اخر الاخبار

ضمن سلسلة تقارير يعدها مراسلو “طريق الشعب”، للوقوف على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المحافظات العراقية،  نسلط الضوء اليوم على محافظة الديوانية وهي ثاني اكثر المحافظات تسجيلا لمعدلات الفقر والبطالة وانعدام الخدمات وغياب الامن ومشاكل أخرى عديدة يعيشها ابناء هذه المحافظة.

التقسيم الاداري

وتعتبر الديوانية احدى محافظات الفرات الأوسط، التي يضمها سهل العراق الرسوبي، ويحدها من الشمال محافظتا بابل وواسط. ومن الشرق محافظتا ذي قار وواسط، ومن الجنوب محافظة المثنى، ومن الغرب النجف. وتقدر مساحتها بحوالي (8153) كم2، وبذلك فهي تشكل نحو (1.9%) من مجموع مساحة العراق. ويبلغ عدد سكانها بحسب تقديرات وزارة التخطيط نحو (1359642 نسمة) يعيش منهم (778901 نسمة) في المناطق الحضرية. فيما يقطن (580741 نسمة) في المناطق الريفية.

وتضم المحافظة حالياً خمس عشرة وحدة ادارية، منها أربعة أقضية واحدى عشرة وحدة إدارية بمستوى ناحية، ويضم مركز قضاء الديوانية نواحي السنية، والشافعية، والدغارة. فيما يتكون قضاء عفك من نواحي نفر والبدير وسومر. اما قضاء الشامية فيضم نواحي غماس، والمهناوية، والصلاحية. ويضم قضاء الحمزة ناحيتي السدير، والشنافية.

الزراعة 

وتعتبر الديوانية من المحافظات الزراعية نظرا لوفرة الأراضي الخصبة، حيث بلغت مساحة الأرض المزروعة بمحصول الحنطة في عام 2020 (551045 دونما)، وبمتوسط انتاج (898.7 كغم) للدونم الواحد. وبلغت كمية محصول الحنطة (495224 طنا)، فيما يتوقع ان تبلغ كمية الحنطة للموسم الزراعي الحالي 270 الف طن.

فيما بلغت مساحة الأرض المزروعة من الشعير لنفس العام 206548 دونما، بمتوسط انتاج 510.9 كغم للدونم الواحد، وبلغ انتاجها 105529 طنا. اما حصة الشلب من المساحة المزروعة فكانت 145500 دونم، وبمعدل انتاج 1123.2 كغم للدونم الواحد. وبلغ انتاج المحافظة 163425 طنا، وقد سوقت اغلبها الى سايلوات الحكومة التي بدورها لم تسدد مستحقاتهم حتى الان.

ومع تراجع معدل هطول الامطار الى 92.8 ملم سنويا في عام 2019 والاعوام التالية، عانى المزارعون من خسائر فادحة حيث تقلصت مساحة الأراضي المزروعة خلال العام الحالي الى النصف، وتضرر العشرات من المزارعين (خارج الخطة الزراعية وداخلها) ما عرضهم الى خسارة مبالغ مالية كبيرة. 

التربية والتعليم

ولا يختلف وضع الديوانية كثيرا عن بقية المحافظات في موضوع تردي التعليم، حيث يبلغ عدد رياض الأطفال الحكومية في المحافظة 35 روضة يرتادها (8619 طفلا)، اما رياض الأطفال الاهلية فتبلغ 35 روضة يرتادها 418 طفلا.

ويبلغ عدد المدارس الابتدائية 795 مدرسة منها 56 مدرسة أهلية. كان عدد الطلبة المقبولين فيها لغاية السنة الدراسية 2019/2020، (521970 تلميذا) تسرب منهم (199495 طفلا). فيما يبلغ عدد أعضاء الهيئة التعليمية 14266 معلما، ويعتبر هذا الرقم المفزع استمرارا لعملية هدم العملية التربوية في العراق، ولا يفوتنا ان نذكر ان عدد المدارس في مرحلة التعليم الثانوي لنفس السنة 371 مدرسة تستقبل (146452 طالبا)، فيما يبلغ عدد أعضاء الهيئة التدريسية 9086 مدرسا.

ولا تستطيع كذلك جامعة القادسية استيعاب الاعداد المتزايدة للطلبة الخريجين، ما يضطر الكثير منهم الى الدارسة في جامعات محافظات النجف وكربلاء وبابل وبغداد، وهنا يتحمل هؤلاء الطلبة أوضاعا صعبة من اجل اكمال دراستهم، بحسب الطالب احمد رضا.

الواقع الصحي 

ويشكو قطاع الصحة في المحافظة من تراجع كبير سواء على مستوى البنى التحتية ام الإمكانات المادية والبشرية، حيث ان عدد المستشفيات في المحافظة 13 مستشفى فقط، وبقدرة استيعابية 1316 سريرا مع وجود 81 سيارة اسعاف، عدد منها متعطلة وخارجة من الخدمة. وهذه الأرقام لا تتناسب مع محافظة استقبلت مستشفياتها في عام 2020 وحده 66267 حالة رقود بعدد أيام رقود بلغ (143323)!

ضعف الإمكانيات والخدمات المقدمة للمرضى في المستشفيات دفع العديد من المواطنين للسفر الى مسافات طويلة لغرض مراجعة مستشفيات حكومية في محافظات أخرى مثل بغداد والبصرة، او اللجوء مضطرين الى الذهاب نحو المستشفيات الاهلية والعيادات الخاصة التي تغيب عنها الرقابة، ويتعرض فيها المريض للاستغلال المادي من قبل ضعاف النفوس وفقا للمواطن وسام قاسم، مشيرا الى انعدام المراكز التخصصية للأورام السرطانية وعدم توفر الاجهزة التشخيصية الحديثة التي يحتاجها المريض، فضلا عن عدم توفر العلاج.

الفساد

وفي 30 من اذار الماضي، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، عن تمكن ملاكات مكتب تحقيق الهيئة، من جمع الأدلة بخصوص قيام رئيس وأعضاء لجنة المُشتريات في مُديريَّة بلديَّة الديوانيَّة، بشراء مادة الگاز من مكاتب وهميَّةٍ بوصولاتٍ مُزوَّرةٍ؛ بالرغم من أنَّ التعليمات تلزم بالتجهيز من المواقع الحكوميَّـة.

وأضافت الهيئة في بيان طالعته “طريق الشعب”، ان “العمليَّـة أسفرت عن ضبط (8) مُتَّهمين، هم رئيس وأعضاء لجنة المُشتريات في مُديريَّة البلديَّة في المحافظة”، مُشيرةً إلى أنَّ “المبلغ المصروف لشراء مادة الگاز بتلك الوصولات الوهميَّة بلغ (579,000,000) دينار”.

وأكدت أن “ملاكات المكتب نفَّذت عمليَّـة ضبطٍ في مصرف الرافدين – الجانب الأيمن في الديوانيَّة، وتمكَّنت خلالها من ضبط صكٍ عائدٍ إلى قسم ذوي الاحتياجات الخاصَّة في المُحافظة تمَّ صرفه خلافاً للقانون”.

وفي عمليَّةٍ ثالثةٍ، أوضحت الدائرة أنَّه “تمَّ ضبط مُوظَّفةٍ تدَّعي أنَّها تعمل في شركة خطوط الأنابيب النفطيَّة – فرع الديوانيَّة، لقيامها بالاحتيال على المواطنين وإيهامهم بالتعيين في دوائر الدولة لقاء دفع مبالغ ماليَّةٍ لها”.

وتابعت أن “ملاكات مكتب تحقيق الهيئة في المُحافظة نفَّذت عمليَّة ضبطٍ رابعةٍ في هيئة التقاعد بالديوانيَّـة أسفرت عن ضبط إضبارةٍ تقاعديَّةٍ تمَّ بموجبها تسلُّم حقوقٍ تقاعديَّةٍ بلغت (19) مليون دينار على شكل رواتب تقاعديَّـة؛ استناداً إلى تقريرٍ طبيٍّ مُزوَّرٍ”.

ورغم ان الجهود المبذولة في مجال مكافحة الفساد، لكنها لم ترتق الى المستوى المطلوب وبقيت مقتصرة على صغار الموظفين او المسؤولين غير المتعاونين مع الأحزاب المتنفذة حسب ما يراه الناشط المدني امير حسن، مبينا ان عناصر الأحزاب المتنفذة يسيطرون على ملف المحافظة بشكل كامل ويمنعون ويسمحون لمن يرغبون فيهم بالعمل في المحافظة مقابل اتاوات للعصابات الصغيرة، وتقاسم للاموال مع كبار المسؤولين.

الفقر والبطالة

وحذرت الحكومة المحلية من كارثة تضرب المحافظة نتيجة لارتفاع معدلات الفقر الى 48 في المائة، والبطالة الى 17 في المائة، بسبب توقف التعيينات في القطاع العام وضعف نشاط القطاع الخاص، وفقا لنائب المحافظ فارس وناس، الذي دعا الحكومة إلى الاستفادة من واقع الديوانية الزراعي لإنشاء مشاريع زراعية وصناعية كبيرة توفر فرص العمل للعاطلين. ومن الواضح ان الحلول الترقيعية لمعالجة ازمة الفقر والبطالة بدأت تنعكس سلبا، حيث حاولت استيعاب 22 الفا من المحاضرين بالمجان في مدارس المحافظة لكنها جوبهت بموجة احتجاجات واسعة للمطالبة بتوفير فرص العمل، ولكون الحلول جاءت تحت تأثير الغضب الجماهيري، نشاهد الحكومة عاجزة عن توفير فرص العمل للخريجين الذين يجوبون شوارع المحافظة، وفقا لرأي الخريج علي زامل، الذي اشار الى ان الحكومة المحلية فشلت في صرف موازنتها الاستثمارية التي كان من الممكن لها توفير الخدمات وتحريك المشاريع المتلكئة، وبالتالي خلق فرص عمل، لكنها بقيت تتفرج على المواطنين وهم يرزحون تحت وطأة ورقة الحكومة الاقتصادية البيضاء التي لم تكتف بالفشل في وضع معالجات للازمة الاقتصادية، لكنها فاقمت الازمة وتسببت في ارتفاع الأسعار.  ويبدو ان الحكومة غير مهتمة بمعالجة أوضاع الديوانية، حيث انها خصصت 40 مليار دينار للمحافظة فقط في مشروع موازنة العام المقبل، ما يعني تفاقم الازمة الخدمية وعدم تنفيذ مشاريع تنموية لتقليص معدلات البطالة والفقر.

ولم تترك هذه الإجراءات امام الشباب من خيار سوى مواجهة الموت في محاولة للحصول على فرصة لترك العراق وهجرته. ويعتقد زامل أن حلم الشباب هو الهجرة الى خارج العراق او محاولة إيجاد فرصة عمل في محافظة أخرى، منوها الى انه يحلم بالخلاص من هذا الكابوس بأي طريقة ممكنة، حتى ان كان القتال في الحرب الروسية ـ الأوكرانية.

الخدمات

ورغم الحديث عن معالجة المشاريع المتلكئة في المحافظة، والبالغ عددها 20 مشروع، لكن الامر لم يغادر خانة التصريحات وبقي مشروع مجاري الديوانية الكبير دون انجاز رغم الوعود المتكررة من قبل وزارة الاعمار والإسكان، حيث لم تصل نسب الإنجاز حتى الان الى 65 في المائة برغم ان تنفيذ المشروع بدأ في عام 2011.

ولم يزل الطريق الرابط بين الديوانية والنجف يحصد أرواح المواطنين المسافرين، واصبح منظر مشاهدة الحوادث المرورية شيئا من الروتين للمسافرين، اما اكمال ملعب السنبلة بسعة 30 الف متفرج، فقد اصبح حلما بعيد المنال رغم وصول نسب الإنجاز فيه الى 80 في المائة بعد فشل الحكومة في توفير المبالغ المالية الكافية لاستكمال مراحل بنائه. ولم تسلم المحافظة من وباء المخدرات، حيث تلاحق القوات الأمنية عصابة الاتجار بالمخدرات بشكل متواصل لكن الامر يبدو انه بحاجة الى جدية اكبر في متابعة هذا الملف كون من يديره يمتلك السلطة والحماية من العقاب.

وتقتصر الإجراءات الحكومية على التحذير من الصيد الجائر في هور الدملج للصيادين بواسطة السم والكهرباء، ما نتج عن ذلك انقراض للاسماك المحلية النادرة مثل الكطان والبني، فضلا عن استهداف الطيور المهاجرة.

القتلة طلقاء

ومن رحم المعاناة ظهر جيل مؤمن بصنع التغيير من شباب المدينة كان له اسهامات واضحة في الحركات الاحتجاجية، ولم يسلم هؤلاء الشباب من اجرام المستفيدين من بقاء الأوضاع الحالية، فقد وجه الرصاص الحي الى صدور المحتجين في انتفاضة تشرين 2019 من قبل القوات الأمنية والمسلحين الذين لم يكتفوا بذلك، بل مارسوا عمليات اغتيال باستخدام عبوات ناسفة، شملت عددا من المحتجين، كان اكثرها أيلاما هي عملية اغتيال الشهيد ثائر الطيب بعبوة ناسفة وضعت اسفل سيارته، حيث يشير مصدر من داخل المحافظة الى ان الجميع يعرف من هو قاتل الطيب لكن لا احد يجرؤ على الاقتراب منه بسبب انتمائه لاحد الأحزاب المتنفذة والتي تمتلك اذرعا مسلحة.

الرياضة

وعلى الصعيد الرياضي يبدو ان طموحات مشجعي نادي الديوانية، تغيرت من تكوين فريق منافس الى الطموح في البقاء في الدوري الممتاز. ولم يحقق الفريق سوى 5 انتصارات مقابل خمسة تعادلات، فيما مني بـ17 خسارة في منافسات الدوري، الامر الذي جعله يقبع في المركز 18 وهو احد المراكز المهددة بالهبوط الى درجة ادنى، رغم تحقيقه الفوز يوم أمس.

ولم يحقق رئيس النادي حسين العنكوشي وعوده في تأهيل وتطوير النادي، وواصل هواية تغيير المدربين بشكل مستمر، الامر الذي وصفه مشجع الفريق محمد عبد اليمة بأن المشروع لم يكن رياضيا بل هو محاولة لاستغلال جماهير النادي لأغراض انتخابية.

عرض مقالات: