعصية والمتعاقبة منذ عقود” وفقا للسعدي.

تبعات متراكمة

ويعتقد الناشط المدني مهدي جاسم ان “صدام حسين كان يمكن له ان يجعل من العراق مثالا للتقدم والرقي في كل المجالات، لكنه بدل ذلك سلم البلد بجيش مهزوم ونظام صحي مترد، وعملة نقدية لا قيمة فعلية لها، مع تفشي الجهل والامية”، مشيرا الى ان “حروب النظام السابق الخارجية دمرت كرامة العراقيين وبناهم التحتية. اما القمع الداخلي فالمقابر الجماعية والتهجير القسري واسقاط الجنسية والاعدامات واستخدام السلاح الكيماوي، كلها كانت دلائل صارخة على إجرام نظام البعث”.

ويضيف انه “وبعد التغيير كانت هناك ممارسات مثل الانتقام والقتل والخطف والتضييق على الحريات وتكميم الافواه ومطاردة أصحاب الرأي، واستشراء الفساد وتوفير الحماية للفاسدين والقتلة وضمان عدم تقديمهم للعدالة”، مبينا ان “القائمين على النظام الحالي يحثون خطاهم على نفس النهج التخريبي لنظام البعث، ما تسبب في تفاقم الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية”.

عرض مقالات: