اخر الاخبار

وضع أهالي منطقة الفضل وسط العاصمة بغداد، قائمة طويلة أمام “طريق الشعب”، تلخص معاناتهم من مشكلات عديدة لم تصلها يد الحكومة منذ سنوات طوال، الامر الذي جعلها تتفاقم، بل أضيفت أزمات جديدة الى تلك القائمة، تتعلق بارتفاع اسعار المواد الغذائية وغيره.

وضمن جولاتها المستمرة في مناطق العاصمة بغداد، قصدت “طريق الشعب” منطقة الفضل، وسط بغداد، للتعرف الى مشكلات الناس في ذلك الحي الأصيل، وتسليط الضوء على مستوى الخدمات المقدمة للأهالي فتبين أن أبرز ما يؤرق الناس هو تهالك شبكات الصرف الصحي، وغرق الأزقة بتلك المياه الآسنة، التي تسبب أمراضا وروائح كريهة.

كما لاحظ مراسل الجريدة انهيار الأبنية الاثرية في المنطقة، وتحولها الى مكب للنفايات.

ويناشد المواطنون المسؤولين المعنيين، الالتفات الى هذه المنطقة التاريخية لاجل الحفاظ على ما تبقى منها، فهي من أوائل احياء جانب الرصافة من بغداد، والذي شيّد في عصر مؤسس بغداد أبو جعفر المنصور.

غلاء معيشي

يقول المواطن جليل إبراهيم، وهو صاحب محل للمواد الغذائية، لمراسل لـ”طريق الشعب”: ان “منطقة الفضل من المناطق الشعبية التي تمتاز بكثافة سكانية عالية. وهي تعاني اليوم من نقص الخدمات. كما نعاني من قلة ساعات تجهيز الكهرباء، في مقابل أسعار الاشتراك في المولدات الاهلية، اذ يصل سعر الامبير الى عشرين ألف دينار، وهذا يتجاوز الدخل اليومي لأغلب المواطنين، الذين صاروا بالكاد يوفرون قوت يومهم”.

واضطر ابراهيم ـ بحسب قوله ـ الى التعامل مع زبائنه بالدَيْن: “في وسط هذه الظروف الصعبة أصبحنا نتساهل كثيرا مع الفقراء، على الرغم من التزاماتنا تجاه التجار، لكن الغلاء المعيشي يعصف بنا، وأسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر، في مقابل ضعف وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين”.

وفي محل إبراهيم تتوفر أغلب المواد الغذائية التي تضاعف سعرها، إذ يقول ان “سعر بطل الزيت (واحد لتر) وصل اليوم الى 4000 دينار، والرز الهندي (كيلوغرام واحد) بـ 2500 دينار، والطحين كنا نبيعه سابقا بألف دينار، لكن اليوم وصل لـ1500 دينار، وكذلك الحال بالنسبة للسكر”.

“نريد تغييرا جذريا”

اما المواطن كريم العزاوي، وهو مالك مطبعة الرشيد من سكنة منطقة الفضل، فيصف الخدمات المقدمة لهم بانها “تحت الصفر، بالأخص الماء ونظافة الشوارع، فالماء غير صالح لا للشرب ولا للاستعمال المنزلي”.

ويردف العزاوي في كلامه لمراسل “طريق الشعب”، بالقول: “كنا سابقا نشهد اهتماما بصيانة المضخات وتنقية المياه. اما اليوم فالوضع تغير كثيرا نحو الأسوأ، ودور الجهات المعنية مغيب”.

ويؤكد أن الاهالي قدموا الكثير من الشكاوى، وجرت مقابلة أغلب المسؤولين المعنيين، “لكن دائما ما يتم تسويف مطالبنا”.

وعن عمله المطبعي، يقول العزاوي ان مطبعته “مختصة بطبع الدعايات على الكارتون. وأصبحنا نخسر كثيرا اليوم بسبب غياب الدعم للمعامل والمصانع والورش، علما اننا نمتلك إجازة من اتحاد الصناعات”.

وتجنبا للخسائر، يضطر العزاوي الى الذهاب الى تركيا لانتاج بضاعته، “لرخص الأسعار”، بحسب قوله.

ويعتقد ان “غياب الدعم عن المنتج المحلي هو اجراء متعمد، في محاولة لتغييب وانهاء المنتجات الوطنية”.

ويريد العزاوي “تغييرا جذريا. فنحن مللنا من المناشدات وكثرة الكلام الذي لا جدوى منه”.

أين المنحة الحكومية؟

وأبدى المواطن خالد صالح استياءً من عدم تسلمه المنحة الحكومية، إذ يقول ان “مبادرة رئيس الوزراء لم تنفذ للآن. راتبي الشهري 120 الف فقط، وهو لا يكفي لتغطية احتياجات العائلة لأسبوع واحد. ماذا افعل؟ عمري 73 سنة ولا استطيع العمل”.

ويتابع حديثه لـ”طريق الشعب”، قائلا انه “تم صرف منحة الـ100 الف دينار للمعين، بينما لم يتم صرفها لأصحاب الرعاية الاجتماعية، على الرغم من انهم أولى الشرائح بهذه المنحة”.

ويتهم صالح الحكومة بأنها تحارب الفقير: “فالبلدية تطرد يوميا أصحاب البسطيات من أهالي المنطقة، وتقوم بتهديم بسطياتهم، وتدمر عرباتهم التي يعتاشون عليها، فهم لا يمتلكون الا قوت يومهم”. وفي مقابل ذلك “لا تجهد البلدية نفسها في رفع النفايات وتنظيف الشوارع”، يقول صالح.

شواهد على الفشل!

فيما تطرق المواطن عدي حسين، الى الحصة التموينية التي يؤكد أنها لا تكفي لتغطية حاجة الناس للمواد الغذائية: “نتسلمها كل شهرين لمرة واحدة، فضلا عنه أنها ذات مناشئ ونوعيات رديئة، لكننا نضطر لاستهلاكها”.

ويقول حسين لـ”طريق الشعب”، “نحن في أيام شهر رمضان، فإذا ما قررت شراء احتياجات الاسرة من السوق، فسأكون عاجزا عن ذلك في ظل الارتفاع الجنوني في اسعار المواد الغذائية، لا سيما الاساسية منها”.

ويشير إلى ان منطقته تقاسي بنى تحتية متهالكة، ويتساءل: “أين تذهب العائدات التي تجبيها الحكومة من المواطن الفقير”، فهو يعد منطقته “شاهدا على الفشل في إدارة الدولة”.

لا متنزهات ولا منتديات

اما الشاب كامل علاء فقد افصح لـ”طريق الشعب” عن امنياته بأن تكون هناك منديات ومتنزهات وساحات كرة قدم وغيرها، تستثمر فيها طاقات الشباب.

ويقول علاء: “لدينا الكثير من الفرق الرياضية، وتتنوع اهتماماتها، لكننا نضطر الى اللعب في مناطق مجاورة”، مردفا حديثه ان “المناطق الشعبية بصورة عامة مهملة، والفضل خصوصا صارت في عداد النسيان ولا تذكر. مبانيها التاريخية القديمة جدا منهارة، وتحول الكثير منها الى خرائب تحتضن النفايات”.

ويوزّع علاء تلك المشكلات على محلات: المهدية، القسم، القره غول، إضافة الى محلة الثلاث دكاكين”، مضيفا ان “النفايات تتراكم قرب مدرسة والهيثمية وساحة زبيدة”.

ويختتم حديثه منبها الى ان “الكثير من مقاهي الفضل أصبحت أرضا خصبة لتجارة المخدرات والكرستال الذي يفتك بالشباب”.

عرض مقالات: